بوتين في الصين.. ملفات شائكة ورهانات على الطاولة
لم تكد تمر 7 أشهر على زيارة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين إلى الصين حتى اختارها مجددا لتكون وجهته الأولى، في أول رحلة خارجية له منذ إعادة انتخابه في مارس/آذار الماضي.
فالعملاق الآسيوي يعد شريان حياة اقتصادي شديد الأهمية لروسيا التي تعاني من عقوبات غربية فرضت على خلفية هجومها العسكري في أوكرانيا، واحتفى البلدان مطلع عام 2022، قبيل بدء العملية العسكرية بأوكرانيا، بشراكة ثنائية وُصفت بـ"اللامحدودة".
- «صوت نافذ» في الكرملين.. كاترينا ابنة بوتين تزداد قوة
- بوتين في الصين.. «شراكة بلا حدود» وحرب غزة على الأجندة
زيارة دولة
ووصل الرئيس الروسي إلى الصين، الخميس، في زيارة دولة تستغرق يومين يلتقي خلالها نظيره شي جين بينغ ويحاول الحصول على دعم أكبر لجهوده الحربية في أوكرانيا.
وأظهرت صور بثها التلفزيون الروسي استقبال مسؤولين صينيين وحرس الشرف بوتين لدى نزوله من طائرته في بكين نحو الساعة الرابعة والنصف فجرا بالتوقيت المحلي (20,30 بتوقيت غرينتش).
وبعد عودته مؤخرا من جولة في فرنسا وصربيا والمجر، دافع شي عن الحق في إقامة علاقات اقتصادية طبيعية مع روسيا، وتستفيد الصين خصوصا من واردات الطاقة الروسية الرخيصة.
تحالف متنام وملفات شائكة
وبحسب إيفان ميلنيكوف، القائم بأعمال نائب رئيس مجلس النواب الروسي فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جين بينغ، سيركزان على قضايا الأمن العالمي والإقليمي في محادثات تعقد بينهما هذا الأسبوع.
وستمثل بداية فترة رئاسته الجديدة مع إظهار الدعم من أقوى شريك سياسي له نظيره الصيني شي جين بينغ.
ومن المتوقع أن تسلط مهمة بوتين التي تستمر يومين الضوء على الشراكة "بلا حدود" التي يتباهى بها الرجلان في تحد للضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة بشأن العملية العسكرية الروسية بأوكرانيا.
وبينما يتوقع الدبلوماسيون والمحللون أن يدفع بوتين الرئيس شي لمزيد من الدعم لاقتصاد الحرب الروسي، من الآلات والمواد الكيميائية لمساعدة صناعاتها العسكرية إلى مشتريات النفط والغاز بأسعار مخفضة.
ومن المرجح أن تكون رحلة بوتين رمزية إلى حد كبير لرؤية عالمية مشتركة تركز على مكافحة الإرهاب.
وقال مسؤول روسي طلب عدم الكشف عن هويته: "الصين شريك استراتيجي لروسيا - هذا هو الطريق الذي اختاره الرئيس الروسي وزعيم الصين - ولن يغير شيء ذلك بغض النظر عما يحاول الغرب قوله أو فعله".
وفي مقابلة مع وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) نشرت في وقت مبكر الأربعاء، أيد بوتين خطة الصين للتوصل إلى تسوية سلمية للأزمة الأوكرانية، قائلا إن بكين لديها فهم كامل لما يكمن وراءها.
وقال بوتين، وفقا لنص باللغة الروسية نُشر على موقع الكرملين على الإنترنت: "في بكين، يفهمون حقا أسبابه الجذرية ومعناه الجيوسياسي العالمي".
ومن المقرر أن يناقش بوتين أيضًا العلاقات الاقتصادية مع رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ ويزور مدينة هاربين الواقعة في شمال شرق البلاد والتي تتمتع بعلاقات تاريخية مع روسيا.
ويأتي وصول بوتين بعد مهمة قام بها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى بكين أواخر الشهر الماضي، وذلك جزئيًا لتحذير كبير الدبلوماسيين الصينيين وانغ يي من تعميق الدعم العسكري لروسيا.
ولكن على الرغم من الشراكة "بلا حدود" - التي أعلنها بوتين وشي في بكين قبل أيام فقط من بدء العملية العسكرية بأوكرانيا، فقد تجنبت الصين حتى الآن توفير أسلحة وذخيرة فعلية للمجهود الحربي الروسي.
وعلى الرغم من المحادثات الداخلية الأمريكية الأولية حول فرض عقوبات على البنوك الصينية، قال المسؤولون الأمريكيون الشهر الماضي إنهم ليس لديهم مثل هذه الخطط بعد.
وقال ألكسندر نيل، وهو محلل دفاعي مقيم في سنغافورة: "أنا متأكد من أن بوتين يرغب في الحصول على مساعدة الصين في دفع روسيا إلى تجاوز الخط في أوكرانيا".
وقال نيل: "ما يمكن للصين أن تفعله دون اتخاذ إجراء من جانب واشنطن سيكون عنصراً يتم فحصه عن كثب في هذه المهمة".
دعم موسكو المعزولة
وقال جيمس تشار، الباحث الأمني في مدرسة إس. راجاراتنام في سنغافورة: "إن مجرد استقبال بكين لبوتين - بمفردها - هو بالفعل شكل من أشكال الدعم لروسيا لأن الصين هي الدولة الكبرى الوحيدة المتبقية التي لم تعزل موسكو".
وأضاف: "بل تحتاج الصين إلى وجود روسيا إلى جانبها في مواجهة الولايات المتحدة وفي صراعها طويل الأمد معها من أجل التفوق الجيوسياسي".
وارتفعت واردات النفط الروسي إلى الصين، بما في ذلك عبر خطوط الأنابيب بموجب عقود طويلة الأجل، خلال الربع الأول من العام الماضي إلى مستوى قياسي بلغ 2.14 مليون برميل يوميا، مما يجعل موسكو أكبر مورد لها للعام الثاني على التوالي.
وقفزت واردات الصين من الغاز الروسي العام الماضي نحو 40% مقارنة مع 2022 إلى 33.7 مليار متر مكعب، وفقا لحسابات رويترز لأرقام الجمارك وبيانات من آر.بي.إيه.سي للاستشارات.
وعلى الرغم من الارتفاع، لا تزال شركة الطاقة العملاقة المملوكة للكرملين غازبروم تكافح من أجل سد الفجوة في مبيعات الغاز الأوروبية المفقودة.
3 مطالب
وقال ماكس هيس، زميل معهد أبحاث السياسة الخارجية، في تصريحات لقناة سي إن بي سي الأمريكية، الأربعاء: "من الواضح جدًا أنه خلال العامين الماضيين، أراد بوتين 3 أشياء من الصين".
وأضاف أنه يريد "صفقة" لخط أنابيب الغاز الطبيعي "قوة سيبيريا 2" ويسعى للحصول على مزيد من الدعم الصيني للحرب في أوكرانيا، خاصة فيما يتعلق بالمعدات.
وقال هيس إن "بوتين يريد أيضاً الوصول إلى الأسواق المالية الصينية واستخدام العملة الصينية لتعزيز التجارة الروسية".
وأضاف: "لقد شهدنا بالفعل تقدمًا ضئيلًا بشكل ملحوظ في كل هذه الأمور. لذا، فإن بوتين سيذهب حقًا إلى الصين ليرى ما يمكنه الحصول عليه".
وتابع هيس: "الزعيم الروسي يحاول الضغط على مزاياه في ساحة المعركة وعلى الجبهة الدبلوماسية مع الصين، فيما تواجه الصين أيضًا ضغوطًا متزايدة من واشنطن بشأن دعمها العسكري لروسيا".
aXA6IDMuMTQwLjE5Ny4xNDAg جزيرة ام اند امز