حكم بسجن 4 معارضين يعيد فتح ملف الانتهاكات الحقوقية في قطر
أعاد حكم بسجن 4 مواطنين احتجوا على قانون الانتخابات البرلمانية فتح ملف الانتهاكات الحقوقية في قطر.
جاء فتح ملف الانتهاكات بعد تأكيد المتهمين وذويهم "تسييس الحكم القضائي" الصادر ضدهم، وأنه صادر "بتوجيهات عليا"، على حد قولهم.
أيضا أعاد مواطنون قطريون -قالوا إنهم تعرضوا لانتهاكات حقوقية وأمنية- نشر ما يتعرضون له من السلطات القطرية عقب الحكم الأخير للتذكير بما يواجهونه.
من أبرز الشكاوى والاتهامات التي وجهها قطريون للنظام هي ما قالوا إنها اتهامات بتسييس القضاء وإصدار أحكام بتوجيهات مباشرة والمنع من السفر وسحب الجنسية والتهديد بسحبها وفرض قيود على حرية الرأي والتعبير.
ووثق العديد من القطريين شكاواهم عبر نشر مقاطع فيديو لتأكيد مصداقيتها أو وثائق رسمية تؤكد ما يتعرضون له.
وقضت محكمة قطرية، الثلاثاء، بالسجن المؤبد لـ3 قطريين هم الشاعر محمد راشد حسن العجمي، المعروف بـ"ابن الذيب"، والمحاميان الشقيقان هزاع أبوشريدة، وراشد أبوشريدة، وبالسجن 15 عاما للشاعر محمد فطيس المري على خلفية احتجاجهم على قانون انتخابات مثير للجدل في البلاد.
وتداول نشطاء على مواقع التواصل نص الحكم الصادر ضد القطريين الأربعة، وسط تعتيم من السلطات القطرية، التي لم تؤكد أو تنفي رسميا صحة الوثيقة المتداولة.
والمحاميان القطريان المحكومان رهن الاعتقال منذ أغسطس/آب الماضي، فيما صدر الحكم ضد الشاعرين ابن الذيب وابن فطيس غيابيا كونهما خارج البلاد.
وعقب صدور الحكم نشر محمد ابن الذيب مقطع فيديو فند فيه الحكم وما تضمنه من اتهامات وصفها بأنها "زور وبهتان" وشكك في نزاهة القضاء في بلاده، مشيرا إلى أن الحكم أصدره قاضٍ فاسد.
وبين أنه أصبح أول شاعر بالتاريخ يحكم بالمؤبد مرتين، وأن من حكم عليه في المرة الأولى قاضٍ فاسد، وفي المرة الثانية، قاضٍ أفسد، وأن من أعطى الأمر في الحكمين، هو الشخص ذاته، دون أن يسميه.
وهاجم ابن الذيب قناة ”الجزيرة“ القطرية، وأبرز الإعلاميين فيها، لتجاهلهم الحديث عن الحكم، فيما يزعمون الدفاع عن حرية التعبير.
وسبق أن حُكم على ابن الذيب بالمؤبد عام 2012، بسبب قصيدة اتهم فيها بالتحريض على نظام الحكم، وبعد استئناف الحكم، قضت محكمة التمييز بسجنه 15 عاما بدلا من 25 عاما، ثم خرج من السجن في عام 2016 بعفو من الأمير الشيخ تميم بن حمد.
بدوره، نشر حساب يحمل اسم صالح أبوشريدة قال إنه شقيق المحاميين المحكومين بالمؤبد هزاع وراشد أبوشريدة تأكيدات تشكك في نزاهة الحكم.
وتضمن نص الحكم المتداول على مواقع التواصل الاجتماعي أسماء عدد من الشهود ضد إخوانه، إلا أن صالح أكد أن هؤلاء الشهود لم يظهر منهم خلال المحاكمة سوى شاهد واحد وقدم شهادة مكتوبة، معربا عن استغرابه أخذ المحكمة بها.
وقال في هذا الصدد: "عدد الشهود ضد إخواني في مذكرة الحكم لم نرَ أحدا منهم في المحكمة، حضر شخص واحد منهم فقط وأظهر شهادته من جيبه وقال القاضي للكاتب سجل عندك أن شهادته ملقنة وقال أنا والله ناسي الأحداث اللي صارت لهذا كتبتها.. ناسي الأحداث اللي صارت وانحكم على إخواني مؤبد حسبي الله ونعم الوكيل".
وكانت منظمة العفو الدولية أصدرت بيانا في 30 مارس/آذار الماضي تطالب فيها بالإفراج الفوري عن المحاميين القطريين.
ومرارا، انتقد مغردون قطريون قناة "الجزيرة" لتجاهلها كل ما يتعلق بشؤون القطريين ومطالبهم، في حين تزعم الدفاع عن حرية الرأي في أي مكان بالعالم باستثناء قطر.
وقالت "العفو" في بيانها: "عقب احتجاجات للإعراب عن الاستياء بشأن قانون نظام انتخاب مجلس الشورى الصادر في الآونة الأخيرة، الذي ينطوي على تمييز بحق الأفراد المنتمين إلى قبيلة آل مُرة، لا يزال المحاميان القطريان والأَخَوان هزاع وراشد بن علي أبوشريدة المري قيد الحبس الانفرادي، منذ اعتقالهما التعسفي في أغسطس/آب 2021. ويصل حبسهما إلى درجة التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ويجب الإفراج عنهما على الفور".
وكانت قطر قد شهدت في أغسطس/آب الماضي احتجاجات من قبيلة آل مرة على القوانين المنظمة للانتخابات البرلمانية التي جرت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ووصفوها بأنها عنصرية بعد أن حرمت أبناء القبيلة من حق الترشح.
وقابلت السلطات الأمنية الاحتجاجات باعتقال رموز الاحتجاج الموقوفين، ومن أبرزهم المحامي البارز هزاع بن علي المري.
وأثارت الانتخابات حساسيات قبلية بعد أن وجد بعض أفراد قبيلة آل مرة أنفسهم غير مؤهلين للتصويت، بموجب قانون يقصر التصويت على القطريين الذين كانت عائلاتهم موجودة في البلاد قبل عام 1930.
وإبان تلك الاحتجاجات تعرضت قناة "الجزيرة" لانتقادات لاذعة على خلفية تجاهلها للاحتجاجات التي شهدتها البلاد أغسطس/آب، تجددت هذه الأيام بعد تجاهل الحديث عن الحكم.
المنع من السفر
الناشط الحقوقي القطري عبدالله بن أحمد بومطر المهندي نشر تغريدة في نفس يوم صدور الحكم على القطريين الأربعة قبل يومين أعاد فيها تسليط الضوء على معاناته ومنعه من السفر منذ عام 2013.
وبين أنه تم تهديده بسحب الجنسية وممنوع من السفر دون معرفة السبب وأعاد نشر صورة من طلب قدمه للنيابة العامة يطلب فها رفع منع السفر، مؤكدا أنه لا أحد يرد عليه.
وتستمر السلطات القطرية بمنع مجموعة مواطنين من السفر، منعٌ وصفته مؤسسات حقوق الإنسان بالتعسفي خصوصاً أنه يطبق بدون إجراءات قانونية واضحة ومعلنة وبدون اتهامات ومحاكمات.
ومن بين الممنوعين من السفر: سعود بن خليفة آل ثاني، وهو عضو في الأسرة الحاكمة القطرية ممنوع من السفر منذ العام 2016.
ونشر سعود بن خليفه بن أحمد العبدالرحمن آل ثاني مقطع فيديو عبر حسابه في موقع "تويتر" يشكو فيه أنه ممنوع من السفر بقرار من وزير الداخلية السابق ويناشد الأمير رفع منع السفر عنه.
سحب الجنسية
أيضا ضمن الانتهاكات البارزة التي يتعرض لها قطريون بأوامر عليا، نشر عيسى الشمري مقطع فيديو يوثق شكواه بسحب الجنسية.
وبين أنه تم سحب جوازه وبطاقة هويته منذ عام 2014 رغم أنه "قطري بن قطري".
وبين أنه منذ ذلك الحين وحتى اليوم يحاول معرفة سبب ذلك، وكان الرد عليه أنها أوامر "من فوق".
وغرد قائلا: "8 سنوات مسحوب جوازي وبطاقتي الشخصية، 8 سنين كل ما نروح مكان يقولون من فوق ولا أحد يعرف ليش (لماذا) 8 سنين ندور اللي فوق وتتعطل جميع أموري من فوق، وين فوق ماندري شلون نوصله ماندري من فوق ماندري نطرد خلف سراب من فوق".
وأعادت قضية الاحتجاجات ضد قانون الانتخابات تسليط الضوء على ملف إسقاط الجنسية عن أبناء قبيلة الغفران.
وتمارس السلطات القطرية انتهاكات ممنهجة ضد أبناء قبيلة "الغفران" منذ عام 1996 وحتى الوقت الحاضر، تضمنت التهجير وإسقاط الجنسية وطرد أطفالهم من المدارس وحرمانهم من التعليم ومنعهم من ممارسة حقوقهم المدنية والترحيل القسري وتهجير السكان على نطاق واسع.
وقبيلة الغفران، أحد الفروع الرئيسية لعشيرة "آل مرة" التي تشكل -بحسب أحدث الإحصاءات- ما بين 50% و60% من الشعب القطري.
وكانت عشيرة "آل مرة" قد رفضت انقلاب حمد أمير قطر السابق ووالد الأمير الحالي على أبيه للاستيلاء على الحكم عام ١٩٩٥، ما عرض أفراد ووجهاء القبيلة للتنكيل وسحب الجنسيات وإبعادهم من البلاد إلى دول أخرى مثل السعودية، حيث ينتشر أفراد قبيلة الغفران في المناطق الواقعة على طول حدود البلدين.
ومرارا خلال الفترة الماضية، طالب أبناء القبيلة المنظمات الحقوقية والأمم المتحدة بمساعدتهم في تلبية عدة مطالب عاجلة، وفي مقدمتها استعادة الجنسية وتصحيح أوضاع أبناء قبيلة الغفران وإعادة المطرودين إلى عملهم ولمّ شمل العائلات واسترجاع الحقوق والمزايا بأثر رجعي.