كل ما تريد معرفته عن موكب المومياوات الملكية.. مصر تتأهب لحدث تاريخي
تتجه أنظار العالم أجمع، السبت، إلى القاهرة، بالتزامن مع شق موكب المومياوات الملكية طريقه من المتحف المصري إلى المتحف القومي للحضارة.
وأكملت القاهرة استعداداتها الخاصة والفريدة من نوعها لنقل 22 مومياء ملكية من الفراعنة حكام مصر الأوائل من المتحف المصري.
وسوف يتم نقل المومياوات الفرعونية إلى المتحف القومي للحضارة المصرية في حي الفسطاط بالقاهرة.
وتقوم أكثر من 400 قناة تلفزيونية من مختلف أنحاء العالم ببث هذا الحدث التاريخي الخاص على الهواء مباشرة.
ويستقبل المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط 22 مومياء ملكية فرعونية ترجع إلى عصر الأسر 17، 18، 19، 20، من بينها 18 مومياء لملوك و4 مومياوات لملكات، في ثاني حدث بعد نقل 17 تابوتاً ملكياً إليه خلال شهر يوليو/تموز 2020.
الموكب الملكي الذي يعد واحداً من أهم الأحداث الأثرية خلال القرن الحادي والعشرين، ينطلق السبت 3 أبريل/نيسان 2021، ويبدأ في تمام الساعة 5 عصرا بتوقيت القاهرة ويستمر حتى 9 مساء.
ترافق موكب المومياوات الملكية مظاهر احتفالية، أبرزها تزيين سماء القاهرة بأسماء ملوك الفراعنة الـ22 و17 تابوتاً ملكياً باستخدام أضواء الليزر والكشافات.
أيضاً يتزامن مع موكب المومياوات الملكي افتتاح القاعة الرئيسية وقاعة المومياوات بالمتحف القومي للحضارة المصرية، بهدف الحفاظ على سلامتها.
ويستقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي ولفيف من الشخصيات الدولية موكب الملوك داخل متحف الحضارة المصرية، فضلًا عن نقل الحدث العالمي على الهواء مباشرة لحظة بلحظة.
وقال عالم الآثار المصري زاهي حواس إنه سيتم وضع كل مومياء في كبسولة خاصة مملوءة بالنيتروجين لضمان حمايتها وسيتم حمل الكبسولات على عربات مصممة لحملها وتوفير ثباتها.
وأضاف أنه تم اختيار متحف الحضارة، لأن مصر تريد ولأول مرة عرض المومياوات بطريقة حضارية ومثقفة وليس للترفيه كما كانت في المتحف المصري.
واكتشف علماء الآثار المومياوات على دفعتين في مجمع المعابد الجنائزية بالدير البحري في الأقصر وفي وادي الملوك القريب من عام 1871.
وأقدم هذه المومياوات مومياء سقنن رع، آخر ملوك الأسرة السابعة عشر، الذي حكم في القرن السادس عشر قبل الميلاد ويعتقد أنه لقي حتفه بشكل عنيف.
خط سير الموكب
يتحرك الموكب المهيب لملوك الفراعنة بعد غروب شمس السبت، حيث تتزين كل عربة باسم الملك الذي تحمل تابوته، ثم يمر بعدد من الشوارع الرئيسية، أبرزها:
- ينطلق موكب المومياوات من موقعه بالمتحف المصري بميدان التحرير.
- يدور الموكب مع صينية ميدان التحرير، حيث يشهد الافتتاح الرسمي بعد انتهاء أعمال تطويره.
- تتوجه العربات الفرعونية إلى ميدان سيمون بوليفار.
- ينطلق الموكب بمحاذاة كورنيش النيل بحيي السيدة زينب ومصر القديمة.
- يواصل الموكب طريقه إلى سور مجرى العيون، الذي يشهد افتتاحه الرسمي بعد تطويره.
- تستمر العربات في السير بمحاذاة النيل حتى تصل إلى متحف الحضارة المصرية بالفسطاط.
خلال الرحلة الملكية، التي تستغرق من 40 إلى 45 دقيقة، ستخلو شوارع العاصمة القاهرة من المارة والسيارات، خاصة التي يشق الموكب طريقه عبرها.
وتعتمد الخطة على تأمين خط سير سيارات نقل المومياوات بعناصر أمن متكاملة تضم فريق البحث الجنائي، وقوات النظام ورجال العمليات الخاصة وسيارات الشرطة المصفحة.
يقود الموكب الملكي الملك الفرعوني سقنن رع تاعا، وهو من ملوك الأسرة السابعة عشرة في القرن السادس عشر قبل الميلاد، وكان حاكماً لطيبة (الأقصر حالياً) وبدأ حرب التحرير ضد الهكسوس.
عملية نقل المومياوات الملكية تراعي كل معايير الأمان والسلامة المتبعة عالمياً في نقل القطع الأثرية، عبر وضعها داخل وحدات تعقيم مجهزة بأحدث الأجهزة العلمية ثم تحميلها على عربات تم تصميمها وتجهيزها خصيصا لهذا الحدث.
عروض استعراضية
يتضمن موكب المومياوات عدداً من مظاهر الاحتفال منذ تحركه من ميدان التحرير إلى المتحف القومي للحضارة المصرية، بينها مواكب للخيول وعروض استعراضية.
قبل تحرك العربات الفرعونية المزينة بأسماء 22 ملكاً من مشاهير الحضارة المصرية القديمة، تستقبل المدفعية الموكب الملكي بـ21 طلقة في الهواء.
ثم تخرج العربات الواحدة تلو الأخرى من أمام بوابة المتحف بشكل دائري، لتخرج من الباب الرئيسي للمتحف الخارجي متجهة إلى ميدان التحرير وتدور حول المسلة، وبعدها يضيء ميدان التحرير والمسلة والكباش والمباني المحيطة، على أن تتم إضاءة العمارات خلال خط السير بشكل راق.
ويتقدم العربات الملكية عدد من أشهر الفنانين مرتدين الزي الفرعوني، على رأسهم حسين فهمي وسوسن بدر وآسر ياسين ومنى زكي وغيرهم، بالتزامن مع مشاركة آخرين من مواقع أثرية بالأقصر وأسوان والأهرامات برسائل من لغات مختلفة تدعو السياح للذهاب إلى مصر.
بالتزامن، تعزف الفرق العسكرية المرتدية ملابس فرعونية الموسيقى والأغاني الوطنية بقيادة المايسترو نادر عباسي، مع عرض فيلم يوضح الطفرة التي شهدتها الآثار المصرية.
من مفاجآت احتفالية الموكب الملكي عرض الهيكل العظمي لأقدم مصري الذي يعود لـ35 ألف سنة، لأول مرة، إضافة إلى أدواته الحجرية.
أيضاً تشهد الاحتفالية عرض أهم القطع الأثرية التي كان لها دور في خبرات الإنسان القديم، مثل أقدم ساعة، وأدوات البناء، وأدوات الزراعة، وأول مقياس للنيل، وكل ما يخص معيشة المصري القديم.
بمجرد وصولها لمتحف الحضارة، تخضع جميع المومياوات الملكية للترميم في المختبر الحديث لمدة 15 يوماً تقريباً؛ استعداداً لواجهات العرض الجديدة في قاعة المومياوات الملكية المزينة على شكل "وادي الملوك" وهي المنطقة التي تضم قبورهم الأصلية.
متحف الحضارات
وكشف الدكتور أحمد فاروق غنيم، المدير التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، سبب نقل المومياوات الملكية إلى المتحف.
وقال غنيم في مقابلة تلفزيونية، إن المتحف المصري الكبير في منطقة الأهرامات يضم العديد من القطع الأثرية ومنها المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون ولا يضاهيه أي متحف في العالم، لذا كان التفكير في نقل المومياوات إلى متحف الحضارة.
وأضاف أن متحف الحضارة يضم 1600 قطعة من مختلف العصور تحكي عن حضارات مصر المختلفة.
وأشار إلى أن وزارة السياحة والآثار تسعى إلى تنويع مصادر الجذب السياحي ومن هنا جاء قرار الوزارة بنقل المومياوات إلى متحف الحضارة.
وتابع: "لدينا قاعة مجهزة على أعلى مستوى لاستقبال المومياوات وبطريقة عرض مبتكرة تشعر الزائر أنه داخل مقابر الفراعنة في وادي الملوك، ونستخدم التكنولوجيا في عرض المقتنيات الأثرية بالمتحف لتحكي قصتها".
وأكد أن موكب نقل المومياوات من المتحف المصري في التحرير إلى متحف الحضارة "لم تشهده مصر من قبل".
ولفت إلى مشاركة عدد كبير من الفنانين والمطربين في الاحتفالية الكبيرة المقرر لها السبت 3 أبريل/نيسان، مشيراً إلى نقل كل ملك وملكة في عربة خاصة تحمل اسمه، وتسبقها الخيول والدراجات البخارية.
وتابع أن قاعة المومياوات مجهزة على أحدث الطرز العالمية، حيث سيتم عرض مومياء الملك بها وبجوارها التابوت وبعض القطع الأثرية المميزة الخاصة بالملك والتي تحكي تاريخ فترته.
وأوضح أنه من المقرر - عقب نقل المومياوات لمتحف الحضارة - إجراء مجموعة من الفحوصات ووضعها داخل وحدة النيتروجين لتعقيمها لمدة حوالي 15 يوما، ثم البدء في وضعها في الفاترينات وعرضها للجمهور يوم 18 أبريل المقبل الذي يوافق (يوم التراث العالمي)، ذاكرا أن فريقا من أمهر وأكفأ المرممين المصريين بمتحف الحضارة - الذي يعد مركزا رئيسيا في صيانة المومياوات في الشرق الأوسط - قام بترميم تلك المومياوات بالمتحف المصري بالتحرير قبل نقلها.
ويقع المتحف القومي للحضارة في منطقة الفسطاط بالقاهرة على مساحة 33.5 فدان، منها 130 ألف متر مربع مبان، وهو يستوعب 50 ألف قطعة أثرية تحكي من مختلف عصور مصر القديمة، حتى التاريخ المعاصر ووقتنا الحاضر، ويطل موقع المتحف على بحيرة طبيعية، وهي بحيرة عين الصيرة، ويضم مجموعة من المخازن لحفظ الآثار مجهزة بأحدث التقنيات.
وقام بتصميم المبنى الاستشاري المعماري الدكتور الغزالي قصيبة، أستاذ العمارة بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة، وتم تصميم قاعات العرض الداخلي على يد المهندس المعماري الياباني أراتا إيسوزاكي، ويشيد المتحف بتمويل مصري كامل يتوزع ما بين صندوق إنقاذ آثار النوبة بنسبة 45%، والمجلس الأعلى للآثار بنسبة 55%، فيما تقدم منظمة اليونسكو الدعم الفني في مجال التدريب، والاستشارات حول كيفية تنفيذ المتحف بطرق علمية حديثة.