بالصور.. المصريون يتمسكون بفرحة "المولد النبوي" رغم الغلاء
المصريون قرروا التمسك بفرحة المولد النبوي وشراء الحلوى رغم الغلاء.. شاهدوا الصور
في أحد الأزقة بحي باب الشعرية وسط العاصمة المصرية القاهرة، عجً الطريق بمحلات حلوى المولد النبوي، التي جذبت العشرات من المواطنين رغم ارتفاع الأسعار، في صورة تعكس محاولة مصر للكفاح من أجل النهوض اقتصاديًا، على المستوى الرسمي والشعبي معًا.
"العين" تجولت بين مجموعة أسواق وسط العاصمة، هي الأشهر في صناعة وبيع حلوى المولد النبوي، التي تتخذ شكل العروس تارة، وشكل الحصان تارة أخرى. وكان واضحا إقبال المواطنين على العروس المصنوعة من البلاستيك، لإهدائها للصغار، فيما حرص عدد من الأسر المصرية على شراء الحلوى كتقليد اعتادوه منذ سنوات.
ويحتفل المسلمون سنويًا بذكرى مولد النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في الثاني عشر من شهر ربيع الأول بتقويم السنة الهجرية، ويتداول المصريون عروس المولد النبوي كشكل من أشكال الاحتفال بمولده، منذ عهد الفاطميين.
تتعدد الروايات حول سبب استخدام عروس المولد، فيذهب البعض إلى أن الحكام الفاطميين كانوا يشجعون الشباب على عقد قرانهم في يوم المولد النبوي، ما جعل ذهن الحرفي المصري يفكر في تشكيل حلوى على هيئة عروس، فيما يختلف زيها من عصر لآخر.
رواية أخرى وردت في كتب التاريخ وهي أن الحاكم بأمر الله كان يحب إحدى زوجاته، فإثناء خروجها معه في يوم المولد النبوي ظهرت في الموكب بردائها الأبيض وعلي رأسها تاج من الياسمين، فقرر الصناع أن يصنعوا أميرة تشبهها في قالب من الحلوى.
ومنذ ذلك الحين اعتاد المصريون شراء حلوى المولد، وهو ما لا يحرمه الأزهر الشريف، كما أنه لا يقول بأنه "فريضة" يجب القيام بها، حيث قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، لبوابة "العين": "لا نقول إنه حرام، كما لا نقول إنه فريضة، من يريد شراء الحلوى، فالأمر يرجع له، وإن لم يفعل فهذا اختياره".
من جهة أخرى، أوضح شومان أن من يريد الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم عليه أن يتسلح بمنهجه، ويراعي أخلاقياته، ويؤدي ما كان النبي يفعله وأمر به.
سهير محمد، ربة منزل، تبلغ من العمر 65 عاما، قالت لـ"العين" أمام محل لبيع عرائس المولد بصحبة حفيدها: "أسكن هنا، وحفيدي يلح يوميًا علي أنه يرغب في شراء الحصان، فقررت النزول والسؤال عن الأسعار، أما نحن، أنا وجده، فلا نهتم بالحلويات خصوصًا مع كبر السن، لكن ابني يحضرها لنا كل عام".
ويتراوح سعر الحصان ما بين 100 جنيه (6 دولارات) إلى 200 جنيه (12 دولارًا)، حسب حجمه.
وبينما تتحدث سهير إلى البائع مطالبة بتخفيض سعر الحصان، أصر حفيدها على أحد الأحصنة الملونة، وأخذ يبكي، ما دفع جدته لشراء الحصان، متابعة: "إنه موسم (عيد) ولا أستطيع كسر خاطره".
ويبرر البائع رفضه إجراء أي تخفيض بارتفاع أسعار المواد المستخدمة، بدءًا من السكر وصولًا إلى جوز الهند وعين الجمل وغيرها من المكسرات المستوردة، مما يضطرهم لرفع الأسعار.
يقف رجل ثلاثيني ومعه زوجته الشابة، يسأل عن سعر كيلو حلوى المولد، موجهًا حديثه لزوجته ما إذا كانت تحب شراء العروس. ويقول لبوابة "العين" إنه العام الأول لهما معًا وأراد أن يفرحا بهذه المناسبة خاصة أنها تبقى كحلوى في المنزل لمن يزورهم.
وأضاف حسين عبد الرحيم: "غلاء الأسعار على الجميع وهذا لا يعني أننا لن نأكل أو نشرب، كل ما يمكننا فعله استخدام كميات أقل، يعني بدلًا من 2 أو 3 كيلو نشتري كيلو واحدا".
وبلغ سعر كيلو الحلوى (مشكلة من أصناف عدة) 34 جنيهاً (دولاران تقريباً)، وتراوح سعر العروس المصنوعة من البلاستيك ومزينة ببعض الحلوى من 50 جنيهًا (أقل من 3 دولارات) إلى 150 جنيهًا (أقل من 9 دولارات)، أما المصنوعة من حلوى فقط فتصل إلى 300 جنيه (أقل من 17 دولارا)، وهو ما ينطبق على الحصان.
وخلال جولة بوابة "العين"، رفض أصحاب المصانع الثلاثة بالمنطقة التصوير داخل ورش التصنيع، أو عمل لقاءات معهم، فيما أبدى أحدهم السبب قائلًا: "لا نريد أحدا أن يسألنا عن الخامات وأسعار السكر وهذه الأمور التي تسبب في أذى لنا كتجار، فالبعض يظهرنا على أننا نحتكر السكر داخل البلاد ونتسبب في أزمة، وهذا غير صحيح".
وتابع الرجل الذي رفض ذكر اسم مصنعه أو اسمه: "نصهر السكر الخام ونصبه في قوالب العرائس والأحصنة، نتركه يبرد، وبعدها نفك القوالب، موسم كأي موسم، الجديد فقط هو غلاء الأسعار وعدم الاقبال المنتظر".
يقاطعه بائع مجاور له، وهو يرتب الحلوى في عدد من العلب الفارغة، بينما يترك البقية لحين بيع الأولى: "الحلوى في كل مكان، والموجود أكثر من المطلوب، ومن كان يشتري 3 علب العام الماضي، يكتفي بواحدة فقط".
وفي وسط القاهرة، خلف أرفف مزدحمة بحلوى المولد، ازدحمت إحدى محلات الحلوى الشهيرة، بعشرات المواطنين، في مشهد مغاير لما أظهرته بقية الجولة، فيما نصب عدد من الشوادر مساحة واسعة واضعين فيها حلوى المولد النبوي مختلفة الأحجام والأشكال، في وقت بدت فيه حركة البيع ضعيفة مقارنة بالمحلات الشهيرة.
كان واضحا على وجوه الكثيرين إن المصريين قرروا التمسك بفرحة المولد النبوي رغم الحديث عن أي غلاء تشهده أسعار المواد الغذائية في العديد من بلدان العالم.