ما خفي أعظم.. أين تخبئ روسيا مليارات الدولارات وكيف تحميها؟
مع تصاعد الأزمة الأوكرانية، طالت العقوبات الغربية البنك المركزي الروسي. لكن هل يصعب معها وصول موسكو للاحتياطيات الخارجية؟
وقد شملت العقوبات المفروضة على روسيا قيودًا على قدرة البنك المركزي على استخدام 630 مليار دولار من احتياطيات العملات الأجنبية والذهب.
ويواجه البنك صعوبات في الوصول إلى هذه الاحتياطيات كون معظمها موجودًا خارج البلاد.
احتياطيات ضخمة وتاريخية
بنى البنك المركزي الروسي، احتياطيا ضخما من الأصول والعملات الأجنبية، بهدف الحفاظ على استقرار العملة في مواجهة ذعر السوق.
وكشفت صحيفة فايننشال تايمز عن مكونات الاحتياطي الروسي البالغة قيمته 630 مليار دولار في نهاية يناير الماضي، والمكون من أصول وودائع مقومة بالعملات الرئيسية في العالم (الدولار واليورو والجنيه الإسترليني واليوان)، بالإضافة إلى ما يقرب من 2300 طن من الذهب.
ومن المرجح أن تؤدي العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة على البنك المركزي إلى جعل الجزء الأكبر، إن لم يكن كل هذه الاحتياطيات عديمة الجدوى.
واحتياطيات روسيا الدولية هي عبارة عن أصول أجنبية عالية السيولة تشمل النقد الأجنبي والذهب وحقوق السحب الخاص.
ومن المرجح أن تؤدي العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة على البنك المركزي إلى جعل الجزء الأكبر، إن لم يكن كل هذه الاحتياطيات عديمة الجدوى.
وشكك خبراء في قدرة روسيا على استخدام أي من هذه الاحتياطيات، لأنها في الغالب ليست تحت تصرف المركزي الروسي، أو متواجدة في خزائنه، وفقاً لما يشير إليه التصنيف العالي لمعظم مكونات الاحتياطي، خاصة الأوراق المالية والعملات الأجنبية البالغة قيمتها أكثر من 463 مليار دولار، من بينها 311 مليار دولار في الأوراق المالية الأجنبية والمودعة لدى أمناء حفظ خارج روسيا.
وفنّد الزميل الزائر في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، عثماني ماندينج، الكيفية التي يمكن للبنك المركزي الروسي بها تحويل الأوراق المالية إلى نقد في حال احتاج الوصول إلى الدولار أو اليورو بسرعة، ومدى صعوبة هذا الإجراء بعد فرض العقوبات، وفقاً لما ذكرته "فايننشال تايمز" في تقرير لها.
وأكد ماندينج، على أن البنوك المركزية لا تحتفظ باحتياطيات النقد الأجنبي لديها في أغلب الأحيان، كما أن الأوراق المالية والنقود لا يتحركان أبداً، إذ إن كل الأصول تتم العمليات عليها عبر معالجات خارجية.
وضرب مثالاً على الجزء الخاص باحتياطيات روسيا من الأوراق المالية في حال طلب تسييلها، فإن البنوك المركزية تطلب من وسطائها بيع الأصل المعني، وعلى سبيل المثال، السندات الحكومية الألمانية، فإن شركة الوساطة المالية في فرانكفورت سوف تتصل بوسطاء آخرين للإعلان عن البيع، وبمجرد الاتفاق على السعر، سيطلب من أمين حفظ الأوراق المالية نقل ملكيته إلى المشتري، أو مجموعة المشترين.
فيما سيقوم أمين الحفظ الخاص بالطرف المشتري، بنقل قيمة الأوراق المالية إلى حساب البائع، لدى شركة الوساطة. ويمكن بعد ذلك استخدام العائدات لتوجيه السمسار، أو تجار الصرف الأجنبي، ومعظمهم في لندن، لشراء الروبل بسعر محدد. وعادة ما يكون البائع بنكاً تجارياً روسياً، وبمجرد إتمام عملية الشراء، سيصدر بنك روسيا تعليمات إلى بنك الحفظ الخاص به باعتماد حساب البائع باليورو.
وبالتالي، فإن إيقاف البنك المركزي عن استخدام أوراقه المالية لتحقيق الاستقرار في الروبل، يتطلب توجيه تعليمات للوسطاء الماليين الموجودين في هذه السلسلة - السماسرة، وأمناء الحفظ، وبنوك الضمان المركزية، وتجار الصرف الأجنبي، وبنوك الحفظ المركزي – لحجز هذه الأصول استعدادا لبيعها نيابة عن البنك المركزي، وطالما كانت إحدى هذه الجهات خارج روسيا، ومن الدول المشاركة في توقيع عقوبات على نظامها المالي، فإن تحويل تلك الأصول إلى سيولة شبه مستحيل.
الصين من بين الملاذات الدفاعية
من الجدير بالملاحظة في هذا الصدد، أن الدولار لا يمثل سوى 16 فقط من احتياطي العملة الصعبة في روسيا حاليا، مقارنة بـ40% قبل خمس سنوات.
عبر هذه الدفاعات، تم الاستعداد لحماية روسيا بقدر الإمكان من العقوبات التي قد تقودها أمريكا.
وفقاً للتقرير السنوي للمركزي الروسي، فإن 14% من احتياطياته من النقد الأجنبي في الصين - وهي أكبر حصة لأي دولة بمفردها. ما يقرب من 13% من الاحتياطيات باليوان أو الأصول المقومة باليوان.
وقال ماندينج إن الصين قد تعرض بدائل لروسيا لمواصلة التجارة مع بعض أجزاء العالم على الأقل: "قد تقبل روسيا مدفوعات لصادراتها باليوان وتزيد الواردات المدفوعة بالعملة الصينية سواء من الصين أو دول أخرى تقبل اليوان. نظراً لأن المدفوعات المبنية على اليوان ستتم على الأرجح من قبل مؤسسات خارج نطاق التأثير المباشر للغرب، وهذا الأمر سينجح".
يتم الاحتفاظ بالثلث الآخر من ودائع المركزي الروسي في البنوك الخاصة، ومن المستحيل تحديد الحصة من هذا الـ 57 مليار دولار المحتفظ بها في الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة أو الاتحاد الأوروبي. ولكن نظراً لأن ما يقرب من 60% من كون احتياطيات المركزي الروسي إما بالدولار أو اليورو أو الجنيه الإسترليني، فمن العدل أن نخمن أنها أكثر من النصف.
الالتزام بالديون الخارجية رغم العقوبات
بدوره، أكد المركزي الروسي عدم فرض قيود على خدمة الديون الخارجية، وذلك بعد أن فسرت "بلومبيرج" تدابير خاصة أطلقتها روسيا على أنها قد تكون خطوة نحو "عدم الالتزام بسداد الديون الخارجية".
ووقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في 28 فبراير 2022 مرسومًا حول الإجراءات الاقتصادية الخاصة لدعم الاقتصاد الروسي وتحقيق الاستقرار المالي في البلاد، وذلك ردا على التدابير غير الودية التي فرضت ضد روسيا من قبل الغرب.
ومن هذه الإجراءات، تم فرض حظر على التعاملات المصرفية بالعملات الأجنبية مع غير المقيمين (الأجانب) والمرتبطة بالقروض الخارجية.
وقال البنك المركزي الروسي في بيان، إن "حظر تقديم القروض بالعملة الأجنبية لغير المقيمين في روسيا (الأجانب) ينطبق فقط على القروض الجديدة وليس على خدمة الدين الجاري. ولا ينطبق الحظر على تحويل العملة الأجنبية إلى البنوك الأجنبية لخدمة الدين الجاري".
aXA6IDMuMTM5LjcyLjE1MiA= جزيرة ام اند امز