بفعل جرائم عصابات الماراس فقد تصدرت كل من الهندوراس والسلفادور المراتب الأولى في نسب الجرائم عالميا
في نهاية يونيو/حزيران الماضي نشرت وسائل الإعلام خبراً يفيد بأن جيش نيكاراجوا اعتقل أربعة إرهابيين من داعش مطلوبين من طرف سلطات بلدان أمريكا الوسطى كانوا ينوون التوجه نحو الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي بلدان أمريكا الوسطى: الهندوراس، السلفادور وجواتيمالا تفرض عصابات "الماراس" سلطتها بالشوارع، ومن ثم فإنه من الصعب جداً التفكير بأن أربعة إرهابيين يمكنهم العبور عبر الأراضي التي تسيطر عليها تلك العصابات دون علمهم، خاصة مع رواج أخبار مفادها أن مافيا تهريب المخدرات المكسيكية تُسهِّل مرور الإرهابيين عبر طرقها الآمنة لتهريب المخدرات والسلاح.
داعش والقاعدة وعصابات الماراس يسيطرون على خط التوازي رقم 10 في أمريكا اللاتينية وأفريقيا، وتعاونهما يمكن أن يعود عليهما بالكثير من المنافع، بينما الفرق الوحيد بينهما هو الديانة، على الرغم من أنه بات من البديهي أن الدين -إن وجد أصلاُ لدى قادة التنظيمات الإرهابية- فإنه يحتل آخر سلم أولوياتهم
وحسب ما ذكر المركز الدولي لدراسات العنف المتطرف، فإن قرابة 4000 آلاف إرهابي حاولـوا التسلل إلى الولايات المتحدة عن طريق حدودها الجنوبية. وفي السياق ذاته حذّر تقرير المقاتلين الأجانب الذي تُعدّه مجموعة صوفان المختصة في شؤون الاستخبارات من توفر عناصر في أمريكا اللاتينية تؤهلها لأن تكون منطقة جاذبة لتجنيد وتدريب مقاتلين جدد لداعش، وعليه فإنه يُرجح وجود قاعدة للتأهيل في منطقة الكاريبي.
ومعلوم أنه في سنة 2013 قايضت مجموعة فارك الإرهابية الكولومبية الأسلحة بالمخدرات مع تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، واجتمع الطرفان في الجزائر، حيث تمّت المصادقة على الصفقة التي دفع بموجبها تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي أموالاً وأسلحة مقابل شحنة كوكايين تم تسليمها قرب مدينة كيدال بمالي، وحسب إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية والمخابرات الإسبانية فإن وجهة شحنة المخدرات الكولومبية تلك هي أوروبا عبر تركيا.
في الغالب، عندما يتناول المحللون مثل هذه المواضيع فهم يقصدون نية هؤلاء الإرهابيين العبور نحو الأراضي الأمريكية، ومن ثم فهم يؤكدون أن الإرهابيين لا ينشطون بدول أمريكا الوسطى أو بجنوب القارة الذي تخرج منه السفن والطائرات مُحمّلة بالمخدرات إلى أفريقيا، وينشط هؤلاء قرب خط التوازي رقم 10؛ حيث ينقلون المخدرات إلى أفريقيا، ليتم إفراغ الشحنات في شواطئ غينيا بيساو أو الدول المجاورة، وبعد ذلك يتحتم على الشحنات المرور عبر الأراضي التي تسيطر عليها القاعدة في المغرب الإسلامي أو داعش، وانطلاقاً من ذلك فإنه من الصعب جداً تخيُّل أن الذي يُرسل خمسة أطنان من المخدرات لم يضع ذلك في حسبانه.
إذا كان رئيس جواتيمالا جيمي موراليس أعلن في سنة 2018 أن بلاده اعتقلت قرابة المئة شخص مرتبطين بداعش، وأن الولايات المتحدة تؤكد وجود روابط بين التنظيم والمافيات المكسيكية، فإن كل المعطيات تشير إلى أن القاعدة في المغرب الإسلامي أو داعش أو كلاهما يتعاملان مع عصابات الماراس بأمريكا الوسطى.
وبفعل جرائم عصابات الماراس فقد تصدّرت كل من الهندوراس والسلفادور المراتب الأولى في نسب الجرائم عالمياً، وتسعى هذه المافيات لاحتكار عدة أعمال غير شرعية مثل تهريب البشر، عمليات الابتزاز وتهريب المخدرات، ولأجل ذلك فهم حاضرون في السلفادور، الولايات المتحدة الأمريكية، الهندوراس، المكسيك، جواتيمالا، البيرو، الإكوادور، كولومبيا، فنزويلا، الأرجنتين وإسبانيا.
وتتحالف عصابات الماراس مع مافيا سيناولا، ومافيا الخليج، وعائلة ميتشواكانا، والياكوزا ضمن عصابات أخرى، ويتركز عملهم الأساسي في التفاوض مباشرة مع تلك الجماعات لنقل المخدرات عبر أمريكا الوسطى، حيث تعرض عصابات الماراس خدماتها في مجالي النقل والحماية، خاصة للعصابات المكسيكية التي لا تنقل المخدرات في الغالب.
وقد أسهمت وحشية عصابة المارا "سالفاتروتشا 13" في أن يتعاقد مهرب المخدرات المكسيكي المشهور تشابو غوثمان معهم بغرض التخلص من منافسيه، فقسوة هذه العصابة تتشابه مع وحشية القاعدة في المغرب الإسلامي أو داعش، فعناصر الشبه بينهما وبين هذه العصابة تفوق اختلافاتهما، ويعد استعمال خط التوازي رقم 10 يعد عاملاً مربحاً، وبالنسبة لعصابات الماراس لا يتطلب ذلك أي مجهود لأنهم هم الأنسب على القيام بمثل هذه الأعمال.
داعش والقاعدة وعصابات الماراس يسيطرون على خط التوازي رقم 10 في أمريكا اللاتينية وأفريقيا، وتعاونهما يمكن أن يعود عليهما بالكثير من المنافع، بينما الفرق الوحيد بينهما هو الديانة، على الرغم من أنه بات من البديهي أن الدين -إن وجد أصلاُ لدى قادة التنظيمات الإرهابية- فإنه يحتل آخر سلم أولوياتهم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة