بصواريخ إيران الباليستية تُضرب اليوم عواصم عربية، وتُنتهَك حقوق وسيادة وشرعية.
جيش من المهرولين والمطبلين والعازفين على ناي إيران، سارعوا إلى انتقاد سعد الحريري رئيس الحكومة المستقيل، وانتشرت الأقاويل، وتبعثرت القصص الخرافية، وتناثر المحللون في كل الفضائيات التي بدورها فتحت أبواقها مستفيدة من الحالة العشوائية التي تخلقها إيران، في كل زمان، ومكان.
إسقاطات لا أول لها ولا آخر والكل يدلو بدلوه، والكل أصبح محللاً استراتيجياً فذاً لا يشق له غبار، وحسن نصر الله كعادته لا يفرط بمناسبة كهذه حتى ولو كان في جحر غائر في أقصى الغياب، فهو يبرز بكل وضوح ليفسر ويكسر ويجر قرص لبنان صوب النار لمزيد من الحرق والتمزق، ويبدأ في كيل الاتهامات وتوجيه الانتقادات لكل من يراهم عقبة في طريقه إلى تنفيذ الأجندة الإيرانية.
بالتأكيد سوف يجد نصر الله من يناصره ويؤازره ويفكر مثل تفكيره ويذهب إلى مثل ما ذهب إليه، ولكن في المقابل هناك وعي لبناني وعربي بدأ ينمو بصحة جيدة ويفهم اللغز الذي زرعه نصر الله ويعي الخدعة البصرية التي وزعها على العالم.
وبالتأكيد سوف يجد نصر الله من يناصره ويؤازره ويفكر مثل تفكيره ويذهب إلى مثل ما ذهب إليه، ولكن في المقابل هناك وعي لبناني وعربي بدأ ينمو بصحة جيدة ويفهم اللغز الذي زرعه نصر الله، ويعي الخدعة البصرية التي وزعها على العالم وجسد صورة هلامية في الذهنية العربية، مفادها أن حزبه وجد لمحاربة إسرائيل وأنه رأس المقاومة العربية والإسلامية ولا ندري كيف يفهم نصر الله الاحتلال؟، وكيف يفسر لنا الفرق بين الاحتلالين الإيراني والإسرائيلي؟ ولا ندري كيف استطاع نصر الله أن يغمض عينيه عن تصرفات إيران في العراق واليمن وسوريا، حتى يقتنع أن هذا الاحتلال الذي خرّب تلك البلدان العربية أن يكون وحشاً من غير مخالب؟، ولا ندري كيف تحتل فكرة الطائفة مكان الوطن؟. هذه مثالب وثغرات لا يمكن أن تسدها شعارات جوفاء لا تحمل غير وعي الذين ما زالوا يعيشون تحت وطأة اللاشعور الحزين ويلعبون على أوتاره ليستعطفوا الناس ويستميلوا مشاعرهم ويستغلوا الفراغات المتاحة في العالم الإسلامي ليستوطنوا فيها ويعششوا ويهيمنوا عليها.
نقول ذاك زمن، وتراكمات التاريخ تفتتها حقن الوعي، والإنسان العربي أصبح على قناعة أن الهلوسات والهذاءات السابقة أصبحت من الماضي، وما كان باطنياً انكشف سره وبات أمام مرأى العين واضحاً وحلياً ومهماً بلغ من الآلة الإعلامية التي يستخدمها شذاذ الآفاق، فإن الوعي الجماهيري صار أوسع ولن تقنعه هذه الخزعبلات والهراء وزبد الحكايات التاريخية التي لا ترقى إلى أن يحسبها الناس سوى أنها مجرد نفايات تاريخية، وإذا كانت إسرائيل تحتل أرضاً، فإن إيران تحتل أرضاً وفكراً على مدار سنوات، ويجب مقاومتها.
بصواريخ إيران الباليستية تُضرب اليوم عواصم عربية، وتُنتهَك حقوق وسيادة وشرعية. فأين هو نصر الله، من كل هذا التطاول؟
نقلا عن " الاتحاد " الإماراتية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة