«حظر الاستخدام السياسي للأديان».. ما تريد معرفته عن المعاهدة المرتقبة
مع تنامي الصراعات، والاستغلال السياسي للأديان، الذي يتخذه المتطرفون مطية لتنفيذ مخططاتهم ونشر أجنداتهم، لاح في الأفق مبادرة عربية أوروبية، تسعى لسنّ معاهدة تحظر هذه الآفة.
ولعل أبرز من يستخدم الدين لتحقيق المآرب السياسية، تنظيم الإخوان، وكل من خرج من عباءته من تنظيمات وحركات متطرفة، اكتوى العالم بنارها، وفي هذا الإطار، تشكل هذه المعاهدة المرتقبة جدارا واقيا لدول العالم من هذه الأفكار المتطرفة.
وما يبشر بقرب إقرارها الدعم العربي والأوروبي والشعبي المطرد لتلك المعاهدة الدولية المرتقبة لحظر الاستخدام السياسي للأديان والذي امتد لأكثر من 80 دولة من كل أنحاء العالم.
بداية الفكرة
انطلقت الفكرة، قبل 5 سنوات، عبر مقال للكاتب العراقي البريطاني سلام سرحان، في صحيفة "الإندبندنت" البريطانية اقترح فيه تشريع معاهدة دولية لحظر كل أشكال استغلال الأديان في انتهاك المساواة وفي التمييز في الحقوق والواجبات، وكذلك حظر الإقصاء الديني وجميع القيود على حرية الاعتقاد والعبادة.
وأكد سرحان، في تصريحات سابقة، أن "المعاهدة المقترحة تنطلق من أقصى احترام لجميع الأديان وتركز فقط على وضع حد لجميع إساءات استغلالها لأغراض سياسية".
وأشار إلى أنها "تنسجم بعمق مع سياسات جميع الدول المسؤولة والمعتدلة ومع مواقف جميع المراجع الدينية الملتزمة في العالم".
وشدد على أهمية أن يأتي التشريع المقترح في صيغة معاهدة دولية ليصبح جزءا من القانون الدولي.
ولفت إلى أنه "لن يكون بصيغة الإعلانات والمواثيق، التي تفتقر إلى الصبغة القانونية الملزمة، والتي لدى العالم العشرات منها دون أي تأثير يذكر".
الهدف
وتهدف المبادرة إلى حظر الاستخدام السياسي للأديان، وذلك من أجل تعزيز السلم الاجتماعي والتعايش بين مختلف الطوائف الدينية، بحسب نصها المنشور في موقع منظمة «بيبيور إنترناشونال» المسجلة في بريطانيا.
كما تسعى هذه المبادرة إلى منع استغلال الأديان في تحقيق مكاسب سياسية أو إثارة التفرقة والنزاعات بين الشعوب، أو انتهاك المساواة وقيم العدالة الأساسية وحقوق الإنسان.
وتتعهد المعاهدة المقترحة بالمساهمة بطريقة فعالة ومنسقة في مواجهة التحدي المتمثل في وقف استخدام أي دين في إثارة عدم التسامح والانقسام والتمييز الديني لخدمة أجندات سياسية.
كما تؤكد على الالتزام بإصلاح القوانين واللوائح المحلية للقضاء على جميع أشكال التمييز على أسس دينية، القائمة والمحتملة، بين الأشخاص الخاضعين لسيادتها القضائية، وتدرك أن استغلال الدين لخدمة الأجندات السياسية سبب رئيسي للعديد من الصراعات الأكثر قسوة، المحلية والإقليمية والدولية.
وترى أن المحاولات السابقة لمنع الخلط المسيء بين المعتقدات الدينية ومسؤوليات الدول والحكومات، كانت صدامية ومثيرة للانقسام، وأدت غالبا إلى أضرار أكثر من المنافع، وفشلت في بناء أي إجماع عالمي.
وتدرك كذلك الحاجة إلى قواعد عالمية واضحة تمنع الأطراف السياسية الدولية من إثارة الفتنة بين الأديان أو إثارة المظالم الطائفية عند التعامل مع الحساسيات الدينية، بطريقة يمكن أن تخدم مآرب الأطراف الطائفية والمتطرفة.
وتعتقد أن المخاطر لا تأتي فقط من الجماعات المتطرفة، ولكن أيضا من ردود الفعل الانتقامية العنيفة ضد الأقليات والأبرياء المنتمين إلى دين أولئك المتطرفين.
وتشدّد على أقصى درجات الاحترام لجميع الأديان من أجل حرمان المتطرفين من أي ادعاء بأنهم يدافعون عن دينهم. وبالتالي تجريدهم من أداة رئيسية لتجنيد الضعفاء في الأعمال الإرهابية.
وتعتقد أن وجود معايير عالمية واضحة سيعزز القيم السياسية الأكثر اعتدالاً وتسامحاً ويمثل خطوة رئيسية نحو احترام أكبر لحقوق الإنسان وإغاثة أولئك الذين يعانون من الاضطهاد الديني.
إضافة إلى الالتزام بدعم إنشاء مرصد عالمي لمراقبة وكشف جميع إساءات استخدام الدين سياسيا من خلال توفير بيانات موثقة لتمكين الحكومات والمنظمات والأفراد من ممارسة الضغط السياسي على أولئك الذين يواصلون ارتكاب تلك الانتهاكات.
دعم وتأييد دولي
وحظيت المبادرة بتأييد عالمي واسع، حيث دعمتها آلاف الشخصيات من المسؤولين والبرلمانيين والزعامات الدينية والمدنية والسياسية من أكثر من 80 دولة حول العالم.
كما أن المبادرة على وشك الحصول على دعم رسمي من مجلس أوروبا، مما يعزز من مكانتها ويزيد من فرص تبنيها على المستوى الدولي.
كما تشهد المبادرة تقدماً ملحوظاً في حوارها الرسمي مع العشرات من الحكومات العربية والعالمية، ما يشير إلى وجود رغبة حقيقية وإرادة سياسية من مختلف الدول لدعم هذه المعاهدة والمساهمة في تحقيق أهدافها.
ومن المتوقع أن يتم تبني القرار الداعم للمعاهدة خلال الأشهر المقبلة، مما سيشكل نقلة نوعية في مسارها نحو إدراجها على جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
الإدارة وأبرز الداعمين
وتدير هذه المبادرة جهات عربية عالمية تتألف من مجموعة من الحكومات والمؤسسات المدنية والدينية التي تعمل بالتعاون مع المجتمع الدولي.
كما تحظى بدعم من بعض الحكومات والمنظمات غير الحكومية العربية الرائدة في مجال حقوق الإنسان والتعايش السلمي من أبرز المبادرين لهذه المعاهدة.
وتعمل هذه الجهات بالتنسيق مع منظمات دولية مثل مجلس أوروبا، لضمان تأييد واسع للمعاهدة على المستوى العالمي.
الحوار يتم إدارته الحوار والتفاوض فيه عبر فرق متخصصة تضم خبراء في القانون الدولي وحقوق الإنسان والعلاقات الدولية.
ومن المرتقب أن يصدر مجلس أوروبا قرارًا بدعم المعاهدة، مما يعزز من مكانتها الدولية ويدفع بالدول الأعضاء إلى تبني ودعم المعاهدة على الساحة العالمية. هذا الدعم يعكس الالتزام الأوروبي بالمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وتحظى المبادرة كذلك بدعم من حكومات عربية ودولية ترى في حظر الاستخدام السياسي للأديان خطوة مهمة لتعزيز السلم الاجتماعي ومنع استغلال الدين في تأجيج النزاعات.
كما نالت المبادرة تأييدا شعبيا ومؤسسيا كبيرا من آلاف المسؤولين والبرلمانيين من أكثر من 80 دولة، يشمل شخصيات سياسية بارزة تعمل على دفع المبادرة في المحافل الدولية.
ويؤيد المبادرة كذلك، زعامات دينية ومدنية حول العالم، تدرك أهمية الفصل بين الدين والسياسة في تحقيق التعايش السلمي ومنع النزاعات الطائفية.
ويشمل هذا الدعم شخصيات دينية مؤثرة ومؤسسات دينية بارزة تعمل على تعزيز التفاهم والتسامح بين الأديان.
وسبق أن استضاف المغرب في مايو/أيار 2022 أول مؤتمر دولي عن المبادرة بدعم من المجلس الوطني لحقوق الإنسان وسبع منظمات مدنية مغربية.
المؤتمر الذي انعقد بمشاركة مئات البرلمانيين والمسؤولين والزعامات الدينية ومنظمات المجتمع المدني من عشرات الدول من كل أنحاء العالم، من بينها دول عربية مثل دولة الإمارات مصر والعراق والكويت، صدر عنه "إعلان عالمي" يدعو المجتمع الدولي وجميع الحكومات إلى تبني المعاهدة المقترحة على الساحة الدولية.
كما وجهت رسائل رسمية إلى عشرات رؤساء الدول والحكومات العربية والعالمية، تقترح تبني المبادرة على الساحة الدولية.
مرصد عالمي
وتتعهد الدول الأطراف بدعم إنشاء آلية رصد (مرصد عالمي) يتولى صياغة استراتيجيات الإنذار المبكر ومنع وقوع الانتهاكات، ويعمل على حفظ سجلات لتوثيق جميع التهديدات للتعايش بين الأديان.
ويقوم المرصد العالمي بتوثيق جميع انتهاكات هذه المعاهدة في جميع أنحاء العالمي وتقديم بيانات وإحصاءات موثقة ومحدثة باستمرار حول جميع انتهاكات هذه المعاهدة إلى جميع الدول الأطراف ويقوم بتنسيق الإجراءات الدولية لوقف تلك الانتهاكات.
ويقوم المرصد بإصدار تقارير موسعة نصف سنوية تغطي جميع الانتهاكات ومدى امتثال جميع الدول الأطراف والدول غير الأطراف بأحكام هذه المعاهدة.
كما يتولى المرصد إطلاق وتنظم وتنسيق جهود الدول الأطراف والمنظمات والأفراد لممارسة الضغط الدبلوماسي والسياسي على الأطراف، التي ترتكب انتهاكات لهذه المعاهدة من أجل وقف تلك الانتهاكات.
aXA6IDE4LjIyMS45My4xNjcg جزيرة ام اند امز