باحث بريطاني: أزمة الجاسوس "قشة" قصمت ظهر روسيا
الأمر تخطى كونه أكبر عملية طرد أمريكية في أكثر من 30 عاما.
في الوقت الذي تمكنت فيه بريطانيا من تقديم أدلة قاطعة على تورط روسيا في حادث تسميم الجاسوس السابق سيرجي سكريبال وابنته، لم تردّ روسيا سوى بالنفي أو إلقاء اللوم على دول أخرى أو إطلاق مجموعة من نظريات المؤامرة، وهو ما جعل الأزمة بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير.
وقال الباحث بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن شاشانك جوشي، إن الطرد المنسق لعملاء استخبارات روس مشتبه فيهم من دول الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو وما وراءهما، ردًا على محاول اغتيال سكريبال وابنته، تعتبر بمثابة انقلاب دبلوماسي كبير لبريطانيا.
وأوضح جوشي خلال مقال له عبر شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أن الأمر تخطى كونه أكبر عملية طرد أمريكية في أكثر من 30 عامًا، ليصل إلى كونه أصبح أكبر عملية طرد جماعي في تاريخ الاستخبارات.
وأضاف أنه في الوقت الذي ربما توقعت فيه بريطانيا أن يحذو حذوها أقرب حلفائها، لم تكن تتصور أنه حتى أعضاء من خارج حلف الناتو، مثل فنلندا، وخارج الاتحاد الأوروبي، مثل ألبانيا، ودول لها صلات قوية بروسيا، مثل المجر، ستتبع خطاهم.
حتى إن خطوة الطرد التي اتخذتها الولايات المتحدة جاءت أيضًا مفاجأة سارة؛ بالنظر إلى رفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انتقاد نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
وأوضح الباحث خلال مقاله، أن نجاح بريطانيا في بناء هذا التحالف الواسع النطاق يعود إلى عدد من العوامل، أحدها طبيعة العمل، التي كما ذكر الاتحاد الأوروبي خلال بيانه تمثل أول استخدام لأسلحة كيماوية على أرض أوروبية منذ الحرب العالمية الثانية.
ولفت جوشي إلى أن الدور الروسي في تمكين وإخفاء نشر حليفها السوري للأسلحة الكيماوية خلال السنوات الماضية، رغم كسرها للقواعد ضد استخدامها، حاضرًا أيضًا في أذهان القادة الغربيين، منوهًا بأن الاستجابة القوية تعتبر أيضًا شهادة بعمل المحققين البريطانيين الذين تمكنوا من تقديم أدلة قاطعة لإقناع حتى أكثر شركائهم تشككًا.
وقال الباحث بالمعهد الملكي إنه في حين قامت بريطانيا بدعوة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية للتحقيق في القضية، دعمًا لمصداقيتها، ردت روسيا بمجموعة مذهلة من الرفض المطلق ونظريات المؤامرة ومحاولات الإلقاء باللوم على دول متنوعة مثل السويد والتشيك.
لكن رأى الباحث أن بريطانيا كانت محظوظة، حيث كانت قادرة على حشد هذه الاستجابات، ليس فقط بسبب مدى رعب هذه الأسلحة أو المهارات البريطانية في التحقيق، لكن أيضًا لأن روسيا اختبرت صبر الدول الغربية، ومن هذا المنظور أصبح سكريبال القشة التي قصمت ظهر البعير.
وأشار الباحث إلى أن الغرض من طرد الدبلوماسيين مزدوج؛ فهو أولًا يبعث برسالة ردع توضح أن الهجمات السافرة لن تمر مرور الكرام وأن روسيا ستدفع الثمن، وثانيًا لتصعيب الأمر على روسيا فيما يتعلق باستخدام أجهزة الاستخبارات لاختراق وتخريب وترهيب الدول الغربية؛ فالأمر لا يتعلق بعمليات التجسس قديمة الطراز ولكنه تحدٍّ أوسع نطاقًا.