حفاة حول آبار البترول.. دول نفطية تحت خط الفقر
بدون شفافية وسياسات عادلة ونزيهة، تثبت تجارب العديد من دول العالم أن ثروات النفط الهائلة لا تكفى لتوفير مستوى معيشة جيد للشعوب.
هناك نماذج صارخة على دول تقبع شعوبها في براثن الفقر ويواجهون معاناة قاسية في توفير الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية من الغذاء والمسكن، على الرغم من الاحتياطيات النفطية الهائلة لديها.
ورصدت "العين الإخبارية" في هذا التقرير 5 دول حول العالم تتمتع بثروات نفطية ضخمة، ومع ذلك ترتفع مستويات الفقر وتدنى الخدمات الأساسية لمواطنيها، نتيجة تفشي الفساد والصراعات.
إيران.. متلازمة الثروة والفقر
بمجرد ذكر اسم إيران تثار في أذهاننا أمران أساسيان، هما وفرة النفط واندلاع أزمات اقتصادية وسياسية غير متناهية، حتى أصبحت طهران نموذجا عالميا لمتلازمة الثروة والفقر.
بنظرة إلى ثروات البلاد النفطية، فإنها الخامس عالميا من حيث احتياطيات النفط المؤكدة بنحو 156 مليار برميل في 2019 ، وهو ما يمثل 9 ٪ من حصة العالم.
كما أنها موطن لثاني أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي في العالم بمقدار 32 تريليون متر مكعب ، أو 16٪ من الإجمالي العالمي.
ورغم ذلك، فإن البيانات الاقتصادية تكشف مآسي الشعب الإيراني في ظل فساد النظام الحاكم، فبحسب تقرير صادر عن معهد وارسو البولندي فقد انكمش الاقتصاد بنسبة 10% مع وجود 5 ملايين شخص عاطل عن العمل، وارتفعت تكلفة المعيشة والسكن بنسبة 40% خلال العام الأخير.
وأصبحت تستحوذ إيجارات السكن على 35 إلى 37% من الدخل الشهري للعائلات الإيرانية.
فيما ارتفعت تكلفة شراء المواد الغذائية بمقدار 30%، خاصة في ضوء انهيار سعر صرف الريال الإيراني.
وتتزايد مشاكل الشركات والأعمال مع ارتفاع الضرائب وانخفاض الدعم الحكومي لأسعار السلع وتقيد الأسواق الخارجية بالعقوبات وصعوبة الحصول على العملة الصعبة اللازمة لإبرام التعاملات.
ويقول مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة إن إيران تعاني من تفاقم الأزمات الاقتصادية منذ فترة طويلة وبلغت ذروتها منذ الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي لإيران مع مجموعة (5+1) في مايو/ آيار 2018، ثم عقب ذلك توقيع عقوبات اقتصادية مشددة وفرض قيود على صادرات النفط في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام نفسه.
ويعلق صندوق النقد الدولي على الوقت المتأزم بأن التقديرات تشير إلى سحب طهران ما يقارب 20 مليار دولار من احتياطيات النقد الأجنبي في 2020، وستسحب 16 مليار دولار أخرى العام الحالي.
فنزويلا: أزمة فساد
تصنف منظمة الشفافية الدولية فنزويلا ضمن أكثر دول العالم فسادا، باحتلالها المركز التاسع، وهو ما يفسر الفقر المدقع الذي تعيش فيه البلاد على الرغم من كونها تزخر بأكبر احتياطي يقدر بنحو 300 مليار برميل.
ويُظهر المسح الوطني للظروف المعيشية 2019-2020 والذي نشره باحثون في جامعة أندريس بيلو الكاثوليكية في كاراكاس، أن متوسط الدخل في فنزويلا 72 سنتا أمريكيا يوميا، وبناء على ذلك يعيش 96% من الفنزويليين في فقر 70% منهم في فقر مدقع.
وتعاني فنزويلا من عقوبات أمريكية على الصادرات حتى تراجع الإنتاج النفطي بشكل ملحوظ، خلال السنوات الماضية، حتى بلغ في ديسمبر الماضي 420 ألف برميل يوميا، مقارنة مع 3.2 ملايين برميل قبل 10 أعوام.
وانخفضت صادرات النفط في 2020 إلى 477 مليون دولار من مستوى 2.5 مليار دولار في 2019 و 4.826 مليار دولار في 2018.
العراق.. أزمات متتالية
دخل العراق سلسلة من الأزمات المتتالية على مدار 4 عقود حتى أصبح مستوى المعيشة للمواطنين، لا يتناسب مع كونها واحدة من أكبر الدول النفطية باحتياطيات قدرها 142.5 مليار برميل، وفق تصنيف مؤسسة (GFP) العالمية.
وقدر مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون المالية مظهر محمد صالح، نسبة الفقر في البلاد بلغت 30%.
ومنذ عام 1990 حتى 2019 تراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من 10326.9 دولار إلى 5955.11 دولار.
وبدأت دوامة الأزمات العراقية منذ دخولها في حرب طويلة مع إيران في ثمانينات القرن الماضي ثم توقيع عقوبات اقتصادية دولية عليها عقب غزو الكويت عام 1990، وصولا إلى الاحتلال الأمريكي عام 2003، وهي العوامل التي أدى إلى مشاكل سياسية واقتصادية كبيرة داخل المجتمع العراقي.
نيجيريا: بلد الـ90 مليون فقير
تعد نيجيريا الواقعة غرب أفريقيا واحدة من أكبر دول القارة النفطية باحتياطيات قدرها 37 مليار برميل من النفط احتياطي نيجيريا ويبلغ حجم الإنتاج اليومي أكثر من 2 مليون برميل يوميا.
ومع ذلك، يقدر البنك الدولي عدد الفقراء في نيجيريا بنحو 90 مليون فرد في 2020، وهم يعيشون على أقل من 1.90 دولار في اليوم.
ويتوقع تقرير المؤسسة الدولية أن يقع ما بين 15 و 20 مليون نيجيري في براثن الفقر بحلول 2022 أي يقرب من 10% من السكان، وذلك نتيجة تداعيات وباء كورونا التي ضاعفت من الأزمات التي ضربت البلاد على مدار عشرات السنين.
وتفيد منظمة "أوكسفام" غير الحكومية بأن البلاد عانت من أزمات سياسية عنيفة على مدار قرابة 50 عامات، بسبب تعاقب الأنظمة العسكرية، مشيرة إلى أنه منذ حلول الديموقراطية في 1999 لم يفلح أحد في حل المشاكل السياسية والاقتصادية.
كما تعاني البلاد من اضطرابات داخلية في ظل وجود تنظيمات مسلحة شهير مثل بوكو حرام.
ليبيا.. 10 سنوات من الفوضى
تعاني ليبيا من الفوضى منذ أن أطاحت الاحتجاجات بالرئيس السابق معمر القذافي الذي حكم البلاد لأكثر من 30 عام، ومنذ ذلك الحين واجهت البلاد انقساما داخليا وصراعات مسلحة.
وفي الوقت الذي كشفت فيه وكالة الطاقة الأمريكية أن احتياطي النفط الليبي ارتفع من 48 مليار برميل إلى 74 مليار برميل بعد الكشف عن مخزون من النفط الصخري، فإن إجمالي الناتح المحلي انخفض إلى 51.7 مليار دولار في 2019، من مستوى 74.7 مليار في 2010.
وبالتوازي تراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي إلى 7815.7 ألف دولار في 2019، مقارنة بما قيمته 12340 دولار في 2010
ويبلغ إنتاج ليبيا من النفط الخام يوميا قرابة مليون و250 ألف برميل يوميا وفقا لبيانات المؤسسة الوطنية للنفط.
وكان الإنتاج الليبي يبلغ أكثر من 1.6 مليون برميل يوميا قبل 2011، ويشكل النفط نحو 94% من موارد ليبيا، ويتميز الذهب الأسود في ليبيا بغزارة الآبار المستخرج منها وقربها من موانئ التصدير.
كما تملك ليبيا أيضا احتياطي من الغاز الطبيعي بـ1.4 تريليون متر مكعب يضعها في المرتبة الرابعة بالقارة.
وتحتاج البلاد مبالغ ضخمة لإعادة إعمارها بعد التدمير الذي لحق بمؤسساتها وبنيتها التحتية، وقدر هاني سفراكس، رئيس الغرفة الاقتصادية الليبية المصرية المشتركة، قبل عام تكلفة إعمار ليبيا بـ100 مليار دولار.
aXA6IDE4LjE5MS44Ny4xNTcg
جزيرة ام اند امز