ارتبط البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان الذي رحل عن عالمنا اليوم الاثنين بكرة القدم بشكل استثنائي عبر أكثر من مشهد وبفلسفة خاصة.
وشهدت حياة البابا فرنسيس مواقف عديدة مع الرياضيين وأندية كرة القدم الشهيرة، ولقاءاته مع أبرز نجوم العالم.
واستقبل بابا الفاتيكان أكثر من فريق كرة قدم أوروبي، أبرزها كان نادي برشلونة الإسباني، إلا أن النادي الذي شجّعه لم يكن من أوروبا، بل من مسقط رأسه في الأرجنتين.
زيارة برشلونة
في عام 2016، زار وفد من نادي برشلونة، برئاسة الرئيس السابق جوسيب ماريا بارتوميو، البابا لتوقيع اتفاقية بين مؤسسة برشلونة ومؤسسة "سكولاس أوكورينتيس"، وهي شبكة مدارس دعمها البابا فرنسيس.
وكان برشلونة أول نادٍ في العالم يبرم اتفاقية من هذا النوع، ومثّله في التوقيع نائب الرئيس جوردي كاردونر، ونائبا رئيس المؤسسة رامون بونت ورامون سيركو، ومدير النادي آنذاك باو فيلانوفا.
زيارة سيلتا فيغو
وقبل عامين، استقبل بابا الفاتيكان لاعبي ومسؤولي نادي سيلتا فيغو الإسباني بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس النادي.
وخلال هذا اللقاء، وجه البابا مجموعة من الرسائل الخاصة حول كرة القدم والحياة، عكست فلسفته العميقة عن الرياضة كأداة للسلام والتقارب.
زيارة يوفنتوس
قبل 12 عامًا، التقى وفد من فريق يوفنتوس الإيطالي بالبابا فرنسيس في الفاتيكان، وقاد الوفد آنذاك الحارس الأسطوري جيانلويجي بوفون، والمدرب أنطونيو كونتي.
وقد ترددت في حينه شائعات تفيد بأن البابا يشجّع يوفنتوس، نظرًا لانحدار أصوله من منطقة بييمونتي، مسقط رأس النادي.
وقال بوفون عن تلك الزيارة: "لقد كانت فرصة رائعة، ولم أكن أتوقع وجود هذا العدد الكبير من مشجعي يوفنتوس في الفاتيكان، وأقصد بذلك المشجعين الحقيقيين".
وقدّم بوفون للبابا قميصًا موقعًا من جميع أعضاء الفريق، بالإضافة إلى نسخة من كأس الدوري الإيطالي الذي توج به يوفنتوس في ذلك الموسم.
البابا فرانسيس وميسي
رغم أن البابا فرنسيس أرجنتيني الأصل، إلا أنه لم ينحز لابن جلدته، ليونيل ميسي، أسطورة برشلونة ومنتخب التانغو، عندما سُئل عن أفضل لاعب في تاريخ كرة القدم.
وجاء السؤال حول المقارنة بين ميسي ودييغو أرماندو مارادونا كأفضل لاعبين في تاريخ الساحرة المستديرة، ليجيب البابا قائلاً: "أود أن أضيف اسماً ثالثاً، هو البرازيلي بيليه. الثلاثة عظماء، ولكلٍّ منهم نقطة تميّز، في الوقت الحالي، ميسي لاعب رائع ومذهل".
فلسفة البابا فرانسيس عن الرياضة
تُعد الرياضة في نظر البابا فرانسيس أكثر من مجرد منافسة، فهي وسيلة لتعزيز القيم الإنسانية النبيلة. وقد قال في إحدى رسائله الملهمة:
"الرياضة فرصة لإعادة اكتشاف القيم وتعزيزها، مثل العطاء بسخاء، والعمل الجماعي، والترحيب بالآخر كصديق، بما يسهم في بناء عالم أكثر اتحادًا وأخوّة."
وفي حديث آخر أوضح: "في الملعب كما في الحياة، أسلحتكم هي تلك اللفتات الصغيرة التي لا ننتبه إليها أحيانًا: الفوز انطلاقًا من التواضع، والعمل الجماعي دون الاعتماد فقط على القوة الذاتية، ومعرفة أن النصر هو ثمرة جهود الجميع."
وأضاف: "هو أيضًا بذل الذات بسخاء، وبذل كل جهد، والتضحية من أجل الآخرين."
وتابع الأب الراحل: "العمل الجماعي أمرٌ أساسي؛ فعندما لا نعمل كفريق واحد، نخسر جميعًا، سواء في الرياضة أو في الحياة."
كما شدّد على أن: "مقارنة أنفسنا بالآخرين تُساعدنا على التعلّم وتطوير الذات، فهي أداة للتحفيز واختبار الأداء."
وحذّر من فقدان الشغف قائلاً: "عندما تفقد الرياضة بُعدها كهواية، تتحول إلى عملٍ عقيم، خالٍ من الحماس."
استضافة سيلتك
في عام 2023، استضاف البابا فرانسيس نادي سيلتك الإسكتلندي في العاصمة الإيطالية روما، على هامش مواجهة الفريق أمام لاتسيو في دوري أبطال أوروبا.
وفي لقائه مع اللاعبين، أطلق البابا مجددًا رسائل توجيهية قائلاً: "صحيح أن الفوز في المباريات يُفضّل دائمًا على الخسارة، لكنه ليس الأهم. الأهم هو القدوة التي تقدمونها سواء في الفوز أو الهزيمة، داخل الملعب وخارجه؛ قدوة تُجسّد فضائل الشجاعة، المثابرة، الكرم، واحترام كرامة الآخر."
وأكد البابا أن اللاعبين ليسوا مجرد رياضيين، بل سفراء للقيم الإنسانية، قائلاً: "المعايير التي يُفترض أن تضعوها لأنفسكم لا تقتصر على الأداء الرياضي فقط، بل تشمل النزاهة والصفات الأخلاقية."
وختم برسالة قوية: "ينبغي أن يرى الناس فيكم ليس فقط لاعبين مميزين، بل أيضًا رجالًا طيبين، ذوي قلوب كبيرة، يدركون قيمة المزايا التي يتمتعون بها، ويستخدمونها بحكمة في خدمة المجتمع."
النادي الذي يشجعه بابا الفاتيكان
رغم إقامته في إيطاليا، لم ينسَ البابا الراحل فرانسيس أصوله الأرجنتينية، البلد الذي وُلد فيه. وعندما كُشف عن الفريق الذي يشجعه، أعلن دون تردد: سان لورنزو الأرجنتيني.
وفي عام 2014، استقبل بابا الفاتيكان بعثة فريق سان لورنزو عقب تتويجه التاريخي بلقب كوبا ليبرتادوريس، في مشهد عاطفي عكس عمق العلاقة بينه وبين النادي، ويُذكر أن والده كان أحد لاعبي فريق كرة السلة بالنادي.
وقال البابا آنذاك: "أنا سعيد جدًا بهذا الإنجاز، لكنه ليس معجزة، لقد فازوا بجدارة." وأضاف مبتسمًا: "سان لورنزو كان الفريق الذي شجعته عائلتي بأكملها. والدي لعب في فريق كرة السلة، وعندما كنا صغارًا، كنا نذهب أحيانًا إلى الملعب برفقة والدتي."