البلوغ المبكر.. هل تسببت جائحة كورونا في زيادة مستوياته؟
عانت البشرية خلال جائحة كورونا من العديد من المشكلات الصحية، ومن بينها الزيادة المفاجئة في عدد الأطفال الذين يعانون البلوغ المبكر.
البلوغ المبكر المجهول السبب، أو ما يُعرف بـ"البلوغ المبكر غير المحدد"، هو حدوث تغييرات في خصائص النمو الجنسي في سن مبكرة.
ورغم أن هذه الحالة تعتبر نادرة، فإن الدراسات العلمية الحديثة كشفت عن ارتفاع ملحوظ في أعداد الأطفال المصابين بها خلال فترة الوباء، ما أثار تساؤلات حول العلاقة بين الفيروس وطفرات النمو المبكر.
وفي دراسة أجرتها جامعة غازي ومستشفى مدينة أنقرة في تركيا، أظهرت نتائج البحث أن السبب في هذه الزيادة قد لا يكون متعلقًا بالفيروس نفسه، بل بفترة العزل الصحي الطويلة التي تسببت في زيادة الاستخدام المفرط للأجهزة الذكية. حيث أظهرت الأبحاث أن التعرض المستمر للضوء الأزرق المنبعث من الشاشات قد يكون له تأثيرات سلبية على النمو الجسدي، خاصةً فيما يتعلق بنضوج الجسم المبكر.
قام الباحثون بتعريض فئران التجارب الصغيرة للضوء الأزرق المنبعث من الشاشات لفترات طويلة، فتبين أن الفئران التي تعرضت لهذا الضوء لفترات أطول، أظهرت علامات النضوج بشكل أسرع مقارنة بالفئران الأخرى. وأوضحت الدكتورة آيلين كيليش أوغورلو، أستاذة الغدد الصماء بجامعة غازي، أن هذا الضوء يمكن أن يؤثر على مستويات الميلاتونين في الجسم، وهو الهرمون المسؤول عن تنظيم النوم. وعندما يتم تعطيل الميلاتونين بشكل غير طبيعي، فإن الجسم قد يتجه مبكرًا نحو بداية البلوغ.
ورغم أن النتائج لم تكن حاسمة بما يكفي لتحديد السبب المباشر لزيادة حالات البلوغ المبكر حول العالم، إلا أن هذه الدراسات تشير إلى أن الضوء الأزرق قد يكون عاملًا مسهمًا في تسريع عملية النضوج. ففي دراسة أخرى، أظهرت النتائج أن الفئران التي تعرضت لمزيد من الضوء الأزرق خلال فترات أطول كانت مستويات الميلاتونين لديها أقل، بينما كانت مستويات الهرمونات التناسلية مثل الأستروجين والهرمون الملوتن أعلى.
وفي الوقت الذي يتراوح فيه سن بدء البلوغ بين 8 و14 عامًا عند الفتيات و9 إلى 14 عامًا عند الأولاد، فإن الحالات التي تظهر علامات البلوغ المبكر قبل هذا العمر، تحديدًا في الفتيات قبل سن الثامنة، تظل لغزًا طبيًا. وقد سجلت تركيا زيادة كبيرة في حالات الفتيات المصابات بالبلوغ المبكر، حيث ارتفعت الأرقام من 25 حالة في أبريل 2019 إلى 58 حالة في مارس 2020، ما دفع العلماء للبحث عن أسباب متعددة مثل القلق بسبب الجائحة، أو التغيرات في النظام الغذائي، أو حتى زيادة الوقت الذي يقضيه الأطفال أمام الشاشات.
هذه الاكتشافات تشير إلى أن العصر الرقمي قد يكون له آثار صحية غير متوقعة، تضع مزيدًا من الضغوط على النظام البيولوجي للأطفال. وفي النهاية، تبقى العلاقة بين الضوء الأزرق والبلوغ المبكر موضوعًا يحتاج إلى مزيد من البحث والتحقيق، خصوصًا في ظل تزايد الاعتماد على الأجهزة الذكية في حياة الأطفال اليومية.
aXA6IDMuMTUuMTkyLjE5NiA= جزيرة ام اند امز