الحرب الروسية وسلاسل الإمداد.. الشريان المسدود
لن تقف تداعيات الحرب الروسية-الأوكرانية عند حد توالي فرض العقوبات الغربية، لكنها بلغت حد تكريس أزمة سلاسل التوريد عالميًا.
مختلف الشركات العاملة في صناعات عديدة واهمها السيارات والطاقة، وحتى تعبئة زجاجات المشروبات أوقفت الإنتاج في أوكرانيا، بل وأقدم البعض على إغلاق مصانع، الأمر الذي يضيف المزيد من العراقيل أمام سلاسل التوريد الضعيفة بالفعل.
تعطل إمدادات السلع الأكثر استهلاكًا
في 25 فبراير 20222، اليوم التالي لتدشين العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، أوقفت شركة "جابان توباكو" عملياتها في مصنعها بمنطقة كريمنشوك في وسط أوكرانيا، والذي يعمل فيه نحو 900 موظف.
كما أوقفت "كوكاكولا إتش بي سي" لتعبئة الزجاجات عملياتها في الدولة، وأرسلت العمال إلى منازلهم، لتنضم بذلك إلى عدد متزايد من الشركات التي اتخذت القرار نفسه، بما في ذلك "كارلسبرج"، و"نستله"، و"إيه بي إينبيف إيفس"، وهي مشروع مشترك بين "أنهاوسر - بوش إنبيف" و"أنادولو إفيس"، ممن أوقفوا جميعاً الإنتاج في أوكرانيا بسبب الحرب.
العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا زادت من حدة الضغوط المفروضة على سلاسل التوريد، التي تفاقمت بالفعل بسبب موجات تفشي فيروس كورونا، والقيود المفروضة على السفر، والعجز المتكرر في المكوّنات الرئيسية مثل الرقاقات الدقيقة. كما سيتأثر نقل البضائع من الصين إلى أوروبا، حيث تمر السفن عبر هذه المنطقة، بحسب ما قال لوكا سيلفا، الرئيس التنفيذي لشركة "آي تي تي"، المتخصصة في صناعة المضخات ومكونات الآلات.
ارتفاع أسعار الشحن وتكلفة التأمين
شركات "طوكيو مارين هولدينجز"، و"سوميتومو ميتسوي مارين"، و"سومبو جابان إنشورنس"، قالت؛ إنَّ البحر الأسود سيُصنّف كمنطقة مرتفعة الخطورة بدءاً من مارس المقبل، وسيؤدي هذا على الأرجح إلى رفع أقساط التأمين المطلوبة لشحن البضائع أو نقلها عبر هذه المياه. ومن غير الواضح إلى متى سيستمر هذا التغيير.
في الـ 15 من فبراير؛ أُضيفت المياه الأوكرانية والروسية في البحر الأسود وبحر آزوف إلى قائمة المناطق المعرضة للخطر، وذلك بقرار من اللجنة الحربية المشتركة، التي تضم ممثلين عن "لويدز أوف لندن"، و"إنترناشيونال أندررايتنج أسوسيشن أوف لندن".
فيما أوضح سيلفا من شركة "آي تي تي"، خلال مؤتمر للقطاع، في 22 فبراير 2022، أنَّ نقل البضائع من الصين إلى أوروبا "سيتأثر بالحرب المشتعلة في أوكرانيا.
اعتمدت الشركات بصورة أكبر على نقل البضائع باستخدام السكك الحديدية، بعدما قفزت أسعار الشحن البحري، بسبب تكدس الموانئ خلال الجائحة.
إغلاق مصانع الأغذية والمشروبات
قالت "كوكاكولا إتش بي سي"، إنَّها أصدرت "خططاً للطوارئ، تتضمن: وقف الإنتاج في أوكرانيا، وإغلاق المصنع، ومطالبة العاملين لديها في البلاد بالمكوث في منازلهم، واتباع الإرشادات المحلية".
أوقفت شركة صناعة مشروب الشعير الدنماركية "كارلسبرغ"، التي يوجد لديها 1300 عامل في أوكرانيا عملياتها في 2 من أصل ثلاثة مصانع، وسرّحت العمال إلى منازلهم. أما "نستلة"؛ أكبر شركة للأغذية في العالم، فأغلقت 3 مصانع مؤقتاً، ولديها 5 آلاف عامل في البلاد.
تعطيل خطوط إنتاج السيارات
تنذر العقوبات الأمريكية على شركات التكنولوجيا بتأجيج مخاطر نقص الرقائق بين شركات صناعة السيارات في روسيا، المعرضة كذلك لمخاطر خسارة إمدادات مكوّنات السيارات التي تستوردها من الاتحاد الأوروبي، وفقًا لتقرير صادر عن "فيتش سوليوشنز".
كما سيكون للنزاع عواقب على قطاع السيارات العالمي أيضًا، لأنَّ روسيا أحد أكبر منتجي المواد الخام الداخلة في صناعة المركبات الكهربائية، والسيارات التي تعمل بالبترول والديزل، بحسب ما أردف التقرير.
تعتبر روسيا ثالث أكبر مورّد في العالم للنيكل المستخدم في صناعة بطاريات الليثيوم، كما توفر 40% من البلاديوم المطلوب للمحوّلات الحفازة، في حين يأتي 90% من لوازم النيون المطلوب لصناعة أشباه الموصلات من أوكرانيا، بحسب "فيتش".
واختتمت "فيتش": "حدوث أي اضطرابات في إمدادات هذه المواد الخام ستكون له تأثيرات وخيمة على شركات صناعة السيارات حول العالم، خاصة في أوروبا، وأمريكا الشمالية".