الناشرون في سباق مع «غوغل».. قلق من هيمنة الذكاء الاصطناعي على الأخبار

تسود حالة من القلق بين الناشرين العالميين مع توسع "غوغل" في طرح أدواتها المدعومة بالذكاء الاصطناعي، التي باتت تهدد أحد أهم مصادر الزيارات لمواقعهم الإخبارية والمحتوى الرقمي.
وفي يوليو/تموز الماضي، أطلقت الشركة الأمريكية نسختها الأحدث من "وضع الذكاء الاصطناعي" (AI Mode)، بعدما بدأت تجربتها في الولايات المتحدة، ما أثار تحذيرات من أن التراجع الملحوظ في حركة المرور القادمة من البحث سيتفاقم بوتيرة أسرع، بحسب فينانشيال تايمز.
هذه الأداة الجديدة تقدم إجابات موسعة على الاستفسارات مباشرة في أعلى صفحة النتائج، وهو ما يضيف إلى خاصية "الملخصات الذكية" (AI Overviews) التي تختصر المحتوى دون الحاجة إلى دخول المستخدم إلى المواقع المصدرية.
وقال شون كورنول، الرئيس التنفيذي لشركة "إيميديت ميديا" البريطانية المالكة لعلامات "راديو تايمز" و"غود فود": "أثر هذه الأدوات ملموس بالفعل. التطور يسير بسرعة هائلة، وعلينا أن نستعد لانخفاضات حادة في الزيارات خلال السنوات المقبلة".
زيارات أقل ومكاسب ضائعة
تقرير أصدرته مؤسسة "إندرز" بالتعاون مع جمعية الناشرين المحترفين، كشف أن نصف المؤسسات الإعلامية تقريبًا شهدت خلال العام الماضي تراجعًا في الزيارات من "جوجل"، وخلص التقرير إلى أن الملخصات الذكية تستهلك نسبة متزايدة من الجمهور، إذ يعتمد 80% من المستخدمين على "البحث بلا نقر" في جزء كبير من استفساراتهم.
دراسات أخرى صادرة عن "مركز بيو للأبحاث" و"أوثوريتاس" أوضحت أن احتمالية نقر المستخدمين على الروابط تتراجع عند ظهور إجابة موجزة من الذكاء الاصطناعي، لكن "غوغل" اعتبرت هذه الدراسات "معيبة منهجيًا"، مؤكدة أنها ما زالت توجه مليارات النقرات للمواقع يوميًا.
خسائر في الإعلانات والاشتراكات
بيانات "ديجيتال كونتنت نيكست"، وهي منظمة أمريكية تضم ناشري المحتوى الرقمي، أظهرت انخفاضًا نسبته 10% في حركة الإحالات من "غوغل" إلى الناشرين المتميزين خلال مايو ويونيو الماضيين، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
ورأى نيل فوغل، الرئيس التنفيذي لمجموعة "بيبول إنك" (الاسم الجديد لـ "دوت داش ميريديث")، أن "غوغل زيرو" أصبح المحور الأساسي لاستراتيجية الشركة في التفكير بكيفية وصول المقالات إلى الجمهور مستقبلًا، موضحًا أن نسبة الزيارات القادمة من البحث تراجعت بالفعل من 65% إلى نحو 30% خلال خمس سنوات.
وفي بريطانيا، حذرت ساجيدة ميرالي، الرئيسة التنفيذية لجمعية الناشرين المحترفين، من أن المحتوى الحياتي والإرشادي بات الأكثر عرضة للتأثر، مشيرة إلى أن بعض الناشرين سجلوا انخفاضًا بنسبة 25% في الزيارات لمقالاتهم المتصدرة لنتائج البحث، رغم تحسن ظهورها في الترتيب، مضيفة: "بما أن الأداة تعرض روابط أقل، فذلك لن يخدم الناشرين على الإطلاق".
على الجانب الآخر، أكدت "غوغل" أن حجم الزيارات الكلي إلى المواقع عبر محركها لا يزال مستقرًا نسبيًا، مشيرة إلى أن النقرات التي تتم من الصفحات التي تتضمن ملخصات الذكاء الاصطناعي "أعلى جودة"، حيث يقضي المستخدمون وقتًا أطول على المواقع.
نحو بدائل جديدة
في مواجهة هذه التغيرات، يركز الناشرون على استراتيجيات بديلة أبرزها تنويع مصادر الدخل عبر الاشتراكات الرقمية، وتنظيم الفعاليات، والمؤتمرات، إلى جانب بناء جمهور مباشر لا يعتمد فقط على "غوغل".
وأوضح كورنول أن الاستثمار في كتّاب مؤثرين وتحويلهم إلى علامات شخصية قد يكون وسيلة لجذب الأجيال الجديدة، التي تميل إلى متابعة الأفراد أكثر من المؤسسات.
أما هنري فاور ووكر، الرئيس التنفيذي لشركة "نيوزكويست"، فأشار إلى أن الإعلام المحلي قد يكون أقل تأثرًا حاليًا، لكنه أكد أن "القلق ما زال قائمًا مع تطور قدرات الذكاء الاصطناعي"، داعيًا إلى تعزيز الزيارات المباشرة كخيار استراتيجي.
وأكد ووكر: "على الناشرين أن ينتجوا محتوى استثنائيًا يجذب الناس للعودة، فالعالم لا يحتاج لمزيد من المواد المتوسطة، ومن لا يتعامل مع هذا التحول الآن، فقد تأخر كثيرًا".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMiA= جزيرة ام اند امز