الأسرى يحاصرون إسرائيل.. معركة بطون خاوية جديدة داخل سجون الاحتلال
إضراب الأسرى الفلسطينيين يبدأ 7 أبريل الجاري، حاملا شعار "لا لأجهزة التشويش" التي وضعتها إدارة السجون.
معركة قديمة متجددة يستعد آلاف الأسرى الفلسطينيين لخوضها ضد القمع الإسرائيلي، عبر أسلحة الإضراب المفتوح والمتصاعد عن الطعام لانتزاع حقوقهم، فيما كان يعرف قديمًا بمعركة "البطون الخاوية".
ويبدأ إضراب الأسرى الفلسطينيين في 7 أبريل/نيسان الجاري، حاملا شعار "لا لأجهزة التشويش" التي وضعتها إدارة السجون، مؤخراً، بحسب ما أكده اللواء قدري أبوبكر رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين.
أبوبكر أوضح لـ"العين الإخبارية" أن الإضراب مكون من عدة مراحل، يبدأ بإضراب قيادة أسرى حماس في السجون، وفي 11 أبريل/نيسان ينضم إليهم أسرى آخرون ويتطور لإضراب عددٍ من الأسرى عن المياه في السابع عشر من الشهر نفسه.
معركة الأمعاء الخاوية
والإضراب المفتوح عن الطعام أو ما يعرف بـ"معركة الأمعاء الخاوية"، هو امتناع الأسير عن تناول جميع أصناف وأشكال المواد الغذائية الموجودة في متناوله باستثناء الماء وقليل من الملح.
وهذه الخطوة نادراً ما يلجأ إليها الأسرى؛ إذ إنها تعد الخطوة الأخطر والأقسى التي يستخدمها المعتقلون لما يترتب عليها من مخاطر جسيمة –جسدية ونفسية- عليهم، وصلت في بعض الأحيان إلى استشهاد عدد منهم؛ حيث يبدأ تطوعيا ويتطور في الأول من مايو ليشمل أعدادا أكبر من الأسرى.
ومنذ نهاية فبراير/شباط الماضي، يخوض الأسرى وتحديدا في سجن النقب، ما يشبه انتفاضة واسعة؛ احتجاجًا على تركيب الاحتلال الإسرائيلي أجهزة تشويش وسط مخاوف من تأثيرات صحية خطيرة؛ حيث تتسبب في أمراض سرطانية للأسرى.
وحذر رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين من مخاطر شديدة على وضع الأسرى في حال عدم استجابة إدارة السجون لمطالبهم، في الأول من مايو/أيار المقبل، قائلا: "نعمل على نقل مطالب الأسرى لكل المؤسسات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان للاضطلاع بمسؤولياتهم".
27 إضرابا جماعيا
ومنذ بداية الاحتلال الإسرائيلي، خاض الأسرى الفلسطينيون 27 إضرابا كبيرا وجماعيا لانتزاع مطالبهم، كان آخرها إضراب 17 أبريل/نيسان 2017 الذي قاده عضو اللجنة المركزية لحركة فتح مروان البرغوثي، واستمر 40 يومًا، وبجانب هذه الإضرابات، هناك مئات الإضرابات المحدودة والفردية في تاريخ الحركة الأسيرة الفلسطينية.
من جانبه، أكد فؤاد خفش الباحث المختص في شؤون الأسرى، أن السجون الإسرائيلية تتعرض منذ 4 أشهر لهجمة شرسة من إدارة السجون، وتصاعدت الهجمة منذ شهر تقريباً مع ضغوط من الأحزاب اليمينية الإسرائيلية التي تحاول استغلال قضية الأسرى في الانتخابات.
وقال خفش: "يتصاعد القمع ضد الأسرى حاليا يوما بعد آخر، وحجم الاستفزاز الإسرائيلي زاد ومعه ارتفع غضب الأسرى، ولعل أحد معالم الغضب ظهرت عندما طعن أسيران سجانا إسرائيليا قبل عدة أيام".
وأشار إلى أنه لا يمكن لأحد أن يتوقع مدة الإضراب الذي تحاول مصلحة السجون الالتفاف عليه بالدعوة لتأجيله ريثما تنتهي الانتخابات، مؤكداً أن الأسرى يرفضون التأجيل ويصممون على تحقيق مطالبهم.
وطالب بتحسين حياة الأسرى داخل السجون، وإزالة أجهزة التشويش ورفع الحظر عن الممنوعين من زيارة ذويهم، وإنهاء العزل ورفع كل العقوبات".
وشدد على أنه في حالة عدم استجابة إدارة السجون لمطالب الأسرى سيكون الجميع أمام تصعيد خطير جدا لا يمكن التنبؤ بنتائجه، داعيا المؤسسات الدولية، خصوصا الأمم المتحدة والصليب الأحمر، إلى ممارسة ضغوط على الاحتلال لثنيه عن عقوباته قبل تدهور الأوضاع في السجون.
الخيار الأخير
ولا يختلف اثنان على أن الإضراب يعد الخيار الأخير الذي يلجأ له الأسرى بعد استنفاد الخيارات الأخرى، في ظل تقاعس المجتمع الدولي وعجز مؤسساته الحقوقية والإنسانية عن إلزام الاحتلال الإسرائيلي باحترام الاتفاقيات والمواثيق الدولية في تعاملها مع الأسرى الفلسطينيين القابعين في سجونها ومعتقلاتها، وفقاً لما يؤكده الأسير المحرر عبدالناصر فروانة، الباحث المختص في شؤون الأسرى.
وقال فروانة: "الإضراب عن الطعام لم يكن يوماً هو الخيار الأول أو المفضل للأسرى، إنما هو الخيار الأخير وغير المفضل، وهو الأشد إيلاماً والأكثر وجعاً، فهم لا يرغبون بتجويع أنفسهم ولا يودون في إيذاء أجسادهم، كما لا يرغبون في أن يسقط منهم شهداء في السجون".
وأشار إلى أن الأسرى يلجؤون لهذا الخيار مضطرين ورغما عنهم، تجسيداً لثقافة المقاومة في انتزاع الحقوق المسلوبة وصوناً لكرامتهم المهانة، ودفاعاً عن مكانتهم ومشروعية مقاومتهم للمحتل.
أول إضراب
الباحث المختص في شؤون الأسرى أكد أن الأسرى خاضوا منذ عام 1967 عشرات الإضرابات عن الطعام، وكان سجن عسقلان شهد في يوليو/تموز عام 1970 أول إضراب جماعي ومنظم يخوضه الأسرى، واستشهد خلاله الأسير عبدالقادر أبوالفحم الذي يُعد أول شهداء الإضرابات عن الطعام.
وذكر أن هذا الإضراب وهذه الشهادة، أحدثا تأثيراً كبيراً على واقع الحركة الأسيرة فيما بعد، وشكّل حافزاً للأسرى للاستمرار على النهج ذاته، فتوالت الإضرابات بعد ذلك في إطار الصراع الدائرة رحاه في ساحات السجون كافة، وقدم خلالها الأسرى تضحيات جساماً وسقط من بينهم شهداء: راسم حلاوة وعلي الجعفري وإسحق مراغة وحسين عبيدات.
وأكد أن الأسرى يحاولون بإضراباتهم تحريك المياه الراكدة وإثارة قضيتهم وإعادتها إلى الواجهة من جديد، وتسليط الضوء على معاناتهم، ولفت الأنظار إلى ما تشكله قضيتهم في خضم الصراع الفلسطيني/الإسرائيلي.
ونبه إلى أن مطالب الأسرى كفلها القانون الدولي، وجزء منها كان موجودا من قبل بعدما انتزع بالإضرابات، ولكن إدارة السجون تعود فتصادرها، وبالتالي يضطر الأسرى للجوء للإضراب مجددا لإعادة انتزاعها.
aXA6IDMuMTQxLjI5LjIwMiA=
جزيرة ام اند امز