جبال كردستان تتنازع على رئاسة العراق.. مرشح توافقي أم صدام؟
من بغداد إلى كردستان، تتحرك الأزمة السياسية الدائرة في العراق حول تشكيل الحكومة الجديدة وانتخاب رئيس جديد للبلاد.
ودخلت العملية السياسية منعطفاً جديداً بعد شق طريق الجلسة البرلمانية الأولى وتسمية هيئة رئاستها الشهر الماضي، إلا أنها عادت للتعثر مجددا حول كرسي رئاسة الجمهورية.
ذلك التعثر جر البلاد إلى خرق التوقيتات الدستورية التي انتهت في الـ9 من الشهر الحالي، بعد إخفاق مجلس النواب في عقد جلسة مكتملة النصاب لانتخاب رئيس للجمهورية.
وجاء الإخفاق بعد مقاطعة أغلب القوى السياسية الكبيرة لجلسة النواب على خلفية الخلاف حول مرشحي رئاسة الجمهورية عن الحزبين الكرديين؛ الديمقراطي والاتحاد الوطني.
ودفعت الاصطفافات السياسية ما بعد مشهد الانتخابات التشريعية أكتوبر/تشرين أول الماضي، الاتحاد الوطني الكردي الذي يمثله المرشح الرئاسي والرئيس المنتهية ولايته برهم صالح، نحو التحالف مع قوى الإطار التنسيقي، فيما وضعت الحزب الديمقراطي الكردستاني ومرشحه هوشيار زيباري على خط التقارب مع زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر.
ورغم أن منصب رئيس الجمهورية، بحسب الدستور العراقي الصادر عام 2005 ، تشريفي وفخري، إلا أن تفسير المحكمة الاتحادية حول الكتلة الأكبر التي لها حق تشكيل الحكومة، أدى إلى تعزيز رغبة الأطراف المتنافسة للوصول إلى القصر الرئاسي.
وقالت المحكمة الاتحادية بوصفها السلطة القضائية الأعلى، في تفسيرها الصادر بوقت سابق الشهر الجاري، إن رئيس الجمهورية المنتخب داخل البرلمان، يملك حق تكليف مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً بتشكيل الحكومة الجديدة.
وخلال الدورات الخمس الماضية، كان رئيس مجلس النواب المنتخب يملك الحق في تسمية القائمة النيابية الأكبر ويمرر الأمر إلى رئيس الجمهورية المنتخب، والذي بدوره يتبنى تكليف هذه الكتلة الأكبر، بتشكيل الحكومة.
مرشحون جدد وحراك يحتدم
بعد إخفاق مجلس النواب في عقد جلسته المخصصة في التصويت على مرشحي منصب رئيس الجمهورية، قررت هيئة رئاسة الجلسة، فتح الترشح مجدداً مع أحقية المتنافسين السابقين في التقدم بطلبات جديدة لخوض التنافس مجدداً.
ومن بين 25 مرشحاً كانوا قد تقدموا لشغل منصب الرئيس، كان برهم صالح المنتهية ولايته ووزير الخارجية السابق هوشيار ويباري المرشحان الأبرز في السباق، قبل أن تقرر المحكمة الاتحادية وقف ترشح الأخير.
ومع انطلاق التنافس مجدداً، يكون الحزب الديمقراطي الكردستاني قد فقد مرشحه الأبرز والأوفر حظاً لمنصب الرئيس، مما يصعد من فرص وحظوظ الاتحاد الوطني وبرهم صالح.
وعدت قيادات في الحزب الديمقراطي الكردستاني، قرار المحكمة الاتحادية بوقف ترشح زيباري لمنصب الرئيس، "موقف سياسي مبيت لا شأن للقضاء فيه".
وكانت المحكمة الاتحادية أصدرت أمراً ولائياً بإيقاف ترشيح زيباري عشية انعقاد جلسة البرلمان للتصويت على مرشحين منصب الرئيس، لتعود لاحقاً وتبت في استبعاده نهائياً، لاتهامه بهدر المال العمد خللا شغله مهام وزير الخارجية خلال الفترة الممتدة بين عامي (2003 -2014).
وحددت المادة الـ68 من الدستور شروط الترشح لمنصب رئيس الجمهورية وبينها أن يكون غير محكوم بجريمة مخلة بالشرف.
إلا أن الحزب الديمقراطي الكردستاني لم ينتظر طويلاً، وبحث عن بديل لمرشحه الأقوى الذي أسقطه القضاء، ليعلن عن ترشيح وزير داخلية كردستان، ريبار أحمد خالد للرئاسة، والذي يحظى بمقبولية كبيرة بين الأوساط السياسية وخصوصاً الكردية.
وكانت مصادر قضائية مطلعة أفادت اليوم الإثنين، بأن المحكمة الاتحادية أغلقت باب الترشيح بنهاية مدة استلام طلبات المتقدمين لشغل منصب الرئيس.
يأتي ذلك في وقت أفادت فيه مصادر مطلعة "العين الإخبارية"، بأن "هناك حوارات لا تزال جارية للتقريب بين الحزبين الكرديين للخروج بمرشح توافقي واحد لمنصب رئيس الجمهورية".
وجرى العرف السياسي في العراق منذ انتخاب أول حكومة برلمانية عام 2006، أن يكون منصب رئيس الجمهورية من حصة المكون الكردي.
وأشكل رد سابق للمحكمة الاتحادية على استفسار وجه لها عن النصاب القانوني لانعقاد جلسة انتخاب الرئيس، عقد الجلسة، إذ أصرت المحكمة على وجود حضور ثلثي أعضاء مجلس النواب الجلسة.
"تعديل الدستور"
إلى ذلك، دعا رئيس هيئة القضاء الأعلى في العراق فائق زيدان، إلى تعديل بعض فقرات الدستور العراقي، وخصوصاً بنود تشكيل الحكومة وانتخاب الرئيس.
وقال زيدان في مقال مطول نشره على صفحاته الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي، إن الدستور كتب في ظروف معينة كانت تعيشها البلاد وبما يتناسب مع المعطيات الحاضرة آنداك، مما يفرض أن يتم تحديث بعض نصوصه وفقاً لمتطلبات اليوم وما أفرزته المراحل اللاحقة على كتابته.
فيما يؤكد رئيس مركز "تفكير" السياسي "بحثي"، إحسان الشمري، أن "سيناريوهات الاتفاق على شخصية المرشح الرئاسي بين الفرقاء السياسيين، هي من تحدد يسر وسهولة التصويت على ذلك المنصب".
ويضيف الشمري لـ"العين الإخبارية"، أن "ما يجري الآن محاولة للرهان على الوقت والاشتغال عند مقتربات اللحظات الأخيرة ما بين فريقي الخلاف السياسي، الإطار التنسيقي والأغلبية"، لافتاً إلى أن "وقائع الصراع تشير إلى أن الحكومة المقبلة لن تأتي دون تدخل جراجي كونها ستكون ولادة قيصرية بامتياز".
aXA6IDMuMTQzLjUuMTYxIA==
جزيرة ام اند امز