الولايات الأمريكية تواجه الإغلاق المالي.. اختبار صمود في لحظة فارقة

تستمر التحديات أمام النظام الفيدرالي الأمريكي فيما يتعلق بكيفية تعامل الولايات والحكومات المحلية مع احتمالات خفض التمويل.
ورغم ذلك، تشير المؤشرات الحالية إلى أن هذه الكيانات تتمتع بدرجة معتبرة من المرونة والقدرة على التكيف، مستندة إلى استقلاليتها الواسعة وأدواتها المالية المتنوعة.
تشكل الحكومات المحلية حلقة وصل أساسية بين المواطن والدولة، وتتحمل العبء الأكبر في حال حدوث تخفيضات في التمويل الفيدرالي أو تقليصات لاحقة من جانب الحكومات الولائية. وغالبًا ما تلجأ البلديات والولايات إلى استخدام الاحتياطيات المالية أو إعادة هيكلة أولويات الإنفاق، مما يمنحها مرونة للتعامل مع الصدمات الاقتصادية.
لكن المستويات المرتفعة من الاحتياطيات والسيولة، والتي تعكسها تقييمات المؤسسات المالية بشأن مرونتها وقدرتها على مواجهة الضغوط، قد تتراجع مستقبلًا إذا لم تتمكن هذه الحكومات من التكيف بسرعة مع تباطؤ النمو الاقتصادي أو التغيرات في أولويات الإنفاق الفيدرالي.
ووفقًا لتقرير نشره موقع "فيتش راتينجز"، فإن التحدي الأكبر يكمن في أن ضعف الأوضاع المالية للحكومة الفيدرالية، وما قد يترتب على ذلك من تقليص للإنفاق، يحد من قدرة النظام العام على تبني إجراءات مضادة للدورات الاقتصادية. وبذلك تصبح بعض الجهات المصدرة للديون العامة في الولايات المتحدة أكثر عرضة لتأثيرات التباطؤ الاقتصادي، خاصة إذا كانت تعتمد بدرجة كبيرة على الدعم الفيدرالي في برامجها وخدماتها.
وفي المقابل، تبدو الكيانات التي تعتمد على إيراداتها الذاتية – مثل الرسوم المحلية أو العوائد الضريبية – في وضع أفضل للتعامل مع احتمالات تقليص التمويل الفيدرالي.
إلا أن البرامج التي ترتبط مباشرة بالدعم الحكومي، مثل الإسكان والتعليم العالي والنقل العام، قد تواجه ضغوطًا متزايدة في حال استمر توقف التمويل لفترة طويلة. وهذا قد يدفع الحكومات المحلية إلى تعويض النقص من مواردها الذاتية، مما ينعكس على أدائها المالي العام مع مرور الوقت.
ولا تقتصر التأثيرات المحتملة على الجوانب المالية فقط، بل تمتد إلى بعض الخدمات الأساسية. على سبيل المثال، قد تتعرض المطارات الأمريكية لاضطرابات تشغيلية طفيفة في حال توقف عمل موظفين غير أساسيين في إدارات الطيران الفيدرالية أو الأمن الجوي.
ومع أن المخاطر المالية تظل محدودة للغاية، فإن استمرار توقف التمويل قد يؤدي إلى تأجيل بعض المشروعات الاستثمارية في البنية التحتية للمطارات، خصوصًا تلك التي تعتمد على المنح الفيدرالية.
ورغم هذه السيناريوهات، يظل عنصر المرونة المالية والقدرة على إدارة الأزمات حاضرًا بقوة في المشهد المحلي الأمريكي. فالتجربة التاريخية للحكومات الولائية والبلدية تؤكد أنها اعتادت التكيف مع فترات عدم اليقين، سواء عبر ترشيد الإنفاق أو زيادة الاعتماد على الموارد الداخلية.
ومع ذلك، فإن استمرار الضغوط المالية على المستوى الفيدرالي قد يضع هذه القدرات على المحك، خصوصًا إذا تزامن ذلك مع تباطؤ اقتصادي طويل الأمد.
ويشير التقرير إلى أن مستقبل التمويل الفيدرالي يظل عاملاً حاسمًا في تحديد قدرة الحكومات المحلية والولائية على مواصلة تقديم خدماتها بكفاءة.
وإذا كانت الاحتياطيات والسيولة الحالية تمنحها متنفسًا مؤقتًا، فإن استدامة هذه المرونة مرهونة بقدرة هذه الكيانات على تعديل سياساتها المالية بسرعة ومواكبة المتغيرات، بما يحافظ على استقرارها المالي ويضمن حماية الخدمات الأساسية التي يعتمد عليها ملايين الأمريكيين.