مواجهة الإرهاب تلتهم حصة كبيرة من ربح شركات الطيران
خبراء يتوقعون أن تشهد صناعة الطيران في الشرق الأوسط مزيداً من التحديات السنوات المقبلة..
تشير توقعات الخبراء إلى أن صناعة الطيران في الشرق الأوسط ستشهد مزيداً من التحديات في السنوات المقبلة، مع ارتفاع حدة الضغوط التي تفرضها عليها المتغييرات ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، ومواجهة المخاطر التي تتخذها العديد من الدول مخافة انتقال العمليات الإرهابية إليها عبر حركة النقل الجوي.
ويرى هؤلاء أن التعامل مع التحديات الجديدة ستلتهم جزءًا كبيراً من عائدات وأرباح شركات الطيران في الشرق الأوسط، وربما يؤثر ذلك على برامج وخطط التوسعات، التي تنفذها دول المنطقة في المطارات وتوسعات أساطيل ناقلاتها الجوية، وهذا في حد ذاته سيؤثر على الخطط المستهدفة في التوسع في خطوط الشبكات والوجهات المخطط لها خلال العقد المقبل، لأننا نتحدث عن متطلبات لتعويض المسافرين والحفاظ عليهم بمليارات الدولارات.
ويشير الخبراء الى أن قضية الحظر الذي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة على اصطحاب الركاب المسافرين من بعض مطارات الشرق الأوسط لأجهزة الكمبيوتر المحمولة، وما شابها من أجهزة إلكترونية، مثل "الآيباد"، معهم داخل الطائرات، ما هي إلا سلسلة من إجراءات أخرى متوقعة في الشهور المقبلة، كانعكاس طبيعي لحالة القلق التي تسيطر على العديد من دول العالم من الإرهاب.
ويتوقع المتابعون لقطاع الطيران أن تشدد الولايات المتحدة الأمريكية والعديد من الدول الغربية من إجراءات حركة السفر وانتقال الركاب عبر المطارات في الفترات المقبلة، وهو ما يضيف العديد من الأعباء على القطاع في شكل استثمارات كبيرة لتعزيز مفاهيم الأمن والسلامة، لتجنب أمور قد تصل إلى حظر استخدام مطارات، واستقبال رحلات ناقلات جوية معينة، على غرار مع حدث من روسيا تجاه مصر عقب أزمة سقوط الطائرة الروسية في سيناء عام 2015.
وتصل التوقعات إلى أن دولا أوروبية، قد تقوم بتطبيق ذات الإجراءات التي نفذتها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا مؤخراً، بشأن الحظر المفروض على ركاب بعض خطوط النقل الجوي المتجهة من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعدم حمْل أجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة اللوحية وغيرها من الأجهزة الإلكترونية الكبيرة في الطائرات، خاصة مع ارتفاع حدة التخوفات من العمليات الإرهابية، عن طريق المطارات ورحلات الطيران.
وتطابقت تقديرات للاتحاد الدولي للنقل الجوي "أياتا"، مع "أفيشن ويك" بأن تنفق مطارات وناقلات دول الشرق الأوسط ما يزيد عن 65 مليار دولار، من حجم استثماراتها في توسعات مطاراتها، وناقلاتها الجوية، وخدمات الملاحة والطيران حتى العام 2021، فيما أنفقت ما يقارب 70 مليار دولار بين عامي 2011 و2016، على أعمال وتحديثات مماثلة في مختلف مكونات صناعة الطيران.
الدكتور محسن حسن الخبير في مجال الطيران، يرى أن قرار الولايات المتحدة وبريطانيا بحظر حمل الركاب لأجهزة الكمبيوتر، هو قرار عملي بنسبة مائة في المائة، وذلك لأن هاجس الإرهاب عبر الطائرات والمطارات أصبح أحد الطرق التي يخترق الإرهابيون من خلالها أي دولة، لينفذوا عمليات ضد دولة ما، ثم إن بطاريات أجهزة الكمبيوتر، وما شابهها، هي بمثابة قنابل، كما يمكن استبدالها بقنابل أو متفجرات فعلية، ومن هنا يأتي القلق والتخوف من حمل مثل هذه الأجهزة، في ظل تطورات وسائل وتقنيات الإرهابيين في تنفيذ عملياتهم.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا في مثل هذا الأمور لا يعنيها سوى مصالحهما، وسد ثغرات قد تراها تمثل خطراً عليهما، ولا تنظر في أي أضرار قد تقع على الدول المتضررة من هذه القرارات، بالرغم من حجم التطور الذي شهدته العديد من دول المنطقة في أمور أمن وسلامة الطيران، والتي تفوق في بعضها ما تقوم به دول كبرى.
ونوه بأن دول الخليج خصوصا الإمارات ضخت استثمارات كبيرة في توفير أفضل نظم أمن الطيران، كما أن مصر ضخت على مدار العام الماضي مبالغ ضخمة من الدولارات، لتحديث واقتناء نظم أمنية أكثر تطوراً في المطارات، ورغم ذلك صدر الحظر الأمريكي البريطاني.
وذكر طيار ممدوح المحمدي: صحيح أن هناك حربا تدار ضد بعض شركات الطيران في الشرق الأوسط، بسبب المنافسة، وهناك طرق غير شريفة تتبعها بعض الشركات الدولية ضد شركات الطيران الإقليمية، إلا أن القرار الأمريكي يفرض تحديات ومتغييرات على صناعة الطيران، ويتطلب ذلك معالجات لها تكاليفها.
من جهته قال كابتن هادي المسيري باحث علوم الطيران "إنترناشيونال أفيشن": إن القرار الأمريكي جاء بدون حوار ومناقشات من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، ولا حتى من جانب بريطانيا، وهو ما يبين أن متخذي القرار لا يعنيهم ولا ينظرون إلى حجم الجهود المبذولة من دول المنطقة أو حتى بعضها في تعزيز أمن وسلامة الطيران، ولا حتى حجم التطورات المتلاحقة في ترسيخ مبدأ سلامة المسافرين والطائرات، والوجهات التي ستصلها عبر الرحلات التي تنطلق من مطارات المنطقة إليها، ويسيطر عليهم الهاجس الأمني وفقط.
ولفت إلى أن الموقف بشأن عمليات إنهاء إجراءت السفر للمسافرين إلى الولايات المتحدة قبل انطلاقهم من بعض مطارات المنطقة سيكون على المحك في الشهور المقبلة، وربما تحدث عليه متغييرات، أو ربما يتغير كليا، ويتم تطبيق "دبل تشيك"، بحيث تجري نفس الإجراءات عليهم مثلهم مثل المسافرين من مطارات أخرى.
إلى ذلك لفت مهندس طيران شادي المصري إلى أن سقف الاستثمار في مجال الأمن والسلامة على المطارات وفي أساطيل الناقلات الجوية في الشرق الأوسط يرتفع بشكل مستمر، ورغم صعوبة تحديد المتطلبات، إلا أن الأرقام ستقفز إلى أكثر من 130 مليار دولار، بالمبالغ المنفقة بالفعل، والمتوقعة حتى العام 2020، وهو ما يمثل تحدياً كبيراً ومتشعباً على هذه الصناعة في المنطقة.
aXA6IDMuMTQ0LjMxLjE3IA== جزيرة ام اند امز