«التلوث كان يبرّد الكوكب».. الأرض أكثر حرارة بعد تنظيف السماء

كشفت دراسة جديدة أن الجهود الضخمة التي بذلتها الصين لتحسين جودة الهواء قد ساهمت، بشكل غير متوقع، في تسريع وتيرة تغير المناخ.
وأظهرت الدراسة، التي شارك فيها علماء من ثمانية مراكز عالمية للمناخ، أن تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت والملوثات الجوية منذ عام 2013، خاصة في شرق آسيا، أدى إلى إزالة "درع شمسي اصطناعي" كان يحجب جزءا من حرارة الشمس، مما تسبب في كشف التأثير الحقيقي لغازات الاحتباس الحراري المتزايدة.
تحول غير متوقع في مسار الاحترار
تشير النتائج إلى أن انخفاض التلوث، رغم كونه أمرا ضروريا لصحة الإنسان، ساعد على رفع درجة حرارة الأرض بمعدل إضافي بلغ نحو 0.07 درجة مئوية، وهو رقم كافٍ لتفسير تسارع الاحترار العالمي خلال العقد الأخير، إلى جانب عوامل أخرى مثل التغيرات في انبعاثات الشحن وزيادة تركيزات الميثان.
ولاحظ الباحثون أنه بينما كان من المتوقع ارتفاع درجة حرارة الأرض بنحو 0.23 درجة مئوية منذ 2010، فقد ارتفعت فعليا بمقدار 0.33 درجة، وهو ما يعزز فرضية أن التراجع السريع في التلوث ساهم في تسريع الاحترار.
التلوث كان "يبرد" الأرض مؤقتا
يقول البروفسور لارا ويلكوكس من المركز الوطني لعلوم الغلاف الجوي في جامعة ريدينغ، والمشارك في الدراسة: "لقد تسبب التلوث على مدى قرن في تبريد الكوكب بشكل طفيف عبر حجب ضوء الشمس. لكن مع تراجع التلوث، زال هذا التأثير الوقائي، وظهرت التأثيرات الكاملة لغازات الاحتباس الحراري".
ويؤكد العلماء أن هذا لا يعني أن تنظيف الهواء هو المشكلة، بل العكس. فالتلوث يسبب ملايين الوفيات المبكرة، وكان من الضروري التخلص منه. إلا أن هذا التراجع كشف حجم الأزمة المناخية الحقيقي التي كانت بعض آثارها مموّهة بفعل التلوث.
الصين في قلب المفارقة
منذ عام 2013، خفضت الصين وحدها انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت بنسبة 75%، نتيجة سياسات صارمة لتحسين جودة الهواء.
ورغم أن هذه الخطوة أنقذت أرواحا، فإنها تسببت في تقليل تشكّل السحب العاكسة لأشعة الشمس فوق المحيط الهادئ، مما سمح بمرور مزيد من الحرارة إلى سطح الأرض، خاصة في المناطق المتأثرة بالرياح القادمة من شرق آسيا.
التحدي المستقبلي
في حين تُزال الملوثات الجوية بسرعة من الغلاف الجوي، تبقى غازات الاحتباس الحراري، مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان، لعقود أو حتى قرون. وهو ما يعني، وفق الدراسة، أن الاحترار سيستمر في العقود المقبلة، ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لخفض الانبعاثات الكربونية.
ويؤكد الباحث بيورن سامسيت من مركز أبحاث المناخ والبيئة في أوسلو أن: "هذا التسارع في الاحترار ليس ناتجًا عن تنظيف الهواء، بل عن إزالة تأثير تبريد مؤقت كان يخفي مدى خطورة أزمة المناخ".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTkg
جزيرة ام اند امز