سياسي فرنسي بارز لـ"العين الإخبارية": COP28 فرصة تاريخية لتغيير مسار البشرية
أكد السياسي الفرنسي جان مارك جوفينتوري، في حوار خاص لـ"العين الإخبارية"، أن مؤتمر المناخ COP28 هو فرصة تاريخية ومناسبة لتغيير مسار العالم والبشرية، والبدء في تنفيذ التعهدات المناخية لإنقاذ الكوكب من خطر وشيك.
جان مارك جوفانتوري هو سياسي فرنسي، ولد في نيس بجنوب فرنسا عام 1958، وتخرج من المدرسة العليا للتجارة، وخاض العديد من الانتخابات التشريعية في أوروبا منذ عام 2007، وكان مستشارا لبلدية نيس، ثم عضوا بالمجلس المحلي للبلدية.
يترأس جوفينتوري حزب "البيئة في المركز"، وهو حزب فرنسي تأسس عام 2004، ويعتبر من أهم وأبرز الأحزاب البيئية في أوروبا، ويشغل مقعدين في البرلمان الأوروبي، بعدما حصلت قائمته المشتركة على 13.47% من الأصوات في آخر انتخابات أوروبية في مايو/أيار 2019، ويستعد للتنافس على عدد مقاعد أكثر خلال الانتخابات الأوروبية المقبلة في 2024.
صدر له 14 كتابا حول قضايا بيئية متعددة، ويعد أحد المؤثرين الأوروبيين في مجال الدعوة للتخلي عن أكل اللحوم (النباتية)، ويصنف كأفضل سياسي فرنسي تناول قضية حماية الحيوان.
يخطط جوفينتوري وحزبه للمشاركة في فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للأطراف بشأن تغير المناخ COP28، المزمع عقده في دبي نهاية العام الجاري، بخطة تركز على رفع وعي الناس بمشكلة المناخ وبأهمية تغيير نمط الحياة الاستهلاكي في أوروبا، وتناقش استخدام التكنولوجيا المتقدمة للتعامل مع نقص الغذاء والمياه والطاقة التي تأثرت بمشكلة الاحتباس الحراري، بجانب عدد من البنود الأخرى.
إلى نص الحوار:
حزب (البيئة في المركز) هو أحد الأحزاب الأعضاء بالبرلمان الأوروبي، فما هي خطته لمواجهة أزمة المناخ وباقي الأزمات البيئية الملحة؟
تتضمن خطة المناخ لدينا على العديد من الخيارات، أحد أهم هذه الخيارات غير مكلف وسهل التنفيذ، يعتمد على تغيير نمط المواطن الأوروبي عبر نشر الوعي بضرورة تقليل استهلاكنا للمنتجات، على سبيل المثال، إذا نجحنا في تقليل استهلاك اللحوم لكل إنسان خاصة في الغرب والصين والهند، سنساهم بشكل كبير في تحسن الأوضاع المناخية، فكل كيلوغرام واحد من اللحوم يستهلك حوالي 7 آلاف لتر من المياه العذبة، وهي نفس الكمية التي نستهلكها من المياه لإنتاج طن من الحبوب، وأحيانا نتعدى على الغابات لتحويلها إلى مزارع لإنتاج اللحوم، بجانب عمليات النقل التي تستهلك طاقة، كل هذا له تأثير حقيقي على المناخ، وبالتالي من الضروري نشر الوعي بأهمية الحد من استهلاك اللحوم وإدخال الخيار النباتي في حياتنا اليومية.
ونحن نضغط على البرلمان الأوروبي لوضع أحكام أكثر صرامة فيما يتعلق بالسيارات الكهربائية، لأننا نعتقد أن السيارة الكهربائية ليست خيارا جيدا، فتكلفتها البيئية كبيرة جدا على عكس ما يروج البعض، بطارية السيارة الكهربائية على سبيل المثال تصنع من معادن نادرة، غالبًا ما نأخذها من البلدان الأفريقية، وهذا يعني الكثير من التنقيب في المناجم، وهو يكلف البيئة الكثير، ويؤثر على المياه والهواء الذي نتنفسه، لذا بالنسبة لنا تعتبر السيارة الكهربائية خيارا سيئا.
تهتم أوروبا بتخفيف الانبعاثات والحفاظ على هدف ١.٥درجة، في نفس الوقت هناك أزمة طاقة تضرب القارة منذ بداية الحرب الروسية في أوكرانيا، كيف تحقق أوروبا التوازن بين توفير الطاقة دون تعد على الأهداف المناخية؟
أزمة الطاقة في فرنسا وفي أوروبا بدأت قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا، لأن الاقتصاد الأوروبي بشكل عام اقتصاد استهلاكي إنتاجي يتطلب الكثير من الطاقة، ونحن علماء البيئة نقول إن أي اقتصاد إنتاجي يتطلب اتخاذ الكثير من الإجراءات والوسائل لحماية الأرض، وحل هذه الأزمة تبدأ من الفرد نفسه، فإذا عاش الجميع مثل الأمريكيين مثلً فسوف نستهلك 3 كواكب.
وبالتالي، لدينا خطوات ومقترحات لتغيير نمط اقتصادنا ليتكيف مع الوضع الحالي، الخطوة الأولى التي يجب اتخاذها هي تغيير نمط الحياة الأوروبي والتأقلم للعيش مع طاقة أقل، على سبيل المثال إنتاج الغذاء يتطلب طاقة كثيفة، هنا يجب أن يدرك الفرد في أوروبا أن حتى محتويات طبق الطعام الذي يأكله تؤثر على حجم الطاقة المستهلكة، فإذا احتوى طبقه على خضراوات أو فواكه بدلا من اللحوم يعني استهلاك طاقة أقل بكثير، نفس الأمر فيما يخص النقل، إذا انتقلت بوسائل النقل العام بدلا من السيارة الفردية سيصبح استهلاك الطاقة أقل بكثير، لذا فإن المشكلة الأساسية في نمط الحياة الغربي الذي يستهلك الكثير من الطاقة والثروات ويتعارض مع سلامة كوكبنا.
هناك بعض الدول الأوروبية التي عادت بالفعل لاستخدام الفحم، ما هو موقف الحزب من ذلك؟
في الواقع هذا أمر سيئ للغاية، ونرفضه بشدة، فاستخدام الفحم والغاز أيضا يعني المزيد من الانبعاثات وبالتالي ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي، جميع مصادر الطاقة بها عيوب، حتى الطاقة النووية مضرة وخطيرة على البيئة، ويجب الحد منها، لكن كي نستطيع التخلص من الوقود الأحفوري، نحتاج إلى استهلاك أقل للطاقة، وإذا استمرت مجتمعاتنا في الاستهلاك الكثيف فسيزيد الإنتاج، ما يعني المزيد من الطاقة، لذلك يتعين علينا تكييف احتياجاتنا مع ما يمكن أن تنتجه الأرض، هذا شرط أساسي لنجاح خطة انتقال أوروبا للطاقات المتجددة والبدائل النظيفة والصديقة للبيئة مثل طاقة الكتلة الحيوية والرياح، والطاقة الحرارية الأرضية والشمسية.
هل تعتقد أن أوروبا ستنجح في خطة التحول للطاقة النظيفة في وقت سريع؟ وما هي العوائق من وجهة نظرك؟
هذا أمر غير مؤكد، لأن أوروبا هيكل كبير وضخم، والأمر قد يستغرق وقتاً طويلاً لتنفيذ هذا التحول والتكيف معه، ولسوء الحظ لم يتم اتخاذ التدابير الأساسية المطلوبة، وهي تثقيف الشعوب وزيادة الوعي بالوضع الحالي فيما يخص ضرورة تقليل استهلاك الطاقة، أنا من الشعب، ولست متأكدًا من أنهم يدركون الوضع الذي نحن فيه، ونقطة اللاعودة التي قد نصل إليها، لن يحدث انتقال الطاقة بدون اتخاذ إجراءات بشأن توفير الطاقة، وإما أن نفعل ذلك بإرادتنا الآن أو سنفعل ذلك رغمًا عنا ونحن نتحدث عن معانتنا، ولكن على أية حال من المؤكد أنه في العقد المقبل سيكون لدينا أسلوب حياة يعتمد على طاقة أقل بكثير، لأننا لن نكون قادرين على توفير الطاقة بشكل مكثف كما كنا في الماضي.
ما موقف أوروبا فيما يخص نصيبها من الـ100 مليار دولار التي تعهدت به الدول الغنية بدفعها للدول النامية لمكافحة تغير المناخ؟
تقول أوروبا إنها ستلتزم بتعهداتها، لكنها اليوم تواجه أزمات مالية كبيرة وعجز في الميزان التجاري، وبالتالي، من وجهة نظري، ستظل هذه التعهدات شفوية، وليس من المؤكد أن تفي أوروبا فعلًا بدفع هذه المبالغ.
هل للحزب موقف ضاغط على الاتحاد الأوروبي للالتزام بتعهداته؟
نعم بالطبع، نحن ندرك حقيقة أننا سننجح في تحدي المناخ، من خلال حل هذه المشكلة عبر التعاون الملموس بين جميع دول العالم في الشمال والجنوب، لذلك فإننا نلعب دورا مهما في ذلك، ونحن كأول وأبرز حزب بيئي فرنسي نضغط بقوة على النواب الأوروبيين للالتزام بتعهداتهم، ونوجه رسائل لهم عبر وسائل الإعلام أيضا، مفادها أننا كسكان لهذه الأرض إما سننجح معا وإما سنفشل معا، والفشل معناه نهاية كوكبنا.
ما توقعاتكم لمؤتمر COP28؟ هل ينجح في تحقيق تقدم ملموس في تنفيذ أهداف اتفاق باريس؟
في المؤتمرات السابقة كنا نسمع أقوالا وتعهدات دون تنفيذ، يجب أن ننتقل الآن من مرحلة الأقوال إلى مرحلة الأفعال، ونحن دعاة حماية البيئة في فرنسا نشعر بالحزن لأن ذلك لم يحدث حتى الآن، نتمنى أن نرى مرحلة التنفيذ في COP28، أمامنا فرصة مناسبة جدا في دبي لتحقيق ذلك، لأننا حتى الآن، للأسف، بعيدين عن هدف 1,5 درجه، وأصبح من الضروري أن يتخذ العالم إجراءات ملموسة وفعالة، أنا أعتقد وآمل أن يضعنا المؤتمر المقبل في دبي على أول الطريق التنفيذ.
ما هي أجندة الحزب بشأن تغير المناخ في انتخابات البرلمان الأوروبي المقبلة؟ وما رؤيته لما تعانيه الدول النامية؟ وكيف يمكن للدول الغنية المساهمة في الحلول؟
يحمل حزبنا ( البيئة في المركز) مشروعاً اجتماعياً بالأساس، قمت بتفصيله في كتبي الـ14، سنروج له من خلال العديد من المؤتمرات الصحفية في الفترة المقبلة، خاصة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية الأوروبية في مايو/أيار 2024، هذه الانتخابات مهمة جدا بالنسبة لنا، لأنها ستجعل مشروعنا محط اهتمام 450 مليون نسمة يعيشون في 27 دولة من دول الاتحاد الأوروبي، وتصل برسائلنا للعالم أجمع، وسوف نعلن عنها بشكل مكثف قريباً.
يقوم مشروعنا على تغيير برمجيات اقتصاد بلادنا ودعم التعاون مع جميع دول العالم، وذلك عبر إجراءات بسيطة.
يركز المشروع على نظام التبادل المحلي أو المجتمعي، وهو نظام مقايضة اقتصادي، يجري خلاله تبادل السلع والخدمات بين الأفراد والمجموعات داخل المجتمعات، ويعتاد من خلاله سكان المنطقة أو الإقليم على تبادل وقتهم وسلعهم ومهاراتهم.
إذا نجحنا في تطوير نظام التبادل المحلي في مكان ما في أوروبا أو في أي مكان في العالم سنحتاج عدد أقل من المنتجات، وهذا يزيد القوة الشرائية ويزيد أيضًا من الروابط الاجتماعية، وفي كل مرة نلغي فيها الحاجة إلى منتج ما نخدم المناخ والبيئة بشكل جيد، ونستهلك كميات أقل من المياه والموارد والطاقة أيضا، وبالتالي نساهم في إنقاذ كوكبنا.
أيضًا نريد دعم وتطوير المزارعين، ودعم الزراعة العضوية، ونحمل دعوة للجميع بأن يتوقفوا عن تجاهل المزارعين ومطالبهم، خاصة في البلدان الفقيرة، فالفلاحون هم عماد أحد أهم القطاعات في عالمنا اليوم، وهو قطاع الزراعة.
هناك أزمة عالمية في أوروبا وفي البلدان النامية أيضًا، لدينا نقص كبير في أعداد المزارعين، وبالتالي فإن المحاصيل الزراعية تقل، والأراضي تهجر، وفي نفس الوقت نفقد العديد من الأراضي الخصبة الصالحة للزراعة، بسبب زيادة استخدام الأسمدة الكيميائية، إنه مأزق لا يصدق.
تسعى أوروبا من ضمن أهدافها لإنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري.. فماذا عن حق الدول النامية في التنمية؟
من المهم ألا تعيد البلدان النامية تجاربنا السيئة، على سبيل المثال نرى أن الصين تعيد إنتاج الأخطاء التي ارتكبناها وتتبع نمط الحياة الغربي، لذا من المهم ألا تسلك الدول الأخرى هذا المسار وألا تكرر أخطاءنا.
لذلك من المهم أن يكون هناك تبادل للخبرات بين الشعوب، ومن الضروري رصد المشاكل التي وقع فيها الغرب حتى لا يتم إعادة إنتاجها في مكان آخر، كما يجب تغيير نموذج المجتمع نفسه.
أرى بصدق أن الانتخابات الأوروبية وCOP28 هما أهم حدثين عالميين في العام الجاري، وهما فرصة مناسبة لتغيير مسار العالم وتفكير البشر.
كيف سيشارك الحزب في COP28؟ وما أجندته لهذا الحدث؟
سيكون حزبنا موجودا في وسط دبي لإلقاء كلمتنا ونشر رسالتنا وفتح قنوات للتواصل مع المنظمات الأخرى، بالتأكيد ستكون لحظة وفارقة ومهمة لنا وللجميع.
سندعم بشكل رئيسي قضية "التنفيذ"، والمضي قدماً في الوفاء بالتعهدات السابقة.
سنركز أيضاً على رفع وعي الناس بمشكلة المناخ وبأهمية تقليل الاستهلاك، كما نسعى لمناقشة استخدام التكنولوجيا المتقدمة للتعامل مع نقص الغذاء والمياه والطاقة التي تأثرت بمشكلة الاحتباس الحراري، نريد أيضاً مناقشة مشكلة الاكتفاء الذاتي في المنتجات الزراعية وإعادة تدوير المخلفات.
aXA6IDMuMTQ1LjU4LjE1OCA= جزيرة ام اند امز