مونديال 2022.. حلم قطري يتبخر
الحلم القطري لاستضافة كأس العالم نسخة 2022 بات في مهب الريح، في ظل اتهامات الرشاوى والفساد التي تحيط بالدوحة
لم تتوقف المطالبات بسحب ملف استضافة بطولة كأس العالم 2022، الحدث الكروي الأضخم، من دولة قطر، رغم مرور 10 سنوات على إعلان الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" فوز الدوحة بحق تنظيم المونديال.
وأنفقت قطر مليارات الدولارات ومبالغ فلكية لم يكن لها مثيل في حملات استضافة أي نسخة سابقة لبطولة كأس العالم، لكي تحظى بشرف تنظيم مونديال 2022.
ميزانية قياسية
بعض التقديرات المالية التي نشرتها وسائل الإعلام العالمية، ومنها صحيفة "جارديان" البريطانية، ذكرت أن قطر قامت بإنفاق مبلغ 138 مليون جنيه إسترليني للحصول على حق استضافة المونديال.
ما أنفقته قطر يعادل نحو 60 ضعف إجمالي إنفاق جنوب إفريقيا من أجل الحصول على شرف تنظيم نسخة 2010، التي أقيمت في القارة السمراء للمرة الأولى في التاريخ بإجمالي بلغ 3.5 مليار دولار آنذاك.
نيكولا ريتر الخبير الألماني المتخصص في التحليلات الاقتصادية، كشف أنه تم إنفاق 107 مليار إسترليني على ملاعب كأس العالم 2022، بالإضافة إلى 31 مليارا لتطوير البنية التحتية ووسائل النقل لتكون قطر قادرة على استضافة المونديال.
اتهامات عدة
تعرضت قطر لجملة اتهامات تتعلق بسحب ملف التنظيم، ولكنها لم تقتصر على مجرد تصريحات أطلقها مسؤولون فحسب، بل إنها وصلت إلى جهات تحقيق دولية.
في يناير/ كانون الثاني الماضي، ذكرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، أن فرنسا بصدد إعادة فتح التحقيقات في ملف فساد حصول قطر على تنظيم كأس العالم، وتوسعت دائرة الاتهام لتشمل مقربين من رئيس البلاد الأسبق نيكولا ساركوزي، بتهم استغلال النفوذ والفساد.
وتحت عنوان "كأس العالم في قطر 2022.. هذا ما نعرفه عن التحقيق الجاري"، قالت الصحيفة الفرنسية إن "قضاة التحقيق الفرنسيون يحققون في ملف الفيفا وتورط مقربين من ساركوزي في قضية منح قطر حق تنظيم مباريات كأس العالم 2022".
ونقلت لوموند عن مصدر قضائي قوله: "تم تعيين قاضيين للتحقيق؛ لإلقاء الضوء على شروط الحصول على كأس العالم القادمة من قبل قطر، ومحاولة الكشف عن التشكيل الإجرامي لحاشية ساركوزي منذ 10 سنوات، الذي نظم مأدبة الغداء قبل أيام قليلة من عملية التصويت في 2 ديسمبر/ كانون الأول 2010".
من جانبها كشفت صحيفة "تيليجراف" الإنجليزية أن وزارة العدل الأمريكية قد وضعت قطر في لائحة الاتهام بسبب دفع رشى لمسؤولين سابقين في الاتحاد الدولي لكرة القدم للحصول على حق استضافة المونديال.
وفي الإطار نفسه، تجمع تقارير لـ"فورين بوليسي" و"نيويورك تايمز"، إضافة إلى تحقيقات منظمات "هيومن رايتس ووتش" ومنظمة العفو الدولية وميجرانتس رايتس، على أن العمال المهاجرين في قطر الذين يعملون في بناء ملاعب كأس العالم يذهبون كل يوم إلى "مقر إعدامهم"، في إشارة منها إلى حجم المعاناة في محل العمل.
صحيفة نيويورك تايمز، قالت، إن قطر أبقت عشرات الآلاف من العمال المهاجرين في حي مزدحم؛ ما أثار مخاوف من أن يتحول إلى بؤرة لفيروس كورونا المستجد، لافتة إلى أن استمرار العمل لا يشمل فقط العمال في منشآت كأس العالم، بل أيضا العاملين في قطاعي النفط والغاز.
بينما قالت منظمة العفو الدولية في تقرير لها، إن الدوحة قامت بالترحيل القسري لعشرات العمال الأجانب بعد احتجازهم، ثم أوهمتهم بأنها ستخضعهم لاختبارات فيروس كورونا ضمن إجراءات التوقي من الوباء المتفشي مؤخرا.
يأتي ذلك، بينما تسابق الدوحة الزمن للانتهاء من أعمال منشآت كأس العالم في الموعد المحدد، بغض النظر عن التبعات التي ستنتج على ذلك، سواء في الجانب الصحي أو من حيث وضعية العمال.
المطالبة بسحب التنظيم
طالب عدد كبير من المسؤولين الرياضيين في العديد من دول العالم وكذلك الدول العربية، وبناء على الاتهامات السابقة، بسحب ملف تنظيم كأس العالم من قطر.
جياني إنفانتينو رئيس الفيفا الحالي، الكيان الكروي الأكبر في العالم، كشف أن هناك 6 اتحادات كرة قدم عربية طالبت بسحب التنظيم من قطر.
وقال: "الاتحادات السعودية واليمنية والموريتانية والإماراتية والبحرينية والمصرية طالبت الفيفا بإعادة النظر في منح تنظيم المونديال إلى قطر، في إطار المادة 85 من لوائح الاتحاد الدولي والتي تؤكد أن سحب التنظيم ممكن في حالة ظروف غير متوقعة وقوة قاهرة".
أما جوسيب بلاتر رئيس الفيفا السابق، فأكد أن: "منح قطر حق تنظيم كأس العالم ستتم مراجعته من قبل وزارة العدل الأمريكية، ومن الممكن أن يتم سحب البطولة منها واختيار دولة أخرى بدلا منها".
ورأى بلاتر في تصريحاته للوكالة السويسرية، أن: "كأس العالم يمكن أن تلعب في إنجلترا أو ألمانيا أو اليابان دون الحاجة لوقت للتحضير، ونفس الأمر بالنسبة لأمريكا، خاصة أنها جاءت ثانية في تصويت 2010".
أما الفرنسي ميشيل بلاتيني الرئيس السابق للاتحاد الأوروبي للعبة خلال وقت منح قطر تنظيم كأس العالم، فأكد في منتصف شهر مايو/ آيار الماضي، أنه يتوجب سحب تنظيم كأس العالم من قطر، مؤكداً وجود شبهات فساد ودفع رشى في ملف تنظيمها للمونديال.
وفي ذات السياق، قال اتحاد السلة الأمريكي في دعوى بحسب موقع "above the law" المحلي، إنه يمتلك معلومات موثوق بها، تؤكد تورط الدوحة وعائلتها المالكة في دفع مبالغ طائلة لمكتب كوين إيمانويل للمحاماة، تتضمن أعمالا مرتبطة بتنظيم كأس العالم.
وقالت صحيفة "تيليجراف" البريطانية، إنه للمرة الأولى قامت وزارة العدل الأمريكية في أبريل/ نيسان الماضي بتوجيه اتهامات مباشرة بالفساد وتلقي الرشاوى للمسؤولين عن ملف استضافة قطر لكأس العالم 2022، وكذلك ملف استضافة روسيا لمونديال 2018.
كذلك فإن رينهارد جريندل رئيس الاتحاد الألماني للعبة، اتهم قطر بدعم الإرهاب في يونيو/ حزيران 2017، مطالباً بسحب تنظيم كأس العالم منها لهذا السبب.
جريندل شدد على أن بلاده ستعمل على مقاطعة كأس العالم 2022 وأنها ستناقش الحكومة الألمانية برئاسة المستشارة أنجيلا ميركل والاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" في هذا الصدد.