بوتين يشكر محمد بن زايد... و"رجل السلام" يوجه رسالة مهمة للعالم

رسالة مهمة وجهها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، للعالم بشأن الأزمة الأوكرانية خلال لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
رئيس دولة الإمارات أكد استعداد بلاده القيام بأي دور لحل الأزمة الأوكرانية وتخفيف تداعياتها الإنسانية، وشدد على أن "دولة الإمارات دائما ستكون موجودة"، لتهدئة الوضع ودعم الاستقرار في تلك الأزمة.
جاءت تلك الرسالة خلال استقبال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات اليوم في سانت بطرسبرغ، في إطار زيارة العمل التي يقوم بها إلى جمهورية روسيا الاتحادية.
رسالة رئيس دولة الإمارات، الذي بات يُعرف بـ"رجل السلام"، نظرًا لمبادراته الرائدة لدعم السلام والتسامح حول العالم، بعثت الأمل مجددا في نفوس العالم بتخفيف حدة الأزمة الأوكرانية التي طال أمدها.
شكر وإشادة
رسالة رئيس دولة الإمارات جاءت بعد شكر الرئيس الروسي للرئيس الإماراتي، لإسهامه في حل عدد من القضايا ذات الطابع الإنساني في خضم الصراع الأوكراني، لا سيما فيما يتعلق بتبادل الأسرى، بحسب ما أفاد موقع روسيا اليوم ووكالة سبوتنيك الروسية.
وقال بوتين مخاطبا الشيخ محمد بن زايد آل نهيان: "أود أن أشكركم على جهودكم لحل القضايا الإنسانية في سياق الأحداث في الاتجاه الأوكراني المتعلقة بتبادل الأسرى، وعدد من القضايا الإنسانية الأخرى من هذا النوع. هذا يهم أشخاصا معينين، وهذا هو الشيء الرئيسي. شكرا جزيلا على هذا".
من جهته، أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان نهج دولة الإمارات الثابت في دعم السلام والاستقرار على الساحتين الإقليمية والدولية والحلول السياسية للنزاعات والصراعات، بما في ذلك الأزمة الأوكرانية من خلال خفض التصعيد والحوار والدبلوماسية.
ونوه بأهمية تكثيف الجهود لتخفيف التداعيات الإنسانية للأزمة، ودعم مبادرات تبادل الأسرى للطرفين.
واستعرض الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس الروسي، خلال اللقاء، مسار العلاقات الإماراتية- الروسية، في ظل الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، مؤكدين الحرص على المضي قدماً في تنمية هذه العلاقات.
من جانبه، أكد رئيس الإمارات حرص بلاده على بناء جسور التعاون وإقامة الشراكات مع جمهورية روسيا الاتحادية ومختلف دول العالم، بما يعزز المصالح المشتركة ويحقق التنمية والازدهار للجميع.
وأعرب عن تمنياته أن "يكون العالم أهدأ لكي نضاعف العلاقات وندعمها" بين البلدين.
جهود رائدة
ومنذ اندلاع الأزمة الأوكرانية، يقود الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، وعلى أكثر من صعيد، جهودا للدفع بحل سلمي ينهي الأزمة، آخرها زيارته الحالية لروسيا التي تصدرت أجندتها الأزمة الأوكرانية.
جهود وصلت لمرحلة مهمة بعد إجراء رئيس دولة الإمارات مباحثات مع فلاديمير بوتين خلال زيارته لروسيا في 11 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ومباحثات هاتفية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أكثر من مرة، وترحيب الزعيمين بوساطة دولة الإمارات لإنهاء الأزمة.
وأثمرت تلك الجهود خطوة مهمة بنجاح وساطة دولة الإمارات لتبادل الأسرى بين البلدين قبل ٤ أشهر.
ونجحت وساطة إماراتية في فبراير/شباط الماضي في إنجاز صفقة تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا تم بموجبها، عودة 63 أسير حرب "من الفئة الحساسة" إلى روسيا، مقابل استعادة أوكرانيا 116 أسيرا.
شكر أوكراني
زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لروسيا تأتي بعد 4 أيام من زيارة وفد إماراتي رسمي تترأسه مريم بنت محمد المهيري، وزيرة التغير المناخي والبيئة لأوكرانيا، في أحدث حلقة من جهود دولة الإمارات المتواصلة للدفع بحل سلمي مستدام للأزمة الروسية الأوكرانية، ودعم جهودها الإنسانية المتواصلة للتخفيف من حدة الأزمة.
واستقبل الرئيس زيلينسكي 12 يونيو/حزيران الجاري، مريم بنت محمد المهيري وزيرة التغير المناخي والبيئة، على رأس وفد من دولة الإمارات، وذلك في إطار زيارتها الرسمية لأوكرانيا.
وجرى خلال اللقاء، بحث علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين، وسبل تعزيزها وتطويرها في مختلف المجالات، إلى جانب تطورات الأوضاع الإنسانية جراء الأزمة الأوكرانية وتداعياتها خاصة على الأطفال، وذلك في إطار الدعم الإنساني الإماراتي للتخفيف من الآثار الإنسانية على المتضررين من الشعب الأوكراني.
وأعرب الرئيس الأوكراني عن شكره وتقديره لدولة الإمارات وقيادتها على دعمها الإنساني المتواصل للشعب الأوكراني، في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها، منوها بالدور الفاعل للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات من أجل تحقيق السلام والاستقرار حول العالم.
على صعيد متصل، التقت مريم المهيري، خلال الزيارة، السيدة الأولى أولينا زيلينسكا حرم الرئيس الأوكراني رئيسة مؤسسة أولينا زيلينسكا للمنظمات الخيرية، حيث جرى بحث الدعم الإماراتي الإنساني لرعاية الأطفال المتضررين من الأزمة الأوكرانية، وتم عرض مشروعات تأهيلية جديدة لإعادة بناء المستشفيات وترميم المدارس المتضررة، إلى جانب الاطلاع على مستجدات أحد المشروعات التي تعكف عليها المؤسسة تحت اسم "بيوت الأيتام العائلية"، والتي دعمتها دولة الإمارات بـ4 ملايين دولار لبناء 10 مبان تحتضن نحو 100 طفل.
وأعربت أولينا زيلينسكا، عن شكرها لدولة الإمارات قيادة وحكومة وشعبا على الدعم الإنساني والإغاثي منذ بداية الأزمة للشعب الأوكراني واللاجئين الأوكرانيين في الدول المجاورة، وأثنت على الدور المحوري لدولة الإمارات في تحقيق السلام والاستقرار حول العالم.
من جانبها، أكدت مريم المهيري، أن دولة الإمارات بتوجيهات قيادتها تواصل جهودها الإنسانية على الساحة الأوكرانية، من خلال تقديم 2500 جهاز كمبيوتر لمساعدة الطلاب في التعليم عن بعد ومواصلة دراستهم، بما يسهم في التخفيف من التداعيات الإنسانية للأزمة الراهنة، انطلاقا من قيمها الأخلاقية ونهجها الإنساني الراسخ على الساحة الدولية وتقديم العون والمساعدة لشعوب العالم كافة وفي مختلف الظروف.
جهود لا تتوقف
زيارات لروسيا وأوكرانيا تندرج ضمن منظومة إماراتية متكاملة على مختلف الأصعدة السياسية والبرلمانية والإنسانية، للدفع بحل سياسي سلمي لإنهاء الأزمة الأوكرانية.
فعلى الصعيد البرلماني، في مارس/آذار الماضي، ترأس الدكتور علي راشد النعيمي رئيس مجموعة الشعبة البرلمانية الإماراتية في الاتحاد البرلماني الدولي، بصفته رئيس فريق الاتحاد المعني بالحل السلمي للأزمة الأوكرانية، الاجتماع الثامن للفريق ضمن أعمال الجمعية 146 للاتحاد، والدورة الـ211 للمجلس الحاكم الذي عقد في العاصمة البحرينية المنامة.
وكان الدكتور علي راشد النعيمي قد انتخب في أبريل/نيسان من العام الماضي رئيسا لفريق عمل الاتحاد البرلماني الدولي المعني بالحل السلمي للأزمة الأوكرانية، في خطوة تعبر عن ثقة دولية في جهود دولة الإمارات لحل الأزمة.
دعم إنساني
وتدعم دولة الإمارات جهود التوصل إلى حل سياسي للأزمة بما يخدم الأمن والاستقرار والسلم الإقليمي والدولي.
وبموازاة جهودها الدبلوماسية والسياسية والبرلمانية المتواصلة لحل الأزمة، تنشط أيضا الجهود الإنسانية لدولة الإمارات للتخفيف من وطأتها.
وفي إطار تلك الجهود جاء إعلان رئيس دولة الإمارات في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي تقديم 100 مليون دولار للمدنيين الأوكرانيين، إلى جانب إرسال 3 طائرات تحمل إمدادات إغاثية من بينها 2520 مولداً كهربائياً ومستلزمات شخصية.
وقدمت دولة الإمارات أيضا، إمدادات إغاثية عاجلة للمتضررين عبر 11 طائرة إغاثية، وإمدادات طبية شملت 540 طناً من المواد الطبية والغذائية، و94 طناً من المواد غير الغذائية، إلى جانب إرسال 6 سيارات إسعاف لدعم اللاجئين الأوكرانيين في بولندا ومولدوفا وبلغاريا.
وقبل 3 أشهر، استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أولينا زيلينسكا زوجة الرئيس الأوكراني، رئيسة مؤسسة أولينا زيلينسكا للمنظمات الخيرية.
واطلع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال اللقاء على تداعيات الأزمة الأوكرانية على المستوى الإنساني خاصة على الأطفال.
ووجه بتقديم 4 ملايين دولار مخصصة لرعاية الأطفال المتضررين من الأزمة لصالح أحد المشروعات التي تعمل عليها المؤسسة تحت اسم "بيوت الأيتام العائلية"، حيث ستسهم في بناء 10 مبان ستحتضن نحو 100 طفل.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن دولة الإمارات لن تدخر جهداً في العمل على التخفيف من الآثار الإنسانية لهذه الأزمة على جميع المستويات، والإسهام الفاعل في أي جهد دولي أو إقليمي يستهدف احتواء هذه الآثار، من منطلق قيمها الأخلاقية ونهجها الإنساني الراسخ على الساحة الدولية.
توجيهات متتابعة تبلور إنسانية قائد ملهم، وتجسد قيم ومبادئ الإمارات الراسخة في مساعدة ودعم الشعوب ونجدة الملهوف والمستغيث.
جهود دولية.. مجلس الأمن
أيضا تتزامن زيارة رئيس دولة الإمارات لروسيا مع ترؤس بلاده لمجلس الأمن الدولي لشهر يونيو/حزيران، الذي يعتبر أعلى هيئة دولية معنية بصون الأمن والسلم الدوليين، للمرة الثانية بعد أن ترأسته شهر مارس/آذار من العام الماضي، وسط سعي إماراتي حثيث لحل الأزمة.
وخلال ترؤس دولة الإمارات اجتماعات مجلس الأمن الدولي على مدار شهر مارس/آذار، قادت المجلس -بالتعاون مع الأعضاء الآخرين- لتطوير الاستجابات للتحديات الأمنية العالمية الملحة، وعلى رأسها الأزمة الأوكرانية.
وعملت دولة الإمارات بكل طاقاتها لخفض التصعيد والتوتر جراء الوضع في أوكرانيا، والعودة إلى الحوار والمفاوضات وإعطاء الأولوية لحماية المدنيين، واحترام جميع الأطراف للقانون الإنساني الدولي.
وعقدت جلسات بالمجلس لبحث التطورات بشأن أوكرانيا أيام 4 و7 و18 و30 مارس/ آذار، دعت خلالها المجتمع الدولي لبذل قصارى الجهود لتخفيف تداعيات الأزمة الإنسانية هناك.
ودعت دولة الإمارات إلى السماح بوصول المساعدات الإنسانية للمُحتاجين دون تقييد ذلك بأي اتفاقات لوقف إطلاق النار، فضلاً عن ضمان سلامة العاملين في المنظمات الإنسانية.
وحثت بقوة على ضبط النفس والتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في كافة أنحاء أوكرانيا، إلى جانب تفعيل القنوات الدبلوماسية لإنهاء النزاع بشكلٍ مستدام.
جهود الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لحل الأزمة الأوكرانية تنسجم مع مبادئ الخمسين، التي ترسم المسار الاقتصادي والسياسي والتنموي لدولة الإمارات للخمسين سنة المقبلة.
وينص المبدأ العاشر منها على أن "الدعوة للسلم والسلام والمفاوضات والحوار لحل كافة الخلافات هو الأساس في السياسة الخارجية لدولة الإمارات، والسعي مع الشركاء الإقليميين والأصدقاء العالميين لترسيخ السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي يعتبر محركاً أساسياً للسياسة الخارجية".
علاقات متنامية
وتعد هذه هي الزيارة الثانية لرئيس دولة الإمارات لروسيا خلال 9 أشهر، بعد الزيارة التي أجراها 11 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والتي شهدت قمة مهمة جمعته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وتعد القمة التي جمعت الزعيمين خلال الزيارة الحالية هي الحادية عشرة التي تجمع الزعيمين منذ تولي بوتين رئاسة روسيا عام 2012 (الفترة الرئاسية الثالثة)، بحسب إحصاء لـ"العين الإخبارية".
أرست تلك الزيارات والقمم ركائز صلبة لمسار العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، لتتوج بتوقيع البلدين اتفاق شراكة استراتيجية بينهما خلال زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لروسيا مطلع يونيو/حزيران 2018.
وكان نتاج تلك الشراكة قيام بوتين بزيارة لدولة الإمارات في أكتوبر/تشرين الأول 2019، كانت الأولى له إلى الخليج عموما منذ 12 عاماً تقريباً.
وتتزامن الزيارة مع مشاركة وفد إماراتي رفيع المستوى يترأسه الشيخ سعود بن صقر القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم رأس الخيمة، في منتدى "سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي 2023" في روسيا الاتحادية، والذي تشارك فيه دولة الإمارات كضيف شرف الدورة الحالية التي تقام أعمالها خلال الفترة من 14 - 17 يونيو/حزيران الجاري.