طابع بريدي بكردستان يقض مضاجع أنقرة وطهران.. ما السبب؟
دفعت طوابع بريدية صادرة عن إقليم كردستان العراق بمناسبة زيارة قداسة البابا فرنسيس، أنقرة وطهران لتقديم احتجاج شديد اللهجة لدى سلطات أربيل.
وتحركت حكومتا طهران وأنقرة بعد مزاعم بأن أحد هذه الطوابع حمل خارطة مفترضة لـما يسمى بـ"دولة كردية" تجمع أبناءها المتفرقين في تركيا وإيران، رغم أن الطوابع لا تزال في عداد المقترحات ودائرة التصاميم الفنية في إقليم كردستان.
وأظهر أحد تلك الطوابع خارطة لدولة مركزها إقليم كردستان وتمتد مسافات نحو مناطق تركية وإيرانية لجمع بقية شتات الكرد على غرار جمهورية "مهاباد"، التي أنشئت في أربعينيات القرن الماضي.
ومنذ عقود طويلة، يطالب أبناء المكون الكردي الذين يشكلون نحو 20% من مجموع السكان في تركيا و6% من الشعب الإيراني، بالحصول على حق تقرير المصير، جراء عدم حصولهم على حقوقهم في الدولتين وتصنيفهم مواطنين من الدرجة الثانية.
وكانت حكومة إقليم كردستان، أصدرت ستة طوابع بريدية حملت صورة البابا فرانسيس ، بابا الكنيسة الكاثوليكية، تزامناً مع زيارته إلى أربيل وقيادته القداس الإلهي، الأكبر في ملعب "فرانسو حريري".
وهاجمت السفارة التركية في العاصمة بغداد، اليوم الأربعاء، الطابع الذي حمل خارطة لإقليم كردستان ضمت مناطق تابعة لتركيا وإيران، بحسب زعمها
وذكر بيان أصدره السفير التركي في بغداد، فاتح يلدز: "من الملاحظ أن من بين الطوابع التذكارية التي من المتوقع إصدارها من قبل إدارة الإقليم الكردي في العراق بمناسبة زيارة البابا فرنسيس إلى العراق، طابع بريدي يرسم خريطة تشمل بعض المدن في تركيا أيضا"
إلا أن المحلل السياسي جمعة الطرفي، أعاد قراءة الاحتجاج التركي الأخير بشيء من السخرية والتندر، قائلاً "أحلام أردوغان التوسعية بابتلاع العراق أم شعب كردستان وأمنياته بإيجاد وطن يجمع أبنائه فيه؟".
وأوضح الطرفي في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "الغضب الذي اعتلى خطاب أنقرة وطهران يؤكد هشاشة أنظمتهما التي همشت حقوق الأقليات والمكونات وصادرت أوزانهم الإنسانية والاجتماعية".
فيما جاء اعتراض طهران، عبر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، الذي طالب بعدم نشر الطوابع وتدارك الموضوع وإصلاحه بشكل فوري، واصفا إياه بالعمل "غير الودي".
وفي وقت لاحق، أصدرت حكومة كردستان العراق توضيحاً بشأن تلك الطوابع والخارطة المقترحة للدولة الكردية.
وقال المتحدث باسم حكومة كردستان جوتيار عادل، في مؤتمر صحفي عقده بأربيل، إن "عدداً من الفنانين قدم لوزارة النقل والمواصلات نماذج لطوابع تذكارية لزيارة البابا فرنسيس إلى منطقة كردستان"، مشيراً إلى أن "تلك الطوابع ليست سوى مقترحات ولم يتم اعتمادها"، بحسب تعبيره.
وأضاف أن "حكومة كردستان العراق تتعامل مع ملف كهذا في إطار الدستور والسيادة العراقية فضلاً عن احترام مبدأ حسن الجوار".
وجدد المتحدث الحكومي التأكيد على أن "نماذج الطوابع مجرد تصاميم مقترحة"، مضيفاً في الوقت نفسه أن "حكومة الإقليم لم توافق عليها بعد".
وتعليقا على ذلك، قال سيروان أحمد، رئيس مركز "أفكار"، في محافظة دهوك، إن ما اثارته أنقرة وطهران من تحرك سياسي إزاء تلك الطوابع البريدية تقف ورائها إرادات لسحق أي محاولة للتفكير بدولة مستقلة بإقليم كردستان، ولو كان على الورق فقط، وفق قوله.
وأضاف سيروان أحمد في حديث لـ"العين الإخبارية" أن هناك خشية من تكرار سيناريو ما حدث عام 1946 إبان تأسيس الدولة الكردية في شمال غرب إيران واختيار مهاباد عاصمة لها".
ورغم أن ما يسميه الأكراد بـ"الجمهورية الجامعة" أو ما تعرف بـ"دولة مهاباد" التي ضمت أكراد إيران والعراق وتركيا، لم تدم أكثر من 11 شهراً ، إلا أنها دفعت للمزيد من التطورات اللاحقة من أجل الحقوق وكسب اعتراف الحكومات بهويتهم وأحقيتهم على الأرض.
ويعيش الأكراد في العراق حالة استقرار سياسي وجغرافي ضمن شريط ما يعرف بإقليم كردستان بنيل كافة حقوقهم المشروعة التي نص عليها الدستور العراقي.
لكن عدوان تركيا وإيران وشن هجمات متكررة بمزاعم ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني في العراق ، يعقد الصراع وينتهك سيادة العراق.
وكان البابا فرنسيس، وصل الجمعة، الـ 5 اذار /مارس الجاري إلى العراق، في زيارة تاريخية، استمرت ثلاثة إيام التقى خلالها المرجع الديني السيستاني في النجف وأقام الصلاة الإبراهيمية في مدينة اور التاريخية، جنوب البلاد.
كما وصل البابا إلى أربيل في ثالث أيام زيارته وغادرها إلى الموصل ليعود لها عند المساء بعد أداء الصلاة عند مسجد البيعة في المدينة القديمة والقداس التبشيري في كنيسة الطاهرة في قراقوش عند سهل نينوى.
ومساء الأحد الماضي، أقيم القداس الإلهي الأكبر عند ملعب فرانسوا حريري في محافظة أربيل، عاصمة كردستان، وحضره الآلاف بينهم شخصيات حكومية وسياسية كردية.