حلم الدولة الكردية.. سلاح بوتين وترامب لحصار أردوغان
الأكراد، فزاعة الرئيس التركي التي يتم استخدامها ضده من وقت لآخر، لتصبح العصا الكردية من أكثر الأسلحة المستخدمة لمعاقبة أردوغان.
سياسة تركية خارجية مُتقلبة، وتصريحات غير متوازنة، ولكن الفزاعة واحدة وهي الأكراد، فزاعة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، والتي يتم استخدامها ضده من وقت لآخر، لتصبح العصا الكردية من أكثر الأسلحة المستخدمة لمعاقبة أردوغان سواء من الجانب الروسي أو الأمريكي أو كلاهما معاً.
لماذا يخشى أردوغان دولة كردية
مرت تركيا خلال تاريخها المعاصر بالعديد من الأزمات الداخلية والخارجية، استطاعت التعامل معها بشكل يحافظ على وحدة البلاد وبأقل الخسائر الممكنة.
فتأسيس دولة كردية في المنطقة وبالأخص في العراق، من شأنه أن يذكي النزعة الانفصالية في صفوف أكراد تركيا، وهو ما يعني أن الحدود التركية ستصبح بالكامل مع كيان كردي سيشكل في المستقبل سنداً لحركة الأكراد ومطالبهم بإقامة حكم ذاتي في المناطق الكردية بتركيا، حيث ترى أنقرة أن هذا المشروع هو مشروع حزب العمال الكردستاني.
فبعد رفع العلم الكردي فوق محافظة كركوك، أعلن أردوغان في حينها أنه أمر مرفوض، معتبراً أن الأكرد إذا لم يتراجعوا عن قرارهم فسيدفعون الثمن غالياً.
وقال إنه "من الخطأ رفع علم غير العلم العراقي في محافظة كركوك"، مؤكداً أنه "من يرفع العلم الكردي في المحافظة يمارس الانفصالية".
بوتين يحاصر أردوغان
توترت العلاقات بين أردوغان وبوتين الأسابيع الماضية، بسبب أزمة محادثات أستانة واتهام تركيا بمنع المعارضة المسلحة من الحضور، فبعد تلك الخطوة أعلن البرلمان الروسي ضرورة تعزيز الحوار الفوري بين دمشق والكرد، من أجل إنشاء الحكم الذاتي الكردي في سوريا، ذي "صلاحيات دستورية واسعة"، وأن هذا من شأنه "المساهمة في إحلال السلام في شمال البلاد".
توتر اختتم ببداية قطيعة بين موسكو وأنقرة، حيث أعلن أردوغان توافقه التام مع الضربة الأمريكية ضد بشار الأسد، والتي وصفتها موسكو بالتعدي علي دولة ذات سيادة، ضربة أمريكية أنتقدها حلفاء الأسد وهددوا بالرد في حالة تكرارها مرة أخرى.
بوتين والذي يعلم جيداً خطورة الدولة الكردية على الرئيس التركي، قام بالضغط أكثر في هذا الملف، وقامت موسكو بتوقيع اتفاق مع التشكيلات العسكرية الكردية من أجل تدريب قواتهم، في الوقت نفسه وصل الجيش والمعدات الروسية إلى منطقة عفرين.
مما جعل أردوغان يتحرك ويعلن قائلاً "يؤلمنا الاهتمام الذي تبديه روسيا بمنظمة وحدات حماية الشعب الكردية الإرهابية" كما وصف ما حدث بالطعنة في الظهر، من جانب موسكو.
سياسة الرئيس الروسي في التعاون مع وحدات حماية الشعب الكردي، تحقق هدفين، الأول هذه الوحدات تستخدم كإحدى أدوات الانتقام من النظام التركي، والهدف الثاني محاربة المعارضة السورية.
واشنطن والأكراد
فمنذ تأزم الملف السوري وسيطرة داعش على مناطق في أرض المعركة، بدأ تعاون الولايات المتحدة الأمريكية مع وحدات حماية الشعب الكردي لمحاربة داعش في العراق وسوريا يزداد،مما يفسر هذا التعاون في السياق الاستياء الأمريكي من الموقف التركي.
وصل صهر الرئيس دونالد ترامب ومستشاره جاريد كوشنر إلى بغداد، الأسبوع الماضي، مع رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال جوزيف دانفورد، الذي قال إن الزيارة "تساعد البيت الأبيض في اتخاذ قرارات استراتيجية".
التقى كوشنر، ثاني أيام الزيارة في أربيل، برئيس كردستان العراق، مسعود بارزاني، ورئيس الوزراء، نيجيرفان بارزاني، ونجل رئيس الإقليم، مسرور بارزاني.
حيث وصف مسرور بارزاني على حسابه في تويتر الاجتماع مع صهر ترامب بأنه كان "اجتماعاً مثمراً"، مشيراً إلى أنه تم خلاله "البحث في التقدم المحرز في الحملة ضد تنظيم داعش، وخطط اليوم التالي" لتحرير الموصل من التنظيم "الجهادي".
جاء الاجتماع بعد أن قال مسعود بارزاني، إن من حق الكرد رفع علم كردستان في كركوك دستورياً وقانونياً، خطوة وصفتها أنقرة بالمتهورة والمرفوضة.
فقبل زيارة صهر ترامب وفي أوائل العام الماضي، قام بريت ماكفورك، مبعوث الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما إلى المناطق الكردية السورية، إذ مثلت الزيارة عهداً جديداً من الانفتاح الأمريكي على أكراد سوريا، في وقت فيه يبحث الأكراد عن اعتراف إقليمي ودولي بهم، وتمكينهم من المشاركة في الجهود الدولية لتسوية الأزمة السورية، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة من قِبل أردوغان، وصلت إلى حد مخاطبة الإدارة الأمريكية على الهواء مباشرة، ومطالبتها بالاختيار بين التحالف التاريخي مع بلاده أو أكراد سوريا.
الخلاف الأمريكي – التركي بشأن وضع أكراد سوريا وصل إلى مرحلة متقدمة، خاصةً أن إمداد الولايات المتحدة للأكراد بالسلاح يلقي رفضاً من قبل الحكومة التركية التي تؤكد دوماً على وصف حزب الاتحاد الديمقراطي بالإرهابي، فيما ترفض الإدارة الأمريكية مثل هذا التصنيف للحزب.
قيام دولة كردية في العراق، يعتبر من الخطوط الحمراء عن أنقرة، وله انعكاسات حيوية مباشرة على الدولة التركية، لأنه بذلك يعزز الاتجاهات الانفصالية لدى أكراد الأناضول.