المشيشي واحتجاجات تونس.. شبح القمع ومخاطر التصعيد
غضب شعبي يتصاعد لهيبه بالمحافظات الجنوبية في تونس، يضيق الخيارات أمام حكومة تبدو عاجزة عن توفير الحلول.
أزمة اجتماعية خانقة انطلقت باعتصام لعاطلين عن العمل، قاد نحو وقف إنتاج الغاز الطبيعي في المجمع الكيميائي بمحافظة قابس جنوبي البلاد، ما أسفر عن انقطاع الإمدادات لجميع محافظات المنطقة الجنوبية.
اللجوء للقوة؟
أمام تواصل الاحتجاجات المطالبة بتوفير الغاز المنزلي، خصوصا في ظل تزامن الأزمة مع فصل الشتاء وتفشي فيروس كورونا، تتجه الأنظار إلى رئيس الحكومة هشام المشيشي، بانتظار حلول تنهي معاناة المواطنين.
غير أن مصادر حكومية مطلعة، قالت للعين الإخبارية، إن المشيشي أمر بضرورة التحرّك الفوري لبسط سلطة القانون، وإعادة تشغيل مواقع الإنتاج التي أدّى غلقها إلى صعوبات في التزوّد بالمواد الأساسية لدى عموم التونسيين، والإضرار بمصالحهم الحيوية وأمنهم العام وأمن البلاد القومي.
وأوضحت ذات المصادر أن المشيشي التقى مع وزيري الداخلية توفيق شرف الدين، والدفاع إبراهيم البرتاجي، لتنسيق كيفية التدخل الأمني في محافظات الجنوب .
وشهدت تونس، انطلاقا من يوليو/ تموز الماضي، اعتصامات مفتوحة في حقول النفط بمحافظة تطاوين (جنوب)، وإغلاق تام للمجمع الكيميائي في قابس، مما أدى إلى توقف انتاج الغاز الطبيعي .
واتخذت الاحتجاجات من التشغيل مطلبا أساسيا لها، وتخللها اقتحام العديد من المقرات الإدارية بالمحافظات الجنوبية (توزر وقفصة) من قبل المحتجين .
متابعون حذروا من أن قرار المشيشي المحتمل باستعمال القوة، سيزيد في موجة الاحتقان خلال الأيام القادمة.
الكاتب السياسي محمد بوعود، قال إن قرار استعمال القوة مع المحتجين سيرفع منسوب الاضطرابات الاجتماعية، وستكون له كلفة بشرية وسياسية
وتوقع بوعود، في حديث لـ"العين الإخبارية"، حدوث اصطدامات مرتقبة بين قوات الامن والمحتجين، خاصة أن هذه الاحتجاجات غير مؤطرة من قبل المنظمات النقابية بالبلاد، مثل اتحاد الشغل (المركزية العمالية)، ما يجعل انعكاساتها خطيرة على الامن العام المحلي.
وتسبب توقف إنتاج النفط والفوسفات في تونس بأزمة اقتصادية حادة، وصفها وزير المالية علي الكعلي بأنها "غير مسبوقة" في تاريخ البلاد.
وأكد الكعلي، خلال جلسة برلمانية، أن مستويات العجز في الميزانية وصلت 11 % ، في ظل ارتفاع الدين العام إلى 100 % من الناتج الداخلي الخام.
مؤشرات عمقتها أزمة سياسية حادة بين مختلف الأحزاب البرلمانية، وصراعات باردة بين رئاستي الجمهورية والبرلمان.
وحملت رئيسة الحزب الدستوري الحر في تونس، عبير موسي، في تصريحات للعين الإخبارية، مسؤولية تدهور الأوضاع الاجتماعية إلى "حكم الإخوان الذي أدخل تونس في دوامة الأزمات".
وحول مبادرة للحوار الوطني في تونس، اشترطت موسي استبعاد الإخوان من طاولة الحوار، ومحاسبة زعيمهم راشد الغنوشي على جرائمه الإرهابية والاقتصادية التي ارتكبها بحق البلاد .
ومبادرة الحوار الوطني؛ أطلقها اتحاد الشغل مطلع الأسبوع الجاري لحل الازمة القائمة بين الاحزاب البرلمانية وتعديل النظام السياسي .
ومنذ 2014، تعتمد تونس نظاما برلمانيا أثار -ولا يزال- انتقادات واسعة من مراقبين وخبراء.