من الكوفية للخطابة.. السياسة تقتحم امتحانات العرب
في لحظة تشابك بين الهم العام والخاص في عالم عربي يموج باضطرابات وحروب وفوضى، اقتحمت السياسة أروقة الدروس وفرضت نفسها على امتحانات الطلاب.
وفي أجواء كهذه تلتبس الدعوات، وتفرض الأيديولوجيا سطوتها على حرية التعبير، فتغيب عقل نقدي يفترض تأسيسه في المدارس والجامعات، تحت شعارات تثير مخاوف بالنظر إلى مصدرها.
الكوفية
بينما تتواصل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وسط مأساة إنسانية مروعة، دخلت "الكوفية الفلسطينية" ضمن الجدل العام في تونس.
والكوفية الفلسطينية رمز نضالي فلسطيني، وطالما حافظ الرئيس الراحل ياسر عرفات على التمسك به، وهو رمز يختصر سنوات من الكفاح لنيل الحقوق الفلسطينية.
لكن في تونس انتشرت دعوات لارتداء الكوفية في امتحانات البكالوريوس، إلا أن الدعوة أثارت حفيظة السلطات التي تخوفت من مصدرها، ومنعت دخول الاختبارات بها.
وفي توضيح لطبيعة الإجراء قالت وزيرة التربية سلوى العباسي في تصريحات إعلامية، اليوم الإثنين، إن البيان المتعلّق بمنع ارتداء الكوفية الفلسطينية في امتحان البكالوريس صادر عما وصفته بـ"حسابات غير بريئة" على مواقع التواصل الاجتماعي لجهات لديها أجندات سياسية في محاولة للدفع بالتلاميذ إلى متاهات بغاية إرباك وزارة التربية.
وأوضحت أن "التلميذ التونسي واع ويعتنق مبادئ الدفاع عن القضية الفلسطينية، وتونس كانت مثالا مشرفا في العالم في الدفاع عن الفلسطينيين قيادة وشعبا، ولا مجال للمزايدات في هذا الموضوع".
وأشارت إلى أنّ ارتداء الكوفية داخل القسم سيعيق المترشّح عن إجراء الامتحانات في أفضل الظروف، خاصة أن الطقس سيكون حارّا والقاعات غير مكيفة والشبابيك لا يمكن فتحها.
وشددت الوزيرة التونسية على أن "من يريد تبليغ رسالة ومساندة القضية الفلسطينية له ذلك، ويمكنه ارتداء الكوفية لكن عليه نزعها بمجرد دخوله القاعة، ومن يفعل عكس ذلك فقد تجاوز أوامر الوزارة"، مستدركة "بعد انتهاء الاختبارات وفي نهاية السنة الدراسية ستنظم الوزارة حملات تبرع ومسرح مدرسي وملتقيات لمساندة القضية الفلسطينية".
وأضافت أن "القضية الفلسطينية ليست مجالا للمزايدة والمساومة، ومن يعتقد أنه سيُربك ويحرج الدولة ووزارة التربية أقول له نحن لا نُحرج أمام الحق والواجب والقانون والوطن" حسب تعبيرها.
جيش السودان في الامتحان
وفي السودان، دخل الجيش الذي يخوض صراعا مريرا مع قوات الدعم السريع منذ أكثر من عام، امتحان الصف السادس الابتدائي.
وبالنسبة لتلاميذ في عمر الـ11 عاما كان الاختبار يقترح عليهم كتابة خطاب مواجه فيه للزملاء في الصف لحثهم على الوقوف مع "الجيش السوداني في معركة الكرامة ضد أعداء الوطن".
ولم يكن هذا السؤال، أول علامات عسكرة المدارس في السودان إثر الحرب، إذ توقفت عملية التعليم لأكثر من 11 مليون طفل، بينهم 3.6 مليون يواجهون خطر العودة إلى الأمية بسبب الانقطاع الطويل عن الدراسة، بحسب تقارير محلية.
بينما تعرضت مئات المدارس في مناطق النزاع للاستهداف والتدمير من قبل طرفي الحرب، واستخدمت أخرى كدور لإيواء النازحين الفارين من القتال وباتت خارج الخدمة.
ويجد 5 ملايين طفل أنفسهم محاصرين في مناطق النزاع النشط، وهو ما يعرضهم لخطر فقدان الوصول الحاسم إلى التعليم وخدمات الحماية الأساسية، وفق منظمة إنقاذ الطفولة.
وأدى تمدد مساحة الحرب من الخرطوم إلى ولايات الجزيرة، دارفور، سنار وكردفان، إلى تعرض العديد من المؤسسات التعليمية للاستهداف من قبل الجيش والدعم السريع، إذ تحولت بعض هذه المؤسسات التعليمية إلى منصات لمضادات الطيران.
aXA6IDMuMTYuNzYuMTAyIA== جزيرة ام اند امز