خيارات أقربها صعب.. كيف تستعد واشنطن لردع كوريا الشمالية؟
واصلت كوريا الشمالية تجارب الإطلاق الصاروخية، التي تستهدف تحسين وسائل هجومها على الولايات المتحدة وحلفائها بالأسلحة النووية، بعد عام من تولي الرئيس الأمريكي جو بايدن منصبه في يناير/كانون الثاني 2021.
وسعت الولايات المتحدة وشركاؤها جاهدين إلى تفادي تلك التهديدات من خلال تعزيز الدبلوماسية، والعقوبات، والردع، ومزيج من القدرات العسكرية الدفاعية والهجومية، لكن محللين يذكرون عددا من الخيارات المتاحة للولايات المتحدة لردع كوريا الشمالية، بينها الهجمات السيبرانية، والمركبة القاتلة، وتغيير رأس النظام.
مستويات جديدة
استأنفت كوريا الشمالية تجاربها للصواريخ الباليستية العابرة للقارات، والتي تستهدف تطوير رأس حربي نووي قادر على الوصول إلى الولايات المتحدة. وفي 18 فبراير/شباط الماضي، أجرت محاكاة مفاجئة لإطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات من طراز "هواسونغ 15"، في تدريب على كيفية شن هجمات نووية قبل حشد الولايات المتحدة وحلفائها لدفاعاتهم بالكامل.
واعتبر تحليل نشرته مجلة "ذا ناشيونال إنترست" الأمريكية أن هذه التجربة دليل آخر على أن الترسانة الصاروخية لكوريا الشمالية تزداد من حيث الحجم وتتحسن من حيث الجودة، مشيرا إلى أنها منذ بدأت موجة التجارب العام الماضي، أطلقت صواريخ ذات قدرات نووية أكثر من أي عام سابق.
وأظهرت العديد من عمليات الإطلاق طرقا مبتكرة وتقنيات تستهدف إبطال الدفاعات الأمريكية، وفي الوقت نفسه، أعلن زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون أن وضع بلاده بشأن النووي "لا رجعة فيه"، فضلا عن تبنى البلد قانونا جديدا يسمح بشن ضربات نووية استباقية وهجمات انتقامية تلقائية حال كانت تواجه تهديدا من قوة أجنبية.
دوافع صاروخية
تواصل بيونغ يانغ تطويرها للصواريخ المسلحة نوويا من أجل القوة والمكانة والأرباح؛ إذ تستهدف الصواريخ ردع الولايات المتحدة وحلفائها وهزيمتهم، إذا استلزم الأمر، وتعزيز وضع كوريا الشمالية والاهتمام العالمي، وتشتيت المراقبين الأجانب والمحليين عن أوجه القصور الاقتصادية والسياسية داخل البلد، وتعزيز نفوذها للحصول على أموال وتنازلات غربية أخرى.
وفي وقت السلم، يمكن لكوريا الشمالية استغلال صواريخ لاستخلاص تنازلات من الولايات المتحدة وحلفائها. ووقت الصراع، تزود البلد بدرع يمكنها أن تشن من خلفه حروبا إقليمية عدوانية، حتى أنه يمكن لصناع السياسة في بيونغ يانغ التطلع إلى مهاجمة بلد آخر، بالاستفادة مما فعلته روسيا في أوكرانيا، والتلويح بترسانتها النووية لردع استجابة عسكرية أمريكية، يقول التحليل.
تدابير غير مجدية
فشلت ثلاثة عقود من المفاوضات والعقوبات والتدابير المضادة العسكرية في دفع كوريا الشمالية للتخلي عن طموحاتها المتعلقة بالأسلحة النووية. وأثبتت الجهود السابقة لإقناع الكوريين الشماليين بأنهم سيكونون أكثر أمنا دون الأسلحة النووية، وتقديم تطمينات أمنية وتدابير بناء الثقة للبلد، بأنها جميعا غير جذابة بشكل كاف.
وقيدت العديد من العقوبات التي يفرضها المجتمع الدولي صادرات وواردات كوريا الشمالية، وساهمت في عزلة قيادتها، كما قيدت مواردها المالية، لكنها لم توقف برامج تطوير الصواريخ لديها. ولم تعد بكين وموسكو تطبقان العديد من العقوبات المفروضة وترفضان تبني أخرى جديدة.
وأشار التحليل إلى أن مصداقية التعهدات الأمريكية بالدفاع عن كوريا الجنوبية واليابان بشتى الوسائل الممكنة، بما في ذلك الأسلحة النووية الأمريكية، كانت تضعف حتى قبل الاستفزازات الأخيرة لكوريا الشمالية. وعلى مدار أعوام، أشارت استطلاعات الآراء إلى أن معظم الكوريين الجنوبيين يريدون الحصول على الأسلحة النووية الخاصة بهم أو حق واشنطن على إعادة الأسلحة النووية الأمريكية إلى كوريا الجنوبية.
كما ناقش بعض القادة اليابانيين بشكل أكثر صراحة خيارات بلدهم النووية خلال السنوات الأخيرة.
وتعكس تلك الآراء الاعتقاد بأن كوريا الشمالية لن تتخلى قط عن أسلحتها النووية، في حين قد يثبت أن الولايات المتحدة غير مستعدة لاستخدام قواتها النووية ضد كوريا الشمالية، إذا كان يمكن لها شن ضربات نووية انتقامية ضد الأراضي الأمريكية.
وأثنى المسؤولون الأمريكيون والمحللون الحلفاء عن الحصول على أسلحة نووية خوفا من شرعنة ترسانة كوريا الشمالية، والتحفيز على مزيد من نشر الأسلحة النووية، وتعزيز سباقات التسلح الإقليمية.
فرص دفاعية:
ورأى التحليل أنه لا يوجد بعد خيار عسكري هجومي جذاب أمام الولايات المتحدة، لافتا إلى أنه حتى مع القوات النووية الأمريكية، قد لا تدمر ضربة استباقية جميع أسلحة الدمار الشامل الموجودة لدى كوريا الشمالية، والموزعة داخل منشآت خفية ومحصنة.
- حرب سيبرانية
كما أوضح التحليل أن ضربة أمريكية أولى يمكن بسهولة أن تعجل بحرب تقليدية بشبه الجزيرة الكورية، والتي قد تكون أكثر تدميرا حتى من الدائرة في أوكرانيا، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة والمدافعين الآخرين قد يجربون عرقلة صواريخ كوريا الشمالية من خلال الهجمات السيبرانية، والحرب الإلكترونية، وغيرها من السبل، لكن عزز المصممون في بيونغ يانغ صواريخ في مواجهة مثل تلك الثغرات.
ولذلك، تصر مراجعة الدفاع الصاروخي لإدارة بايدن على أن الولايات المتحدة ستواصل التقدم على التهديدات الصاروخية الكورية الشمالية على الديار من خلال مقاربة صاروخية شاملة، يكملها التهديد بفرض تكلفة مباشرة عبر الوسائل النووية وغير النووية. وتردد تلك الكلمات أصداء المراجعة التي أجرتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، والتي أكدت مواصلة الولايات المتحدة تحسين قدراتها الدفاعية للبقاء متقدمة على التهديدات الصاروخية لكوريا الشمالية حال واصلت التنامي.
- مركبة قاتلة
ولهذا، تطور الولايات المتحدة الجيل التالي من الصواريخ الاعتراضية لتوفير مركبة قتل أكثر موثوقية للتصدي للتهديد الصاروخي الكوري الشمالي المتنامي.
- تغيير النظام
وفي الختام، اعتبر التحليل أن الحل طويل الأمد للأزمة الكورية هو تغيير داخلي للنظام والتوحيد تحت حكومة تمثل كوريا الجنوبية الحالية. ومع ذلك، لا أحد يعلم المدة التي قد تستغرقها مثل هذه العملية، لكن في هذه الأثناء، يعتبر وجود مجموعة قوية من القدرات الدفاعية، ملائمة لمجموعة من السيناريوهات، أمرا بالغ الأهمية بالنظر إلى بيئة التهديدات المتطورة.
aXA6IDMuMTQ1LjEwOS4yNDQg جزيرة ام اند امز