كان قابوس بن سعيد آل سعيد محبا لشعبه ووطنه وللأمة العربية والخليجية سعى جاهدا في خدمتهم.
تلقينا نعي ديوان البلاط السلطاني العماني الذي تم بثه عبر وسائل الإعلام العمانية بفاجع الألم والحزن لرحيل آخر مؤسسي مجلس التعاون الخليجي الذي يعد أحد أركانه ومؤسسيه وأحد رجال وسلاطين عمان الأوفياء الذي فتح لعمان بناء نهضة شامخة وباباً للعالم الخارجي لبدء عصر جديد منذ توليه مقاليد الحكم في الثالث والعشرون من يوليو عام 1970. وأسس أركان سلطنة عمان حضارة وقوة ليسابق الزمن لبداية عصرها الجديد.
لقد كان قابوس بن سعيد آل سعيد محبا لشعبه ووطنه وللأمة العربية والخليجية سعى جاهداً في خدمتهم عبر تواصله الدائم، لا نجد خليجيا لا يكن له المحبة والتقدير وخصوصاً دولة الامارات العربية المتحدة بسبب قربه الشديد منها وعلاقته الوطيدة من حكامها، فإذا قرر زيارتها يبتعد عن المظاهر الرسمية، يأتي بمركبته الخاصة يعبر حدود عمان وأيادي شعبه تلوح فرحاً بمروره على أراضيهم حتى يصل إلى حدود دولة الإمارات ويتم استقباله استقبالاً حاراً من حكومة الإمارات وشعبها؛ ليدل على علاقته المتينة معهم، وأن مصير الشعبين هو واحد.
لا يسعكم يا شعب عمان والأمة العربية والإسلامية الاعتراض على حكمة وقدر الله الذي استخاره لجواره، فهذه هي سنة الحياة {كلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ} فقد اختار في وصيته من ينوب عنه لقيادة عمان السطان هيثم بن طارق آل سعيد، ويكمل مشوار عمان في تحقيق الرفاهية والرخاء والاستقرار والسلام والأمان لعمان.
علاقة السلطان قابوس بن سعيد آل سعيد "رحمه الله" مع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "رحمه الله" لم تقتصر على العلاقات السياسية بين الدولتين بل كانت أبعد عن ذلك، حيث إن المرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رفض فتح سفارة لعمان في دولة الإمارات، وعندما سئل لماذا هذا الرفض؟ فأجاب: "العماني لم يخرج من بلده لتكون له سفاره فعلاقتنا بعمان علاقة إخوان، وأنا سفير لكل عماني في الإمارات" إجابة تقطع شك المتربصين للعلاقة الثنائية بين البلدين القائمة حتى الآن.
لقد أرسى المرحوم له السلطان قابوس بن سعيد آل سعيد مجلس التعاون الخليجي مع المؤسسين للمجلس الذي أسهم في المحافظة على الهوية والشخصية الخليجية لدول المجلس التعاون الخليجي وتعزيز التحالفات بينها لمواجهة التحديات وسبل نجاحها، وهو آخر زعيم خليجي تم فقده بكل ألم وحزن بعد 39 عاماً على قيام المجلس، الذي سعى جاهداً مع مؤسسيه في العمل على منظومته وإنجاح أركانه وأهدافه، حيث كان أول خطاب له في القمة الخليجية عام 1981.
وكانت بداية مقدمته "إنه لمن دواعي اعتزازنا جميعا أن نقر في هذا اللقاء الأخوي أساسا ومنطلقا لعمل مشترك، تحقيقا لما عقدنا عليه العزم، وتجسيداً للأواصر والروابط المتينة بين دولنا، لقد خرجنا من اجتماعاتنا بوثائق تشكل الإطار الذي ينظم جهودنا نحو تعاون بناء ومثمر يحقق الخير لشعوبنا ومنطقتنا وأمتنا العربية والإسلامية والبشرية جمعاء" الذي ترأسته دولة الإمارات العربية المتحدة في العاصمة أبوظبي.
ونهاية خطابه "لا يسعني كذلك إلا أن أعرب لكم ولإخواننا أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى والحكومة والشعب في دولة الإمارت العربية المتحدة عن خالص الشكر والامتنان لما أحطنا به من الحفاوة وكرم الضيافة منذ أن حللنا بهذا البلد الشقيق المضياف".
لم يمت سلطان عمان لطالما كان أبناء شعبه يحبه، فما زال صدى صوته وكلماته تتردد على آذانهم وكلمته "أيها المواطنون الأعزاء" في جميع خطاباته، ليصل لقلوبهم وتعيش في نفس كل عماني، وسطر التاريخ له بسجل حافل من الإنجازات وقفزة نوعية في جميع المجالات التي وصل لها عمان من مكانة رفيعة على المستويين المحلي والدولي.
لا يسعكم يا شعب عمان والأمة العربية والإسلامية الاعتراض على حكمة وقدر الله الذي استخاره لجواره، فهذه هي سنة الحياة {كلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ} فقد اختار في وصيته من ينوب عنه لقيادة عمان السطان هيثم بن طارق آل سعيد، ويكمل مشوار عمان في تحقيق الرفاهية والرخاء والاستقرار والسلام والأمان لعمان.
فاللهم وفقه في أداء أمانته ووفق شعب عمان في معاونته ووضع أيديهم بيده لإكمال مشوار نهضتهم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة