22 مرشحا محتملا يجتازون عقبة التوقيعات في انتخابات الجزائر
فشل 132 مرشحا محتملا في تسليم ملفاتهم في آخر يوم من الترشيحات بسبب الشرط القانوني الذي يفرض 50 ألف توقيع في 25 محافظة
نجح 22 مرشحا للانتخابات الرئاسية الجزائية في استكمال أوراقهم وإيداع ملفاتهم لدى السلطة المستقلة للانتخابات، وذلك بعد أن اجتازوا عقبة الحصول على التوقيعات اللازمة.
ومن أصل 147 مرشحا محتملا، لم يودع ملف ترشحه إلا 22 مرشحا بين مستقل وممثل لأحزاب موالية ومعارضة.
- ثقل المرشح أم برنامجه.. من ينقذ انتخابات الرئاسة الجزائرية؟
- انتخابات الجزائر.. رغبة بالتغيير يقابلها توجس من عودة نظام بوتفليقة
ومن أبرز الأسماء التي تمكنت من تجاوز عقبة استمارات الترشح علي بن فليس رئيس حزب طلائع الحريات المعارض وعبدالمجيد تبون رئيس الوزراء الأسبق بصفته مرشحا مستقلا، وعز الدين ميهوبي الأمين العام بالنيابة لحزب التجمع الوطني الديمقراطي الموالي.
ومن المرشحين أيضا عبدالعزيز بلعيد رئيس حزب "جبهة المستقبل" وبلقاسم ساحلي رئيس "التحالف الوطني الجمهوري" الموالي، إضافة إلى المرشحين المستقلين عباس جمال وخرشي النوي وسليمان بخليلي وأحمد بن نعمان والإخواني عبدالقادر بن قرينة رئيس ما يعرف بـ"حركة البناء الوطني".
ومن المرتقب أن تفصل السلطة المستقلة للانتخابات والمجلس الدستوري الجزائري في استيفاء ملفات الراغبين في الترشح لمنصب رئيس الجمهورية بالجزائر الشروط القانونية في غضون الأيام الـ10 المقبلة كما ينص عليه القانون.
مرشح يتقدم باستمارات فارغة
وفي آخر يوم من إيداع ملفات الترشح صنع علي زغدود رئيس حزب "التجمع الجزائري" المفاجأة بعد أن أودع ملفه بأغرب طريقة في تسليم ملفات الترشح، حيث ذكرت وسائل الإعلام المحلية أن "زغدود" تقدم باستمارات "فارغة" ودون إمضاءات من المواطنين كما ينص عليه قانون الانتخابات، وغادر مقر السلطة المستقلة للانتخابات دون الإدلاء بأي تصريح صحفي.
ويشترط قانون الانتخابات في الجزائر على المرشح لمنصب رئيس الجمهورية جمع 50 ألف توقيع عبر 25 محافظة على الأقل، بمعدل 1200 توقيع في كل محافظة.
عقبة التوقيعات
وأظهرت ردود فعل عدد من المرشحين اصطدامهم بعقبة عدد التوقيعات المنصوص عليها في قانون الانتخاب عبر مختلف المحافظات الجزائرية وتباينت تبريراتهم لذلك، إلا أنها التقت عند تحميل المسؤولية لمرشحين آخرين، واتهموا بعضهم بـ"شراء توقيعات المواطنين".
ولخص عمر بوعشة رئيس "حركة الانفتاح" مواقف المرشحين الذين فشلوا في جمع التوقيعات القانونية التي تؤهلهم لخوض غمار انتخابات الرئاسة الجزائرية المقررة في 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل، من خلال بيان لحزبه اطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيله.
وأعلن "بوعشة" انسحابه من الترشح، مرجعا ذلك إلى ما أسماه "قيام بعض المرشحين الآخرين بتزوير استمارات اكتتاب التوقيعات"، وطالب من السلطة المستقلة للانتخابات والأجهزة الأمنية بفتح تحقيق عن "تزوير استمارات الترشح".
واتهم الحزب "ضمنيا" مرشحي أحزاب التحالف الداعم للرئيس الجزائري المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة بالوقوف وراء إخفاقه في جمع التوقيعات من خلال "شراء ذمم الفقراء والبؤساء من فئة الشعب وملء استمارات من القوائم الانتخابية على مستوى المجالس المحلية التابعة للعصابة الموزعة بمثابة كوطات "نظام المحاصصة" مزورة" على حد تعبير البيان.
كما سبق لمرشحين آخرين أن اتهموا "بعض رموز نظام بوتفليقة المسجونين" بـ"تمويل بعض المرشحين"، في إشارة إلى رجال الأعمال الموقوفين بتهم فساد.
العزوف الشعبي
غير أن المراقبين ورغم إقرارهم بوجود تجاوزات وخروقات خلال مرحلة جمع التوقيعات من قبل بعض المرشحين، فإنهم يرون أن فشل أكثر من 132 مرشحا محتملا في إقناع المواطنين بـ"توقيعاتهم فقط" مؤشر على "رفض شعبي لنوعية المرشحين".
وذكر متابعون لـ"العين الإخبارية" أن ظاهرة فشل العدد الأكبر من المرشحين المحتملين في المرحلة الأولى يعود إلى "العزوف الشعبي الذي بدأ قبل الانتخابات نتيجة الخيارات المحدودة التي وجدوها أمامهم من مرشحين لا ينظرون فيهم التغيير الحقيقي الذي ينادون به طوال 37 أسبوعا من المظاهرات".
صعوبات متوقعة
وفي تصريح لـ"العين الإخبارية" ذكر المحلل السياسي الجزائري الدكتور عبدالرحمن بن شريط بأن الجزائر حاليا "أمام واقع عدم تغيير أي شيء، باستثناء الحراك الذي فقد الكثير مصداقيته في الأسابيع الأخيرة".
أما عن مسألة عقبة جمع التوقيعات التي واجهت أغلب المرشحين المحتملين، فقد أرجعها الأكاديمي الجزائري إلى "استشراء الفساد بكل أنواعه في البلاد، والأمر لم يعد قاصرا على جماعة معينة، بل استشرى في مفاصل المجتمع، وأصبح المواطن البسيط جزءا من هذا الفساد، وبالتالي أعتقد بأن الصعوبات التي واجهت هؤلاء المرشحين كانت متوقعة".
وتابع قائلا: "لا يمكن أن ننتظر أن يصبح المجتمع مثاليا بين عشية وضحاها، ويتعامل مع المرحلة بكل إيجابية، والذهنيات والأفكار والانحرافات لا تزال كما هي، وأساليب الأحزاب القديمة في شراء الذمم والأصوات لا تزال قائمة، وكل ذلك لأننا لسنا بمسافة بعيدة عن المرحلة التي عشناها قبل الحراك الشعبي".
وأوضح أن "هذه النقائص يمكن إصلاحها تدريجيا، ونتوسم خيرا في المرحلة المقبلة، ويجب ألا نقفز على الأحداث، وعلينا أن نتحلى بالكثير من الواقعية، وإذا ما ابتعدنا عنها في المجال السياسي فإننا نسيء تقدير النتائج والحكم على الأشخاص والمرحلة بصفة عامة".
مؤشر على مقاطعة الانتخابات
وتباينت قراءات المتابعين لما أسموه "النكسة التي واجهها المرشحون المحتملون" في جمع التوقيعات قبل "ضمان صوتهم الانتخابي"، بين من يراها "غربلة من المواطنين لنوعية غير مرغوبة من المرشحين قبل الحملة الانتخابية"، ومن يراها "مؤشرا على عزوف ومقاطعة شعبية كبيرة لانتخابات الرئاسة".
وذكر المحلل السياسي الجزائري الدكتور عبدالرحمن بن شريط أن الأمر مرتبط بـ"نوعية المرشحين"، وأضاف أننا "تابعنا بعض المرشحين غير المعروفين الذين لم يفتحوا على أنفسهم أبوابا يصعب إغلاقها، ولهم من الكاريزما ما يؤهلهم للمنافسة في الاستحقاق الرئاسي خاصة عندما قدمت حلولا للقضاء على الفساد المالي والإداري، عكس بعض الأسماء التي ظهرت بكل سذاجة واكتشفنا شخصيات غريبة، والناس مهما كانت بساطتهم فإنهم يعرفون طينة الأشخاص".
وعن احتمالات مقاطعة الجزائريين للموعد الانتخابي، أوضح المحلل السياسي أن "الانتخابات الرئاسية المقبلة تأتي في مرحلة صعبة جدا تمر بها الجزائر، وأعتقد أن مجرد إجراء الانتخابات في موعدها هو انتصار في حد ذاته، لأن هناك من يراهن على عدم الوصول إليها وقطع الطريق أمام الانتخابات، ولو كان المواطن الجزائري يدرك خطورة المرحلة وأهمية الانتخابات سيشارك ويقبل أيضا بشكل أفضل".
غير أن المحلل السياسي الجزائري العربي زواق قدم قراءة مختلفة للأسباب الحقيقية التي أدت إلى فشل 132 مرشحا في جمع التوقيعات من أصل 147 مرشحا محتملا، مرجعا ذلك إلى "العزوف الشعبي عن الانتخابات برمتها".
وقال "زواق" في حديث مع "العين الإخبارية": "إن الحديث عن شراء الذمم هو أمر موجود فعلا وهي عملية مدانة أخلاقيا لكنها لا تضر بقية المترشحين المنافسين، والأمر مرتبط بعزوف شعبي عن الانتخابات ورفضها".
وعن تمكن "أحزاب وشخصيات مرفوضة شعبيا" من عهد نظام بوتفليقة من جمع التوقيعات المنصوص عليها في قانون الانتخابات، اعتبر المحلل السياسي أن ذلك ليس "مؤشرا على نجاحها في الانتخابات، بل بداية لمعاقبتها عبر صناديق الاقتراع".
وأوضح أنه لا يوجد أي حزب سياسي في الجزائر يعرف حجمه الشعبي "لأن كل الانتخابات السابقة كانت مزورة ومعدة على المقاس، وترشح أحزاب السلطة لمعرفة إن كانت موجودة في الشارع أم هي مجرد وهم سياسي".
ويرى المحلل السياسي الجزائري أن فشل 132 مرشحا في جمع التوقيعات "يعد مؤشرا قويا على المقاطعة الشعبية الواسعة للانتخابات المقبلة، وهناك الآلاف من الجزائريين يرفضون إجراء الانتخابات حتى قبل موعدها، وآلاف آخرون لا يرون منها جدوى، ومن الطبيعي أن تكون الانتخابات المقبلة منقوصة الشرعية".