قناة الجزيرة القطرية تدرك أنها تفتعل أزمة مع تغييب العقل الجمعي اليمني وتمرر أجندة معادية لدول التحالف العربي.
هذه بداية سلسلة مقالات حول أساليب الخداع والتضليل التي تمارسها قناة الجزيرة القطرية، وسنكشف في كل مقال عن حقيقة ملف من الملفات التي تروج لها قناة الجزيرة القطرية عبر افتعالها أزمات ليس لها وجود على أرض الواقع.
تدرك قناة الجزيرة القطرية أنها تفتعل أزمة مع تغييب العقل الجمعي اليمني، وتمرر أجندة معادية لدول التحالف العربي لتعطيل عملية استعادة الشرعية، يجري ذلك في إطار مخادعة الرأي العام في منهجية إعلامية تسقط فيها المهنية في سبيل افتعال الأزمات والمخادعة
منهجية قناة الجزيرة في التضليل والخداع تنطلق من أن «معرفة فن التأثير على مخيلة الجماهير تعني معرفة فن حكمها» كما قال غوستاف لوبون في كتاب سيكولوجية الجماهير، ومن هذه النافذة فإن قناة الجزيرة ومنذ نشأت في نوفمبر 1996م تعمل على هذه المنهجية بالتأثير على مخيلة المتلقي، وهذا سنجده في كل الملفات التي تثيرها قناة الجزيرة، وإن كانت في سنوات ما سُمي الربيع العربي كانت أكثر وضوحاً كنتيجة لتتابع الأحداث في العالم العربي.
منذ أن أعلنت دول الرباعية العربية (السعودية والإمارات ومصر والبحرين) قطع العلاقات مع النظام القطري (يونيو 2017م) فتحت قناة الجزيرة ملفات شائكة في اليمن، واليمن تحديداً دولة قابلة لافتعال أزمات، لوجود البيئة الخصبة لاستثارة هذه النوعية من الأزمات لغياب الثقافة السياسية والتباينات بين القوى السياسية والاجتماعية التي تصل إلى درجة التنافر، والخلفيات والأزمات العميقة في المجتمع السياسي اليمني على إثر تعثر النظام السياسي الناشئ في مايو 1990م بعد قيام دولة الوحدة والصراعات الدموية، التي مثلت إرهاصاتها هذه البيئة التي تنشط فيها قناة الجزيرة.
من افتعال قضية السجون السرية «الوهمية» إلى أزمة سقطرى ثم أزمة تعز إلى أزمة المهرة حضرت قناة الجزيرة بأدواتها المعتادة، والتي تعتمد على فقدان المتلقي المعلومة الصحيحة والارتكاز على معلومات مبتورة ومغلوطة ليتم البناء عليها، وهذا ما يحدث في افتعال أزمة المهرة؛ على أن السعودية ترغب في مد أنبوب نفطي يمر في أراضي محافظة المهرة باتجاه بحر العرب، والمفاجأة أن المهرة لا ترتبط إدارياً بحدود مباشرة مع المملكة العربية السعودية فكيف يمتد الأنبوب بين السعودية والمهرة؟ هنا تبدو المفاجأة صادمة للغاية.
المهرة ترتبط تاريخياً بإرهاصات استقلال اليمن الجنوبي في 30 نوفمبر 1967م، والتي عرفت توتراً سياسياً وعسكرياً على مدى سنوات، ولم تعرف المهرة تنمية اقتصادية تذكر، شأنها شأن كثير من المحافظات خلال الفترة (1967م-1990م) وحتى ما بعد الوحدة اليمنية ظلت المهرة مرتبطة بمحافظة حضرموت، فتضاؤل عدد السكان أثر بشكل كبير في هذا الجزء البعيد عن مركزية السلطة في صنعاء.
أخضعت المهرة إلى جانب وادي حضرموت لسياسة النظام السياسي الذي حوّلها إلى نقطة تهريب للمخدرات والسلاح، وكشف تقرير دولي صادر عن الأمم المتحدة في عام 2009م أن المهرة ووادي حضرموت واحدة من أهم معابر تهريب السلاح والمخدرات حول العالم، وهذا ما لعبته المهرة حتى ما بعد انقلاب الحوثيين في سبتمبر 2014.
بموجب القرار الجمهوري الصادر في 1998م تقلصت مساحة المهرة الجغرافية لمصلحة تمدد وادي حضرموت، وانقطع تماماً ارتباط محافظة المهرة بالحدود السعودية، لذلك كان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يعتمد على وادي حضرموت في محاولته التسلل إلى الأراضي السعودية منذ ظهوره في اليمن نهايات التسعينيات الميلادية من القرن العشرين الماضي، ومع ذلك فإن فكرة مد الأنبوب إلى موانئ المهرة وحضرموت ليست عملية سرية، بل كانت مجالاً للمناقشة في مجلس التنسيق السعودي اليمني ما بعد توقيع اتفاقية جدة الحدودية عام 2000م، غير أنها لم تتجاوز المناقشات بين الجانبين.
نقطة أخرى، وهي أن الدستور اليمني حسب المادة (8) يقول نصاً «الثروات الطبيعية بجـميع أنواعها ومصادر الطاقة الموجودة في باطن الأرض أو فوقها أو في المياه الإقليمية أو الامتداد القاري والمنطقة الاقتصادية الخـالصة ملك للدولة، وهي التـي تكفل استغلالها للمصلحـة العامـة»، أي أنه لا يمكن تمرير مسألة الأنبوب النفطي بغير موافقة البرلمان اليمني، ولم يحدث أن تم الاتفاق على مد الأنبوب بين السلطة السعودية واليمنية، فالمناقشة متوقفة تماماً منذ أكثر من عشر سنوات.
تدرك قناة الجزيرة القطرية أنها تفتعل أزمة مع تغييب العقل الجمعي اليمني وتمرر أجندة معادية لدول التحالف العربي لتعطيل عملية استعادة الشرعية، يجري ذلك في إطار مخادعة الرأي العام في منهجية إعلامية تسقط فيها المهنية في سبيل افتعال الأزمات والمخادعة.
نقلا عن "البيان"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة