خلاف قرطاج-القصبة.. هل تعيد "النيران الصديقة" تونس لأزمتها الأولى؟
الرئيس التونسي غير راض عن التوجهات العامة للمشيشي والتعيينات التي أجراها في مراكز حساسة من الدولة
بدأت مبكرا بوادر الخلافات تدب في العلاقة بين الرئيس التونسي قيس سعيد ورئيس الحكومة هشام المشيشي في الفترة الأخيرة، وتشقها العديد من التباينات في وجهات النظر، بحسب مصادر ومراقبين.
وقالت مصادر مقربة من القصر الرئاسي لـ"العين الإخبارية"، رفضت الكشف عن هويتها إن قيس سعيد غير راض عن التوجهات العامة للمشيشي والتعيينات الحيوية التي أجراها في مراكز حساسة من الدولة.
وأضافت أن الرئيس التونسي عبر عن غضبه من استقبال المشيشي لقيادات إخوانية وخاصة استقبالاته المتكررة لرئيس حزب قلب تونس نبيل القروي ورئيس كتلة ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف.
وعززت تلك المصادر روايتها بما أقدم عليه سعيد مؤخرا عندما أبطل العديد من التعيينات الحكومية في وزارة الداخلية، مغلقا الطريق أمام محاولات الاختراق التي تقودها حركة النهضة.
هذا الخلاف تجسد أيضا عندما رفض سعيد، في بيان رئاسي، الأربعاء، التركيبة الاستشارية للمشيشي، مطالبا إياه بشكل علني ضرورة مراجعتها وتعويضها بشخصيات أخرى، لا تتعلق بهم متابعات قضائية.
وكان المشيشي قد عين شخصيات قريبة من "حزب قلب تونس" في الجهاز الاستشاري للحكومة مثل الخبيرين توفيق بكار ومنحي صفرة كمستشارين للشأن الاقتصادي.
كما شغل كل من توفيق بكار ومنجي صفرة في الجهاز الاستشاري للرئيس الأسبق زين العابدين بن علي قبل سقوط نظامه في يناير/كانون الثاني 2011.
وترى الباحثة في العلوم السياسية رحمة العقربي، أن هذا التصادم بين سعيد والمشيشي ينذر بصراع مفتوح بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية، مشيرة إلى أن "الخلاف بدأ يخرج من السر إلى العلن".
وبينت في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "سعيد يريد أن يكون المحدد الرئيسي للخيارات الكبرى للحكومة، ويفرض رأيه في التعيينات في كل مجالاتها وخاصة منها التعيينات الأمنية على رأس المؤسسات السيادية".
وكان سعيد قد دفع إلى تشكيل حكومة من خارج الأحزاب، مما أثار حفيظة الأحزاب البرلمانية خاصة "قلب تونس" (26 مقعدا)، وحركة النهضة (54 مقعدا)، وائتلاف الكرامة (19 مقعدا).
تحذيرات سياسية للمشيشي
ووجهت العديد من الأطراف السياسية في تونس تحذيرات للمشيشي بعدم التقارب مع تحالف "قلب تونس وحركة النهضة"، مشددة عليه "عدم فتح الطريق للغواصات الإخوانية لاختراق الحكومة".
ويتحالف حزب النهضة الإخواني مع قلب تونس منذ مطلع سنة 2020، رغم اختلاف الخلفيات الفكرية بينهما والصراع الانتخابي الذي جمعهما في الانتخابات التشريعية لسنة 2019.
وكانت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي قد دعت المشيشي إلى إغلاق المنافذ أمام كل التعيينات التي تقف وراءها حركة النهضة.
وشددت في تصريحات إعلامية على أنها رفضت لقاء المشيشي يوم الأربعاء، بعد استقباله لأحد رموز الإخوان وهو سيف مخلوف رئيس كتلة ائتلاف الكرامة.
وأكدت بأن الشرط الأساسي لدعم حكومة المشيشي هو أن يبقى مستقلًا عن الأحزاب وبالخصوص عن كل العائلات الإخوانية.
مفترق طرق
وفي ظل حالة البرود السياسي التي تسود علاقة سعيد برئيس حكومته، يرى مراقبون بأن الأيام المقبلة ستكون حاسمة في طبيعة العلاقة بين رأسي السلطة التنفيذية في تونس.
ويرجح أكثر من متابع بأن هذا الخلاف سيعمق الأزمة السياسية في تونس التي عاشت معها البلاد في سنة 3 حكومات متتالية.
كما أن أي نيران صديقة بين قصر قرطاج وقصر القصبة (مقر الحكومة) سيعطل إمكانية الإنقاذ الاقتصادي، أو حتى تجاوز انعكاسات المشكلات الصحية التي ينتجها وباء كورونا.