تبادل أسرى بين حماس وإسرائيل.. مفاوضات غير مباشرة بلا أمل
بعيدًا عن الإعلام، تقود مصر مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس حول ملف الجنود الإسرائيليين المفقودين في غزة.
ووفق مصادر فلسطينية، فإن وفدا من حماس يضم شخصية عسكرية واحدة على الأقل من قيادة كتائب القسام (الجناح العسكري للحركة) وصلت، الأربعاء، من قطاع غزة إلى العاصمة المصرية القاهرة للمشاركة في مباحثات غير مباشرة مع إسرائيل حول صفقة تبادل محتملة.
وأفادت وسائل إعلام عبرية بوجود وفد إسرائيلي رفيع المستوى بالعاصمة المصرية لبحث صفقة تبادل أسرى مع الفلسطينيين.
- وفد إسرائيلي يبحث بالقاهرة صفقة تبادل أسرى مع حماس
- تبادل أسرى بين حماس وإسرائيل.. الصليب الأحمر "مستعد" للوساطة
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي: "يزور مصر حاليا وفد إسرائيلي رفيع المستوى برئاسة منسق شؤون الأسرى والمفقودين يارون بلوم والمسؤول الكبير في مجلس الأمن القومي نمرود غاز".
وفي تقرير طالعته "العين الإخبارية"، ذكرت الإذاعة أن "الزيارة تأتي ضمن المساعي لإعادة الأسرى والمفقودين الذين تحتجزهم حركة حماس في قطاع غزة".
وتتوسط مصر بين تل أبيب وحركة حماس، في محاولة للتوصل إلى صفقة لتبادل أسرى فلسطينيين بإسرائيليين تحتجزهم الحركة في غزة منذ عام 2014.
وقبل أيام، أعلن المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر، روبير مارديني، الاستعداد للوساطة بين الفلسطينيين وإسرائيل في صفقة تبادل أسرى.
حراك ولكن
ويؤكد الباحث المختص في شؤون الأسرى، ناصر فروانة، أن هناك حراكاً موجودًا في ملف المفاوضات وقد زاد بعد الحرب الأخيرة على غزة.
وقال فروانة لـ"العين الإخبارية": "هناك مفاوضات عبر جولات عدة تجري في القاهرة، وهناك رغبة إسرائيلية جامحة في إغلاق ملف الأسرى، لكن الجانب الإسرائيلي غير مستعد لدفع ثمن الصفقة، والمؤشرات لا تشير إلى اقترابنا من إتمام صفقة تبادل لأن ظروفها لم تنضج بعد".
ورأى أن الجانب الإسرائيلي يحاول التهرب من دفع الثمن المطلوب وتلبية الشروط الفلسطينية لإتمام الصفقة، في حين أن حماس متمسكة بشروطها خصوصا بسبب إجراءات إسرائيل ضد المعتقلين الفلسطينيين في السجون واستمرار الاعتقالات اليومية بالضفة الغربية.
وتطالب حماس بالإفراج عن الأسرى الذين أفرج عنهم في صفقة شاليط وأعادت إسرائيل اعتقالهم، قبل تقديم أي معلومات عن الجنود المحتجزين لديها.
وتابع فروانة: "نحن بحاجة ماسة لإتمام الصفقة أكثر من إسرائيل لأن آلاف الأسرى بعضهم أمضى عشرات السنوات يدفعون ثمنا من أعمارهم وصحتهم وأجسادهم في سجون الاحتلال، لذلك أعتقد أن الفلسطينيين معنيون بإتمام الصفقة لكن ليس بأي ثمن".
وتعتقل إسرائيل أكثر من 4500 فلسطيني في سجونها، بينهم عشرات النساء ومئات الأطفال.
مطالب الفلسطينيين
فروانة أشار أيضا إلى وجود "مطالب كثيرة من الفلسطينين وآمال عريضة معلقة على الجنود الأسرى بغزة"، معتبرا أن "لا خيارات أمام الفلسطينيين للإفراج عن أسراهم إلاّ بتبادل مع الجنود الإسرائيليين الأسرى في غزة ".
وترفض حماس الإفصاح رسميا عن مصير الجنود المحتجزين لديها، ملمحة إلى احتفاظها بـ 4 جنود أسرى، في حين تتحدث إسرائيل عن جثتي جنديين إسرائيليين فقدا في حرب 2014، وشخصين آخرين دخلا إلى غزة في ظروف غير واضحة.
ويرى فروانة أن المطلوب ضغط داخل المجتمع الإسرائيلي على الحكومة حتى تتحرك وتنجز الصفقة، لافتا إلى أن "الضغط الداخلي يكون ضمن أدوات ضغط عديدة تمارس على حكومة بينيت".
وأشار إلى أن حماس يمكن أن تتنازل عن أوراق قليلة لتغيير المعادلة، لكن تنازلها يشترط فيه أن يقود إلى صفقة كبرى.
وأضاف: "الأمور لا زالت غير ناضجة لصفقة حتى الآن، على إسرائيل أن تستفيد من تجربة مفاوضات التبادل أيام شاليط التي كانت طويلة وعميقة وعلى إسرائيل أن تقبل بالتبادل بعيدا عن الابتزاز والمساومة".
سقف مرتفع
إبراهيم منصور، مسؤول ملف الأسرى بالجبهة الديمقراطية، يرى ن جهته، أن الشروط الإسرائيلية مرتفعة المستوى ولا تستطيع فصائل المقاومة تلبيتها و"لذلك أعتقد أن الأمر بعيد المنال حاليا".
وتشترط إسرائيل إدخال تسهيلات واسعة في غزة مقابل إنهاء ملف الإسرائيليين المحتجزين بالقطاع وعددهم 4 بينهم جنديان تعتقد تل أبيب أنهما قتلا.
وشهدت الفترة الماضية حركة نشيطة لمسؤولين من حماس والحكومة الإسرائيلية إلى العاصمة المصرية في محاولة لتسريع المفاوضات، زادت وتيرتها بعد التصعيد الأخير بين إسرائيل والفصائل بقطاع غزة في مايو/أيار الماضي، وأسفر عن مقتل وجرح الآلاف، قبل أن تنجح مصر في وقف إطلاق النار بين الطرفين.
ويؤكد منصور، لـ"العين الإخبارية"، أن المفاوضات على صفقة التبادل لم تتوقف طوال الفترة الماضية، قبل الحكومة الحالية وقبل الحرب.
لا أمل
وبالنسبة لمنصور، فإن الحكومة الحالية لا تستطيع الإقدام على اتخاذ أي قرار مهما كان، لأن أي طرف فيها قد يعتبر القرار تنازلا غير مبرر ويغادر الحكومة فتسقط الأخيرة، ولذلك فإنها لن تقدم على ما يمكن أن يفككها".
وأضاف أن "الاعتقاد بعدم اقتراب تحقق الصفقة يعود إلى ضعف الحكومة الإسرائيلية الحالية وضعف تركيبتها الحزبية وهذا الضعف يمنع حكومة (نفتالي) بينيت من تلبية الحد الأدنى لشروط الصفقة، لذلك يجب أن نعقد آمالا كبيرة على إتمام صفقة قبل أن تستقر الأوضاع السياسية في إسرائيل".
واعتبر أن إصرار إسرائيل على ربط الصفقة بالإعمار هو "وضع للعصي في الدواليب".
وقال: "شروط المقاومة واضحة أولها إطلاق سراح الأسرى المحررين في صفقة التبادل السابقة والذين أعادت إسرائيل اعتقالهم مرة ثانية وأعادت أحكامهم السابقة وعددهم 49 أسيرا، ثم إن ملف الأسرى يقوم على قاعدة التبادل أسرى مقابل أسرى، بينما الطرف الإسرائيلي مصر على الربط بين الإعمار وفتح المعابر وإدخال الأموال بإطلاق الجنود، وهذا مرفوض فلسطينيا".
وأردف أن "الحكومة الإسرائيلية تعجز عن تلبية شرط الإفراج عن الأسرى القدامى والذين تنعتهم بالأسرى الملطخة أيديهم بدماء إسرائيليين، لذلك لن تضحي حكومة بينيت بإمكانية تفككها مقابل إرضاء الوسطاء".
ورأى أن كثرة الحديث الإعلامي الإسرائيلي حاليا عن الصفقة وزيارات الإسرائيليين للقاهرة تهدف من ورائه حكومة بينيت لإظهار أنها قوية ولديها شروط ولن تضحي بعناصر الأمن القومي، وبالتالي لن تقدم على إطلاق سراح أسرى تدعي أن أيديهم ملطخة بالدماء.