ما سر تراجع الدولار في مصر؟.. «الأخضر» دون مستوى الـ49 جنيهاً
يواصل سعر الدولار تراجعه مقابل الجنيه المصري في القطاع المصرفي، على الرغم من عودة نشاط السوق الموازية للعملة مرة أخرى.
وفقد سعر الدولار في البنوك نحو 50 قرشًا على مدار يومين، بعدما كان اقترب من المستويات التي سجلها قبل 5 أشهر، عندما تم تحرير سعر الصرف في السادس من مارس/آذار الماضي، حيث سجل مستويات 50 جنيها.
سعر الدولار اليوم
وبلغ سعر الدولار منتصف تعاملات اليوم في بنكي "الأهلي المصري" و"مصر"، أكبر بنكين حكوميين، نحو 48.85 جنيه للشراء، و48.95 جنيه للبيع.
سعر الدولار في السوق السوداء
وحسب مصدر مصرفي مطلع على السوق الموازية، فإن سعر الدولار في السوق السوداء ارتفع إلى 48.93 جنيه للشراء، و49.03 جنيه للبيع، نظرا لانتشار الشائعات حول ارتفاع العملة الأمريكية، ما دفع المضاربين إلى الاتجاه للدولرة.
تراجع الضغوط الجيوسياسية
وذكرت الخبيرة المصرفية، سهر الدماطي، أن تراجع الضغوط الجيوسياسية تسببت في عودة المستثمرين الأجانب إلى أدوات الدين المصرية (أذون وسندات الخزانة) مرة أخرى، ما أدى إلى ارتفاع الجنيه.
وأضافت الدماطي لـ"العين الإخبارية"، إنه خلال الشهر ونصف الماضيين، رفعت وزارة المالية سعر العائد على أذون الخزانة بنحو 3%، ليتخطى 28%، وهو أعلى مستوى منذ تحرير سعر الصرف، نظرا لضغوط ارتفاع عبء الفائدة على خدمة الدين، بالإضافة إلى تراجع إقبال المستثمرين على شراء أذون الخزانة بأسعار فائدة منخفضة.
وتهدف وزارة المالية إلى تقليص الدين العام إلى 88.2% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي 2024-2025، مع السعي للوصول إلى 80% بنهاية يونيو/ حزيران 2027، كجزء من جهودها لتخفيف عبء الدين.
وأشارت الدماطي، إلى أن أذون الخزانة تخضع لسياسة العرض والطلب بين المستثمرين ووزارة المالية، ونظرًا للحاجة المستمرة إلى السيولة، تم رفع سعر العائد على الأذون، لتشجيع المستثمرين الأجانب على الاحتفاظ باستثماراتهم في أدوات الدين المصرية، والحد من خروج أموالهم، خاصةً مع التكهنات التي تشير إلى احتمال خفض الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لسعر الفائدة على الدولار.
في مارس/ آذار الماضي، زادت وزارة المالية سعر الفائدة بنحو 6% ليصل إلى حوالي 32%، تماشيًا مع زيادة مماثلة من البنك المركزي.
ومع ذلك، خفضت الوزارة سعر العائد بنفس النسبة بسرعة خلال الأسبوعين الأولين بعد تحرير سعر الصرف، نتيجة لقلة الحاجة للسيولة وزيادة عبء الفائدة.
وتُعتبر أذون الخزانة من الأدوات المالية المهمة لجذب السيولة لسد عجز الموازنة، وهي معتمدة في مختلف دول العالم، ويطرح البنك المركزي، نيابة عن وزارة المالية، أذون الخزانة بشكل دوري أسبوعيًا لفترات تتراوح بين 3 أشهر و6 أشهر و9 أشهر وسنة.
الأموال الساخنة
ذكر الخبير المصرفي، عز الدين حسانين، أن انسحاب المستثمرين الأجانب من الأسواق المحلية زاد الضغط على الجنيه، خاصةً مع تراجع الأسهم العالمية، كما أن هناك عوامل إضافية تؤثر سلبًا على قيمة الجنيه، مثل توزيعات الأرباح وفوائد الديون المستحقة.
وتابع حسانين لـ"العين الإخبارية"، أن استمرار التوترات الجيوسياسية سيزيد الضغوط على الجنيه، كما يحدث في الدول الناشئة الأخرى، وقد تؤدي إلى خروج المزيد من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، بسبب المخاوف من العواقب السلبية.
وتسببت الحرب الروسية الأوكرانية في خروج استثمارات أجنبية من مصر بنحو 22 مليار دولار خلال النصف الأول من عام 2022، ما فاقم من أزمة النقد الأجنبي التي كانت تعاني منها البلاد، مما جعل الوضع الاقتصادي أكثر تعقيدًا قبل البدء في الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة.
طمأنة الأسواق
وفي الأسبوع الماضي، طمأن رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الأسواق، قائلًا إن الأموال الساخنة التي خرجت لا تتجاوز 8%، وتم تعويضها من السوق المحلية.
مدبولي أضاف، خلال مؤتمر صحفي، أن احتياطي مصر من النقد الأجنبي، يغطي 8 أشهر، وتمتلك الدولة الموارد المالية والنقدية التي تمكها من التعامل مع الأزمات العالمية، والحكومة لا تتأخر على تدبير موارد العملة النقدية الأجنبية لمستلزمات الإنتاج والمواد الخام.
وتأثر الجنيه المصري بشكل ملحوظ من انسحاب المستثمرين الأجانب من أذون الخزانة، حيث وصلت حيازاتهم إلى 35.6 مليار دولار حتى أبريل/نيسان 2024، ورغم الزيادة التي شهدتها في مارس/آذار وأبريل/نيسان، إلا أنها انخفضت في يونيو/حزيران بنحو 4 مليارات دولار، نتيجة لتصاعد التوترات في الشرق الأوسط.
تقلبات العملة المصرية
توقعت شركة الأبحاث "بي إم آي" انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار خلال الفترة المتبقية من عام 2024، إذا استمرت التوترات الجيوسياسية، حيث تقدر أن تتراوح قيمة الدولار بين 47.9 و49.5 جنيه، وهو نطاق أقل من توقعاتها السابقة.
وأشارت الشركة، التابعة لـ"فيتش سوليوشنز"، إلى أن وقف الحرب في غزة قد يسهم في استعادة حركة الملاحة في البحر الأحمر، ما يعزز النشاط السياحي، وقد يتسبب في ارتفاع قيمة الجنيه، إذ أثرت التوترات الجيوسياسية سلبًا على الجنيه بنسبة 2%.
واعتقدت "بي إم آي"، أن السلطات المصرية تهدف إلى السماح بتقلب سعر الصرف كجزء من برنامج صندوق النقد الدولي، وستستمر في التدخل لمنع حدوث تقلبات حادة، حيث تدخلت لدعم الجنيه في عدة مناسبات.
توقعات الجنيه في 2025
وتوقعت المؤسسة البحثية تراجع سعر الصرف بنسبة 2% ليصل إلى 49.67 جنيه بنهاية عام 2025، وطرحت سيناريوهين لتحركات قيمة العملة المصرية:
السيناريو المتفائل: يتوقف على تهدئة سريعة للأوضاع، ما قد يعزز الجنيه ليتراوح سعر الدولار بين 46.5 و48.5 جنيه.
السيناريو المتشائم: إذا تصاعدت التوترات في المتطقة، قد ينخفض الجنيه إلى أكثر من 49.5 جنيه للدولار الواحد، وربما يتجاوز 55 جنيهًا على المدى القصير.