الزبير بن العوام.. حواريّ النبي المُبشر بالجنة
ليس مجرد صهر لأول الخلفاء الراشدين أبي بكر الصديق أو ابن عمة رسول الإسلام، أو أحد العشرة المبشرين بالجنة؛ الأمر تخطى ذلك كله.
ليس مجرد صهر لأول الخلفاء الراشدين أبي بكر الصديق أو ابن عمة رسول الإسلام، أو أحد العشرة المبشرين بالجنة؛ الأمر تخطى ذلك كله؛ فالزبير بن العوام هو حواري النبي محمد، حيث قال فيه: "إن لكل نبي حواريا وأنا حواري الزبير"، ومنذ تلك اللحظة لقبه المسلمون بحواري الرسول، لأنه كان ينصر النبي على عدوه ويمنع عنه الأذى.
الزبير بن العوام بن خويلد، ابن السيدة صفية بنت عبدالمطلب عمة نبي الإسلام محمد بن عبدالله، كانت أمه تناديه بـ"أبو الطاهر"، وعُرف بين أهله آنذاك بـ"أبي عبد الله"، نسبة لابنه، قُتل أبوه في حرب الفجار، فنشأ يتيم الأب، وكانت أمه تعامله بشدة، وتضربه منذ طفولته بهدف أن يكون له شأن عظيم لاحقا.
اعتنق الزبير الإسلام في الثامنة من عمره، تلبية لدعوة أبي بكر الصديق له، وعلى الرغم من تعرضه للأذى من قومه؛ فإنه ظل ثابتا على الدين الإسلامي، ولم يدخل الزبير الإسلام وحده، بل أسلم أخواه السائب وعبدالرحمن، ولم يسلم أخوهم الرابع عبدالله.
تزوج الزبير من "ذات النطاقين"، السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق أول أصحاب الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وهاجر مرتين، الأولى إلى الحبشة والأخرى إلى يثرب، وبعد هجرته الأخيرة إلى المدينة المنورة، رزقه الله بمولوده الأول عبدالله بن الزبير، وكان أول مولود للمسلمين بعد الهجرة.
كان الزبير من الستة الذين قال عنهم عمر بن الخطاب إن الرسول توفي وهو راضٍ عنهم، لذا اختارهم عمر ليكونوا من أهل الشورى في اختيار الخليفة من بعده.
اشتهر الكثيرون من صحابة الرسول بنقل الأحاديث عنه، إلا أن الزبير كان مقلا في ذلك، على الرغم من ملازمته للنبي منذ أن دخل الإسلام، وعندما سأله ابنه عبدالله عن السبب قال: "ما فارقته منذ أسلمت، ولكن سمعت منه كلمة، سمعته يقول: من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار"، فتجنب الزبير كل ما قد يدخله النار، على الرغم من أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم بشره بالجنة.
كما كان ابن العوام أول من سل سيفا في وجه المشركين، وشهد كل غزوات النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكان في مقدمة الصفوف في غزوة بدر، وكان حاملا إحدى رايات المجاهدين الثلاث في فتح مكة، وشارك في فتح مصر، وكان من حراس المدينة في أثناء حروب الردة، وشهد غزوة خيبر، وغزوة الخندق، وكان من الذين انتدبهم النبي لمتابعة جيش قريش بعد انتهاء المعركة في غزوة أحد.
جاء رحيله عن هذه الحياة بعد حدوث الفتنة الشهيرة ومقتل عثمان بن عفان، حيث خرج الزبير بن العوام مع السيدة عائشة زوجة النبي محمد صلى الله عليه وسلم للمطالبة بدم عثمان، فالتقى إياه علي بن أبي طالب وذكّره بشيء ما عن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قد قاله له، فانصرف بعدها الزبير، وعندما اتهموه بأنه جبان، أكد أن انسحابه كان لترديد علي بن أبي طالب شيئا سمعه الزبير من الرسول صلى الله عليه وسلم، فحلف ألا يقاتله، وبالفعل عاد الزبير إلى داره، ولكن لحقه عمرو بن جرموز وقتله غدرا وهو نائم، لتصعد روحه، عن 67 عاما.