الغزاوني في الجزائر.. مشروع وساطة موريتانية مع المغرب
من البيت المغاربي، خرجت وساطة موريتانية "غير معلنة" في محاولة لحل الأزمة بين الجزائر والمغرب التي وصلت حد القطيعة.
فقد كشفت مصادر جزائرية مطلعة لـ"العين الإخبارية" أن الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني الذي يزور الجزائر حاليا "حمل معه مشروع وساطة" بين الجزائر والمغرب خلال أول زيارة له بدأها أمس الإثنين إلى الجزائر.
- أول زيارة منذ عقد.. رئيس موريتانيا في الجزائر حاملا ملفات ثقيلة
- الجزائر تعلن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب
المصادر قالت أيضا إن الغزواني يعتزم طرح "فكرة الوساطة" خلال قمته "على انفراد" مع نظيره الجزائري، فيما لم تتضح بعد مرتكزات الوساطة الموريتانية التي تعول عليها نواكشوط لإحداث اختراق في الأزمة بين البلدين المغاربييْن.
يأتي ذلك فيما لم تؤكد العواصم المغاربية الثلاث (الجزائر، الرباط، نواكشوط) أو تنفي مشروع الوساطة الموريتانية.
وفي 24 أغسطس/آب الماضي، أعلنت الجزائر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المملكة المغربية في خطوة غير مسبوقة.
وقدم وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة أسباباً ومبررات بلاده لخطوة القطيعة مع جارتها الشرقية، ووجه اتهامات للرباط قال إنها "استهدفت أمن الجزائر" ووصفها بـ"الأعمال العدائية".
وأشار إلى أن "الاستفزاز المغربي بلغ ذروته عندما طالب ممثل المغرب في الأمم المتحدة باستقلال منطقة القبائل، وهو ما يؤكد أن الرباط تخلت عن التزاماتها في عملية تطبيع العلاقات بين الجزائر والمغرب".
كما قررت الجزائر عقب ذلك، غلق مجالها الجوي أمام الطيران المغربي، وأوقفت تجديد عقد توريد الغاز إلى إسبانيا عبر المغرب.
وردت الرباط بالإعراب عن أسفها لقرار الجزائر الذي عدته "غير مبرر" بقطع العلاقات، نافية الأسباب التي ساقها وزير الخارجية الجزائري في قراره بقطع العلاقات.
وقالت الخارجية المغربية، إن "القرار الجزائري جاء من جانب واحد وسنعمل باستمرار على أن نكون صادقين في علاقات مسؤولة مع شركائنا، وننفي جملة وتفصيلاً الأسباب التي ساقها وزير الخارجية الجزائري في قراره بقطع العلاقات مع المغرب".
الوساطة الصعبة
في هذه الأثناء، اعتبر مراقبون بأن طرح موريتانيا وساطتها بين الجزائر والمغرب في هذا التوقيت تقابلها "مؤشرات متناقضة".
واعتبرت مصادر جزائرية مطلعة تحدثت لـ"العين الإخبارية" أن تنقل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني للجزائر حاملا معه وساطة قد يكون بـ"موافقة مبدئية جزائرية".
وقبل ذلك، قرأ متابعون التصريحات الأخيرة للرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الذي أكد على رغبة بلاده في نجاح القمة العربية المقبلة التي ستحتضنها بلاده في مارس/آذار المقبل، على أنه "استعداد جزائري لإيجاد حل لأزمتها مع المغرب".
وفي تصريحات إعلامية من تونس، شدد تبون على أن الجزائر "تريد من القمة العربية المقبلة أن تكون قمة جامعة شاملة ولن نكرس التفرقة العربية، إما أن تكون قمة جامعة وإما سيكون لنا نظرة أخرى".
وفسر متابعون تصريحات الرئيس الجزائري على أنه "حلحلة في الموقف الجزائري تجاه الوساطة مع المغرب".
أما المؤشر الثاني الذي قدمه المراقبون فهو احتمال اصطدام الوساطة الموريتانية بـ"رفض جزائري" خاصة بعد أن أبدت الجزائر مرارا رفضها أي وساطة عربية أو إقليمية أو دولية مع المغرب لإيجاد سبل لحلها.
بالإضافة إلى كشف الجزائر عقب زيارة رئيسها إلى تونس عن "جهود لإنشاء تكتل إقليمي جديد"، فسره متابعون على أنه "بديل لاتحاد المغرب العربي"، ما يعني بحسبهم بأن "الجزائر ماضية في قطيعتها مع الرباط".
ونهاية الشهر الماضي، كشفت صحيفة "الباييس" الإسبانية عن "رفض الجزائر" وساطة إسبانية مع المغرب خلال اجتماع وزراء خارجية "الاتحاد من أجل المتوسط" في برشلونة.
وذكرت الصحيفة نقلا عن مصادر دبلوماسية إسبانية لم تذكرها، بأن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة "اعتذر لنظيره الإسباني خوسي مانويل ألباريس عن المشاركة في آخر لحظة".
وأوضحت بأن لعمامرة "فضل المشاركة" في منتدى التعاون الأفريقي – الصيني الذي انعقد بالسنغال بالتزامن مع اجتماع الاتحاد من أجل المتوسط.
ووفقاً للمصدر الإعلامي، فقد برمج وزير الخارجية الإسباني "مبادرة وساطة بين الجزائر والمغرب خلال اجتماع منتدى الاتحاد من أجل المتوسط"، قالت إنه "كان سيعرضها على وزيري خارجية الجزائر رمطان لعمامرة والمغرب ناصر بوريطة".
آمال إقليمية
وفي ظل استمرار حالة القطيعة بين الجزائر والمغرب، أبدت دول إقليمية استعدادها لـ"الوساطة" بين البلدين، وسط تقارير إعلامية تحدثت عن تضرر دول المنطقة "اقتصادياً" من القطيعة التي حدثت بين البلدين المغاربييْن.
والشهر الحالي، أعرب الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني عن أسف بلاده للقطيعة بين الجزائر والمغرب، وشدد على أن بلاده "تقف على مسافة واحدة بين البلدين".
وفي تصريحات لصحيفة لبنانية، قال الغزواني إن بلاده "تأسف للعقبات التي تقف في طريقها، وقلقون من عوامل التوتر التي تظهر من حين إلى آخر".
وأكد على أنه "يجب أن نعتمد على حكمة هذين البلدين الشقيقين اللذين تربطنا بهما علاقات طيبة للغاية، نحن مستعدون إذا طُلب منا ذلك".
وأبدى الرئيس الموريتاني استعداد نواكشوط للوساطة بين الجزائر والمغرب، وأعرب عن أمله في "أن يأتي اليوم الذي تعود فيه اللحمة إلى اتحاد المغرب العربي، وإرساء التكامل المنشود، تحقيقاً لإرادة الشعوب وتجسيداً لأحلام الآباء المؤسسين".
مضيفاً في تصريحاته الإعلامية بأن "بلاده على استعداد للعب دور في استعادة اللحمة بين دول المغرب العربي وبلادنا يمكنها أن تلعب دوراً رئيساً في استعادة الروابط".
من جانب آخر، أكد وزير الخارجية الإسباني خوسي مانويل ألباريس، مطلع الشهر الحالي، على أن الجزائر والرباط "شريكان أساسيان لإسبانيا وللاتحاد الأوروبي، ومعهما نبني العلاقة في البحر الأبيض المتوسط".
كما لفت في تصريحات لوسائل إعلام إسبانية بأن مدريد "ستعمل دائما من أجل الانفراج ومن أجل حسن الجوار ومن أجل التعاون لبناء البحر الأبيض المتوسط. الحوار أساسي في هذا الشأن".