بعد حقائب الدولارات.. شيك قطري لحماس "يُودَع" في حساب نتنياهو السياسي
السفير القطري محمد العمادي، دخل غزة هذه المرة عبر إسرائيل أيضا، وفي جيبه شيكا يصرف في مكاتب حماس، من أجل شراء التهدئة لإسرائيل
بدت حركة موكب رئيس ما تسمى اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة، محمد العمادي، سريعة هذه المرة، وهو يعبر، الأحد، حاجز "بيت حانون " بين القطاع وإسرائيل، عقب اجتماعه بمسؤولين في جيش الاحتلال.
وعلى غير عادتها في الأشهر الماضية، لم تترنّح سيارة العمادي هذه المرة تحت ثقل الحقائب المتخمة بالدولارات الأمريكية، وإنما اكتفى باختصار الإحراج في شيك مصرفي أودعه بحساب بريد غزة الخاضع لسيطرة "حماس".
شيك يرنو العمادي ومن بعده نظام الحمدين في قطر، إلى تقليص منسوب الحرج الذي فجره إدخاله الأموال في حقائب إلى "حماس"، والتي واجهت انتقادات لاذعة جراء ما اُعتبر استبدال للمقاومة والمسيرات على الحدود مع إسرائيل بالدولار الأمريكي.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وصل العمادي إلى قطاع غزة، عبر المعبر الإسرائيلي نفسه، ومعه 3 حقائب تحتوي على 15 مليون دولار أمريكي ، كدفعة أولى من الأموال التي قرر نظام الحمدين استخدامها لدفع رواتب آلاف الموظفين من حركة حماس؛ التفافا على السلطة الفلسطينية.
وبعد تلك الأموال، تداول نشطاء فلسطينيون على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو للعمادي، خلال جولة له على الشريط الحدودي الفاصل بين غزة وإسرائيل، وهو يأمر عضو المكتب السياسي لحماس خليل الحية بالحفاظ على التهدئة عند الحدود. ما أثار غضبا في الشارع الفلسطيني حينها.
- العمادي مندوب "الحمدين".. حامل رسائل إسرائيل لإخضاع الفلسطينيين
- 15 مليون دولار في حقائب السفير القطري إلى حماس عبر إسرائيل
وأمام سيل الانتقادات والاتهامات وحتى السخرية، طلبت "حماس" في يناير/ كانون ثان الماضي، وقف هذه الطريقة في إدخال الأموال، خصوصا مع بروز مطالب إسرائيلية علنية بوقف جميع أشكال الاحتجاجات الفلسطينية مقابل السماح بإدخال أموال نظام الحمدين.
وفي ذات الوقت، وجهت السلطة الفلسطينية انتقادات حادة للدوحة متهمة إياها بتهريب المال في حقائب إلى غزة للالتفاف عليها وتعزيز الانقسام.
وعقب اتصالات قطرية جرت في الشهرين الماضيين، مع إسرائيل، تم التوصل إلى اتفاق حول ما أسمته وسائل إعلام عبرية بـ"الوظائف الوهمية".
صحيفة "هآرتس" قالت إنه "تم تحويل دفعة الأموال القطرية لمسؤولي حماس في قطاع غزة تحت ستار الدفع للمشاريع المصرح بها وذلك لتقليل الحرج الذي تواجهه الحكومة الإسرائيلية بسبب المدفوعات النقدية السابقة في الحقائب.
وأضافت: "سيتعين على موظفي حماس والأشخاص المحتاجين، العمل لساعات قليلة أو أقل، حتى يمكن منحهم الأموال. وسيكون هناك من يحضر مع معيل، وسيكون ذلك كافيا".
نتنياهو وحرج الأموال القطرية
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يواجه منافسة شرسة في الانتخابات العامة المقررة في التاسع من أبريل/ نيسان المقبل.
واستنادا إلى إعلام عبري، فإن صور توزيع الأموال على فلسطينيين في غزة تحرج نتنياهو، في وقت من المحتمل أن يزيد فيه التصعيد العسكري في غزة قبيل الانتخابات، من تراجع مكانته.
ويُنظر في إسرائيل إلى أن "الشيك" القطري يشكل محاولة من الدوحة لإنقاذ نتنياهو.
فمع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لمسيرات العودة نهاية الشهر الجاري، تلوح فرص تفجر الأوضاع في غزة من جديد.
وبناء على ذلك، يبدو من الواضح أن الخطوة القطرية تهدف إلى إقناع المواطنين الفلسطينيين في غزة بعدم تصعيد مسيراتهم ضد الحصار الإسرائيلي على القطاع، تحت ستار العمل لساعات قليلة مقابل المال.
واستنادا إلى الخطة القطرية الإسرائيلية الجديدة، فإن حكومة الاحتلال تصادق على مشاريع محددة يجري تنفيذها في قطاع غزة بالمال القطري، على أن تقوم تل أبيب أيضا بالموافقة المسبقة على أسماء العمال الذين سيشاركون في هذا المشاريع.
وفي تقريره، قال مراسل الإذاعة الإسرائيلية غال بيرغر: "قبيل الانتخابات، لا شك أن الحكومة الإسرائيلية لا تجد حرجا في إدخال الأموال طالما أنها ليست في حقائب".
أما آفي ايسخاروف، المحلل السياسي في موقع "واللا" الإخباري، فقال في تقرير: "مرة أخرى، تسمح حكومة إسرائيل بتحويل الأموال إلى حماس، لكننا نراها هذه المرة بالفعل بأعيننا، وتخبرنا الحكومة قصصا بأنها من أجل برنامج 'المال مقابل العمل'.
وليس بعيدا عما يجري، تحدث قيادي فلسطيني في قطاع غزة أمس، أن الأسبوع الجاري حاسم في تحديد مصير ملف التهدئة في غزة، محذرا في الوقت ذاته، من أن الأمور قد تتجه نحو التصعيد إذا لم يكن هناك التزام.