لم يسبق في التاريخ أن شهد كأس العالم كل هذا الجدل المثار حول نسخة قطر 2022، منذ لحظة حصول الدوحة على حقوق التنظيم قبل 12 عاما، وحتى قبل انطلاق أول مباراة بساعات قليلة.
اتهامات شملت كل شيء وأي شيء، بداية من دفع الرشى والفساد، مرورا بحقوق العمال وضحايا الملاعب، وبين ذلك وذاك كان لأمور عقائدية ودينية وجود بارز، فأهل الأرض يتمسكون بالتقاليد العربية، حيث لا خمور أو مثلية.
اتهامات يقابلها إشادات، فالبلد الأصغر في تاريخ تنظيم بطولات كأس العالم رتب أوراقه جيدا، واستطاع قبل يومين من انطلاق البطولة أن يظهر للعالم تنظيما مثاليا، وإن كان لم يتم اختباره جماهيريا بعد، تنظيما طبع عليه نقشة عربية مميزة، بداية من شكل الملاعب ومرورا بأسمائها وحتى التميمة والكرة الرسمية.
ما بين "لعيب" (اسم تميمة البطولة) و"البيت" (اسم ملعب الافتتاح)، كانت "الرحلة" (اسم كرة البطولة)، رحلة عانت فيها قطر من الانتقادات والهجوم، لكنها تلقت أيضا دعما من الأشقاء الذين فتحوا الأبواب أمام كل مشجعي المونديال الذين يحملون بطاقة "هيا" (تأشيرة الدخول لقطر)، لزيارة أراضيهم والاستمتاع بزيارات ترفيهية لا تنسى سواء في السعودية أو الإمارات أو مصر.
والآن قبل ساعات من المونديال، حانت لحظة الحقيقة، اللحظة التي لن يلتفت فيها المشجع، أصل اللعبة وأساسها، إلى أي شيء، سوى ما يحدث في الملاعب الثمانية التي تستضيف المباريات.
حانت لحظة الحقيقة، وحسابات الجماهير دائما غير تلك التي يبحث عنها الساسة والحقوقيون ورواد التنظير، لحظة قد لا ينتبه معها المشجع أصلا لمنع الخمر أو السماح به، وهو الذي يسير كالسكران هائما بين مهارات ميسي وأقدام نيمار.
ثم أي حقوق إنسان تهم مشجع كرة قدم قبل ساعات من انطلاق كأس العالم، وهو الذي طار آلاف الكيلومترات ودفع الغالي والنفيس، لكي يزأر بكل قوته في الملعب مطالبا فريقه بدهس كل المنافسين بلا رحمة.
حانت اللحظة التي سيتوقف فيها الجميع، احتراما وإجلالا لمتعة ينتظر الجماهير قدومها مرة واحدة كل 4 سنوات، متعة ستنجلي بجانبها أي انتقادات، ولو لفترة مؤقتة عمرها 28 يوما، متعة كأس العالم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة