الانتخابات البرازيلية.. هل يدفع بولسونارو ثمن علاقته ببوتين؟
لم يفشل فقط الرئيس البرازيلي الحالي غايير بولسونارو في حسم الانتخابات في جولتها الأولى، لكنه حل ثانيا بعد خصمه الرئيسي الرئيس السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا.
وجاءت نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في البرازيل، التي جرت أمس الأحد، متوافقة مع استطلاعات الرأي التي أظهرت منذ مطلع العام الجاري تفوق دا سيلفا على بولسونارو
وقالت لجنة الانتخابات العليا في البلد الأقوى في أمريكا اللاتينية، اليوم الإثنين، إن المرشحين بولسونارو ودا سيلفا سيشاركان في جولة الإعادة الرئاسية المقررة في نهاية الشهر الجاري، بعد فشلهما في الحصول على أكثر من 50% من أصوات الناخبين في الجولة الأولى.
وبعد فرز نحو 97% من الأصوات حصل بولسونارو على 43.63%، بينما حصل لولا ودا سيلفا على 47.93%.
لكن في خضم صراع عالمي بين القوتين العظميين، الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، على خلفية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، كيف يمكن أن تؤثر نتائج الانتخابات على كل من واشنطن وموسكو؟
الحليف بات عدوا
بالنسبة إلى واشنطن كان بولسونارو الملقب بـ"ترامب" اللاتيني حليفا موثوقا في زمن الرئيس السابق دونالد ترامب، وبفضل علاقة الزعيمين كانت البرازيل بمثابة حليف أساسي لحلف شمال الأطلسي (الناتو) وإن لم تكن عضوا فيه.
لكن العلاقات تدهورت سريعا بعد دخول الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن المكتب البيضاوي، حتى إن واشنطن لم تعين سفيرا لها في برازيليا منذ منتصف العام الماضي.
ويمكن رصد بداية التباعد بين واشنطن وبولسونارو مع محاولات الأخير تعزيز صلاته بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وكانت الإشارة الأبرز للعلاقات الجديدة المتنامية بين الرجلين حينما وقف بولسونارو أمام أنصاره قبل عامين وسألهم "هل شاهدتم خطاب الرئيس الروسي أمس؟ هل تسنى ذلك لأحد منكم؟".
سؤال الرئيس البرازيلي الذي أثار لاحقا موجة سخرية، كان يشير إلى كلمة لبوتين أمام قمة افتراضية لمجموعة "بريكس" التي تضم إلى جانب البرازيل وروسيا، كلا من الهند والصين وجنوب أفريقيا.
وقال بوتين حينها موجها حديثه لنظيره البرازيلي الذي أصيب بفيروس كوفيد19 "لقد أصبت بهذا المرض (يقصد بولسونارو)، وصمدت في هذه المحنة بشجاعة كبيرة"، بحسب تدوينة لبولسونارو على حسابه على "فيسبوك".
وأضاف بوتين: "هذه اللحظة لم تكن سهلة، لكنك واجهتها كرجل حقيقي وأظهرت أفضل صفات الرجولة".
غزل متبادل
وأمام العزلة التي فرضت على بولسونارو بعد خروج ترامب من البيت الأبيض كانت موسكو حلا مناسبا، وقد اختار الرئيس البرازيلي زيارة روسيا قبل أيام من بدء عمليتها العسكرية في أوكرانيا رغم ضغوط أمريكية لمنعه من إتمامها بحسب تقديرات لمحللين.
وفي وقت لاحق على الزيارة التي وضعت البرازيل في موقع العداء للتحالف الغربي المناهض لبوتين، قال بولسونارو في تصريح صحفي: "قبل بضعة أسابيع التقيت بأحد أقوى الأشخاص في العالم. هو الآن في صراع مع دولة مجاورة. وتحدثنا لما يقرب من ثلاث ساعات".
ويقول محللون إن الرئيس البرازيلي الذي فقد الأمل في دعم واشنطن منذ تولي بايدن الرئاسة وضع رهانه على قدرة الرئيس الروسي على دعمه، مشيرين إلى أن العلاقة مع بوتين كانت "للتسويق السياسي في زمن الانتخابات".
ورفضت البرازيل العضو غير الدائم في مجلس الأمن الانحياز للغرب في معركته مع روسيا، مفضلة إعلان الحياد، ولم تؤيد حكومة بولسونارو قرارا أمميا في مجلس الأمن لإدانة بوتين ويقترح عقوبات ضد روسيا.
ويدعم قطاع الأعمال الزراعية في البرازيل علاقات منفتحة مع روسيا التي تزودها بالأسمدة.
وفي يونيو/حزيران الماضي تعهد بوتين خلال محادثات هاتفية مع نظيره البرازيلي بوفاء موسكو بالتزاماتها لضمان إيصال الأسمدة الروسية إلى المزارعين البرازيليين من دون أي توقف، ما قد يؤمن دعما لبولسونارو في مواجهة الاشتراكي دا سيلفا.
بوتين ينتصر في البرازيل
وسواء فاز بولسونارو في جولة الإعادة أو انتصر خصمه يبدو الرئيس الروسي قد حقق تقدما جيوسياسيا في أمريكا اللاتينية.
ومثل خصمه يعتبر دا سيلفا الأزمة في أوكرانيا مسؤولية مشتركة بين بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي وصفه بولسونارو بـ"الفكاهي" بالنظر لبدايته كممثل كوميدي.
ويعني بقاء البرازيل على الحياد في الأزمة الأوكرانية أن روسيا نجحت على الأقل في تأمين موقف البلد الأبرز في أمريكا اللاتينية بمعزل عن نتائج الانتخابات. وربما لن يحظى بولسونارو بدعم موسكو في الانتخابات لكنه أيضا لن يخشى دعم واشنطن لخصمه فيها.