فضيحة تنازلات أوباما "السرية" في الاتفاق النووي الإيراني
إذا كنت تعتقد أنك قد سمعت بالفعل الأسوأ بشأن ما وهبته إدارة الرئيس الأمريكي السابق من أجل إبرام صفقة نووية مع إيران، فكر ثانية
إذا كنت تعتقد أنك قد سمعت بالفعل الأسوأ بشأن ما تخلت عنه إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما من أجل إبرام صفقة نووية مع إيران، فكر ثانية.
في فضيحة من العيار الثقيل، كشف تحقيق مطول نشره محرر مجلة "بوليتيكو" جوش ماير، أن فريق أوباما تجاوز سلطات المحققين المخضرمين لإطلاق سراح 7 إيرانيين، وادعى على الملأ أنهم انتهكوا العقوبات الاقتصادية فقط، عير أنهم في الحقيقة، كانوا متهمين بتهديد الأمن القومي الأمريكي كجزء من عصابة لشراء الأسلحة.
وقال ماير إن مبادلة السجناء البارزين التي قام بها البيت الأبيض مع إيران في عام 2016، هي في الحقيقة هبة أكبر بكثير لإيران مما أعلنته الإدارة آنذاك، وإن إدارة أوباما خدعت الشعب الأمريكي بشأن تلك الهبات السرية لإيران، وعرّضت الأمن القومي للخطر.
وقال إنه "عندما أعلن الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، عن مبادرة لمرة وحيدة للإفراج عن السجناء الإيرانيين، الذين لم توجه إليهم تهمة الإرهاب أو أية جرائم عنف في العام الماضي، قدمت إدارته هذه الخطوة كمقايضة متواضعة من أجل المصلحة الكبرى للاتفاق النووي الإيراني، مع تعهد طهران بالإفراج عن 5 أمريكيين".
وآنذاك، قال مسؤول كبير في إدارة أوباما للصحفيين في مؤتمر صحفي للإحاطة بمعلومات أساسية عقده البيت الأبيض: "إيران كان لديها عدد أكبر من الأفراد بالطبع في بداية هذه المفاوضات، كانوا يودون الإفراج عنهم"، مضيفا "تمكنا من تقليص ذلك إلى هؤلاء الأفراد السبعة، 6 منهم إيرانيون-أمريكيون".
غير أن أوباما، والمسؤول الكبير، وغيرهم من ممثلي الإدارة لم يفصحوا عن القصة بأكملها في 17 يناير/كانون الثاني 2016، عندما بدأوا تبادل السجناء، والتنفيذ المتزامن للاتفاق النووي السداسي، وفقا لتحقيق المجلة.
وأشار إلى أنه في خطابه الصباحي ذلك، اليوم الأحد، أمام الشعب الأمريكي، صور أوباما الرجال السبعة، الذين أطلق سراحهم باعتبارهم "مدنيين"، ووصفهم المسؤول الكبير بأنهم رجال أعمال مُدانون، أو ينتظرون المحاكمة بتهم "متعلقة بالعقوبات وانتهاكات الحظر التجاري.
ولكن في الحقيقة، اتُهم بعضهم من قبل وزارة عدل أوباما بتشكيل تهديدات للأمن القومي، حيث يزعم أن 3 منهم كانوا جزءًا من شبكة مشتريات غير مشروعة تزود إيران بالإلكترونيات الأمريكية الدقيقة، التي يمكن استخدامها في تطبيقات صواريخ أرض-جو، وكروز، مثل النوع، الذي قامت طهران باختباره مؤخرًا، ما تسبب في تصعيد التهديدات مع إدارة ترامب.
وكان متهم آخر يقضي عقوبة 8 سنوات سجن للتآمر على تزويد إيران بتكنولوجيا ومعدات أقمار اصطناعية، وكجزء من الصفقة، أسقط المسؤولون الأمريكيون مطالبهم بمصادرة 10 ملايين دولار، قالت هيئة المحلفين الأمريكيين إن مهندس المحركات الجوية تلقاها بشكل غير قانوني من طهران.
وعلاوة على ذلك، في سلسلة من القرارات غير المعلنة، أسقطت وزارة العدل التهم وأوامر الاعتقال الدولية ضد 14 رجلًا هاربًا آخرين، ولم تكشف الإدارة عن أسمائهم أو ما اتهموا به، مشيرة فقط في بيان غير منسوب من 152 كلمة حول اتفاق التبادل إلى أن الولايات المتحدة "أزالت إشعارات الإنتربول الحمراء وأسقطت أية اتهامات ضد 14 إيرانيًا، يعتقد أن طلبات ترحيلهم إلى الولايات المتحدة لن تكون ناجحة".
ووفقًا للتحقيق، حاول 3 من الهاربين استئجار طائرة بوينج لشركة طيران إيرانية تقول السلطات إنها دعمت "حزب الله"، واتُهم الرابع واسمه "هروز دولتازاده" بالتآمر لشراء آلاف البنادق الأمريكية وتوريدها بشكل غير مشروع إلى إيران.
أما الخامس، وهو "أمين رافان" فكان متهما بتهريب هوائيات عسكرية أمريكية إلى هونج كونج وسنغافورة، لاستخدامها في إيران، وتعتقد السلطات الأمريكية أيضًا أنه كان جزءًا من شبكة مشتريات تزود إيران بالمكونات التكنولوجية الحديثة لنوع قاتل من العبوات الناسفة، التي استخدمها الميليشيات الشيعية لقتل مئات الجنود الأمريكيين في العراق.
ورغم ذلك، كان "السمكة الكبرى"، وأكثرهم أهمية "سيد أبولفزل شهاب جاميلي"، الذي اتُهم بالتورط في مؤامرة لشراء الآلاف من الأجزاء ذات التطبيقات النووية لإيران عبر الصين بين عامي 2005 إلى 2012، وشمل ذلك مئات من أجهزة الاستشعار الأمريكية من أجل أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم في إيران، التي أدى تقدمها إلى مفاوضات الاتفاق النووي في الأساس.
وعندما علم المدعون والوكلاء الفيدراليون الأمريكيون الحجم الحقيقي للإفراجات، شعر كثير منهم بالصدمة والغضب، فبعضهم قضى سنوات إن لم يكن عقودًا في العمل على اختراق شبكات نشر الأسلحة العالمية، التي سمحت لتجار الأسلحة الإيرانيين بالحصول على مواد حيوية لبرامج طهران النووية والقذائف الباليستية، وفي بعض الحالات، توفير مواد خطرة إلى بلدان أخرى.
وقال أحد المراقبين الفيدراليين السابقين، الذين شاركوا في مطاردة تجار الأسلحة الإيرانيين والمهربين النوويين: "لم يقتصر الأمر على إطلاق سراح مجموعة من رجال الأعمال الأبرياء، فهم لم يفصحوا عن القصة الكاملة".
وفي ظل عزمها على كسب الدعم للاتفاق النووي، وتبادل الأسرى مع طهران من الكونجرس والشعب الأمريكي، قامت إدارة أوباما بأكثر بكثير من مجرد التقليل من التهديدات التي يشكلها المساجين المفرج عنهم.
ومرة تلو الأخرى، نفى مسؤولون كبار في البيت الأبيض ووزارتي العدل والخارجية، رفض طلبات المدعين العامين لاستدراج أحد الهاربين إلى الدول الصديقة، حيث يمكن اعتقاله، وسرعان ما توارى تجار الأسلحة عن أعين أجهزة إنفاذ القانون الأمريكي.
كما أبطأ رجال الرئيس جهود ترحيل المشتبه فيهم المحتجزين، وبدأوا في إجراء تحقيقات ومحاكمات بطيئة في المشتريات الأمريكية.
وفي الواقع، فإن الإدارة عمدت عن الخروج عن مبادرتها الوطنية الخاصة بمنع انتشار الأسلحة النووية في الوقت نفسه، وفقا لما ذكره ماير، "عندما أحرزت تقدمًا كبيرًا في إحباط شبكات الانتشار الإيراني"، وبالتالي حصلت طهران على ضوء أخضر لمواصلة تحدي القانون الدولي.
وفي وقت الإفراج عن السجناء الإيرانيين، قال البيت الأبيض إن إطلاق سراح "المدنيين" السبعة، كان "بادرة لمرة وحيدة" جلبت أيضًا حرية الأمريكيين المحتجزين في إيران.
في الواقع، كان كل ذلك جزءا من "القيام بكل ما هو مطلوب" للحصول على موافقة إيران، و"قول كل ما هو مطلوب" لبيعه للشعب الأمريكي، بينما رأت طهران كيف أراد أوباما بشدة تلك الصفقة، واستغلت ذلك تماماً.
وآنذاك، وقت تبادل السجناء، قالت وسائل إعلام أمريكية إن الطريقة التي اتبعها فريق أوباما "أنجزت الأمر بشكل قبيح في الواقع"، لكنها لم "تكن تعرف سوى القليل".