الجزائر في أسبوع.. غموض انتخابي وزلزال قضائي وحراك شعبي مستمر
أكبر تغييرات في جهاز القضاء، ومرشحون مثيرون للجدل قبل انتهاء آجال الترشيحات، وابتسامة بوتين.. عناوين أحداث أسبوع الجزائر.
طوى أسبوع الجزائر أيامه دون حدوث المفاجأة التي توقعها كثيرون بخروج مرشح "ليس ككل المرشحين الـ147" الذين يطالب بهم جزء من الحراك الشعبي المتواصل والرافض لإجراء انتخابات الرئاسة، في العاصمة وبعض المدن الأخرى.
- أسبوع الجدل بالجزائر.. انقسام حول الانتخابات والمحروقات والحكومة
- أسبوع الجزائر.. رفض للتدخل الخارجي وعِبر مستخلصة من "خراب الإخوان"
كما شهد جهاز العدالة "أكبر تغيير" في تاريخ الجزائر، بعد حركة التحويلات والتغييرات التي شملت قرابة 3 آلاف قاضٍ، اختلفت القراءات حول توقيتها وأسبابها.
وفي مقابل ذلك، أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن قناعته بتجاوز الجزائر لأزمتها السياسية "بشكل يعزز سيادتها"، فيما أحدثت كلمة الرئيس الجزائري المؤقت "صدمة" عبر مواقع التواصل، بعد أن قدم "عرضاً مفصلاً" للوضع في بلاده.
مصير غامض
لم يبق إلا يوم واحد على آخر موعد لتسليم ملفات الترشح لانتخابات الرئاسة المقرر إجراؤها في 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل، ويترقب الجزائريون بعد منتصف ليل 26 أكتوبر/تشرين الأول القائمة النهائية للمرشحين الراغبين في خلافة بوتفليقة.
ومن أصل 147 مرشحاً محتملاً، لم يودع ملف ترشحه الكامل إلا مرشحان اثنان فقط، وهما عز الدين ميهوبي الأمين العام بالنيابة لحزب "التجمع الوطني الديمقراطي"، والإخواني عبدالقادر بن قرينة رئيس ما يعرف بـ"حركة البناء الوطني".
فيما يتوقع أن يودع أيضا علي بن فليس رئيس حزب "طلائع الحريات" المعارض ملف ترشحه في الساعات المقبلة مع بعض المرشحين الذين تمكنوا من جمع 25 ألف توقيع من 25 محافظة على الأقل كما ينص قانون الانتخاب.
وعكس ما كان متوقعاً، لم تتقدم للترشح لانتخابات الرئاسة الجزائرية وجوه سياسية بارزة "من خارج نظام بوتفليقة"، واقتصرت أسماء المرشحين المحتملين على وجوه من نظامه، وإن اختلف موقع ومصير كل واحد منهم فيما يسمى "العهد البوتفليقي".
وبين زحمة مرشحي النظام السابق، تمكنت أسماء أخرى من أن تصنع لها مكاناً في وسائل الإعلام المحلية، لتكشف عن جانب من برامجها الانتخابية، لكنها "قد تصنع المفاجأة" في ظل "الخيارات المحدودة" أمام الناخب الجزائري كما يرى مراقبون.
واصطدمت كل الضمانات التي قدمتها السلطات الجزائرية لنزاهة وشفافية الانتخابات بترشح أحزاب وشخصيات من عهد بوتفليقة كانت من أول الأسماء المطالبة بالرحيل من قبل الحراك الشعبي.
وفي مقابل ذلك، لم يهدأ الشارع الجزائري خلال بعض أيام الأسبوع الأخير، من المظاهرات الرافضة لإجراء الانتخابات، خاصة يومي الثلاثاء الذي شهد مظاهرة للطلبة، والخميس الذي عرف احتجاج المحامين على ما أسموه "انتخابات فاقدة للضمانات".
غير أن خبراء ومتابعين أشاروا إلى أن الشارع لم يعد تلك المساحة التي تسمح بقياس واستقصاء موقف الرأي العام "بشكل دقيق" كما كان عليه في الأشهر الأولى من الحراك الشعبي، وباتت الجزائر أمام اتساع رقعتي الرافضين للانتخابات، والمتخوفين من سيناريوهات مجهولة إن استمر حال الأزمة على ما هو عليه.
وأجمع خبراء تحدثوا لـ"العين الإخبارية" على "صعوبة التكهن بمصير انتخابات الرئاسة"، بالنظر إلى المعطيات المتناقضة من موقف الشارع ونوعية المرشحين وضمانات نزاهة الانتخابات غير المسبوقة، لكن المؤكد وفق تحليلاتهم أنها "ستشهد إقبالاً متوسطاً" من قبل الناخبين.
تغييرات في القضاء
واختتم أسبوع الجزائر المنصرم أيامه بأكبر تغييرات في جهاز القضاء بتاريخ البلاد، عقب إعلان المجلس الأعلى للقضاء عن أكبر حركة قضائية شملت 2998 قاضياً في جميع محافظات البلاد.
وبموجب التغييرات الجديدة، وافق المجلس على تعيين "775 قاضياً جديداً"، وترقية 1698 آخر إلى درجة "قاضٍ"، فيما تم تحويل البقية من مجالس قضائية إلى أخرى.
وتعد حركة التغييرات الأخيرة الأكبر من نوعها في سلك القضاء بتاريخ الجزائر، والتي وصفها وزير العدل بلقاسم زغماتي بـ"التصحيح العميق لمظاهر مشينة في القطاع بعضها يثير الاشمئزاز وحتى التذمر".
وفي كلمة له أمام المجلس الأعلى للقضاء، أكد وزير العدل الجزائري بأن "عملية التدقيق لوضعية توزيع القضاة عبر التراب الوطني، سمحت بالكشف عن وجود حالات منافية للمنطق السليم، ومناقضة لما ينتظره المواطن من قاضٍ لا تعتريه شبهة".
ووضع زغماتي محاربة الفساد في خندق واحد مع إصلاح جهاز العدالة، وهو التصريح الذي قرأه متابعون على أنه "حرب جديدة ضد قضاة النظام السابق والدولة العميقة".
وأوضح خبراء قانونيون لـ"العين الإخبارية" أن عدداً كبيراً من القضاة المعزولين أو الذين تم تحويلهم من مجلس قضائي إلى آخر، تم تعيينهم خلال الـ25 سنة الأخيرة.
فيما ربط آخرون التغييرات الكبيرة، بـ"محاولة السلطات الجزائرية إبعاد رموز جناحي الدولة العميقة من القضاء من التأثير على مجريات الاستحقاق الرئاسي، كون الأخير أصبح مكوناً رئيساً في السلطة المستقلة للانتخابات" المكلفة بتنظيم ومراقبة كافة مراحل العملية الانتخابية.
بوتين مطمئن وبن صالح يثير الغضب
أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن قناعته بتجاوز الجزائر أزمتها السياسية الحالية بشكل يعزز سيادتها، خلال لقائه الرئيس الجزائري المؤقت عبدالقادر بن صالح الذي شارك في قمة روسيا-أفريقيا بمدينة سوتشي.
وقال بوتين: "نعلم أن أحداثاً مهمة جدا تجري حالياً في الجزائر، ونأمل بكل صدق أن يتجاوز شعبها صعوبات المرحلة الانتقالية".
وأضاف: "كما أننا مقتنعون أن الأمور ستجري بشكل يستفيد منه الشعب الجزائري ويعزز دولته وسيادتها".
من جانبه، قدم عبدالقادر بن صالح للرئيس الروسي عرضاً عن الأوضاع السياسية التي تمر بها بلاده، وعن الخطوات التي اتبعتها السلطات الجزائرية لتجاوز الأزمة، من بينها لجنة الحوار واستحداث السلطة المستقلة لمراقبة الانتخابات.
غير أن حديث بن صالح أحدث موجة غضب في الجزائر خاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأعرب جزائريون عن "صدمتهم" مما أسموه "التقرير المفصل عن وضع داخلي يقدمه رئيس بلد لرئيس دولة أخرى".
وما أثار المزيد من استياء الجزائريين كما أبرزته ردود أفعالهم "الابتسامة العريضة" التي ظهرت على وجه الرئيس الروسي عندما أبلغه بن صالح بأن "طلب اللقاء جاء لنطمئنكم بأن الوضع في الجزائر متحكم فيه".