الاتفاقية تسمح لتركيا باستخدام كل تشكيلات قواتها العسكرية بأوامر من الرئيس أردوغان ذي الطموح السياسي في المنطقة
يجدر بنظام الحمدين في دولة قطر، في هذه الأيام، أن يشعر بالحرج والخجل على الأقل أمام شعبه وليس الرأي العام الخليجي والعربي، بسبب ما بينه موقع نورديك مونيتور السويدي، مؤخراً، من تفاصيل لبنود الاتفاقية العسكرية التي وقعتها حكومة قطر مع حكومة الرئيس التركي طيب أردوغان عام 2016، والتي تخلص في النهاية إلى أن الاتفاقية تجرد حكومة قطر من سيادتها بالكامل وليس بشكل نسبي أو جزئي كما يحدث في أغلب حالات الاتفاقات مع الدول الكبرى.
ما كشفه الموقع السويدي هو جزء بسيط من الحقيقة التي يحاول بعض الناس تجاهلها، وهي أن نظام الحمدين في قطر لا يسعى إلى خدمة الشعب القطري ولا الحفاظ على الأمن العربي بقدر أنه "يخدم" أجندات إقليمية وربما دولية
الاتفاقية تسمح لتركيا باستخدام كل تشكيلات قواتها العسكرية "البرية، الجوية، البحرية" بأوامر من الرئيس أردوغان ذي الطموح السياسي في المنطقة، وليس لأمير دولة قطر أي سلطة في تلك القوات، بل إن لأردوغان الحرية في تحريك قواته كيفما يشاء في قطر دون الحصول على موافقة البرلمان التركي أو القطريين، وهو الأمر الذي يدعو كل ذي فطنة إلى إطالة التفكير في موقف الحمدين من عدم تقبله لنصائح الدول المقاطعة له، والذي اعتبر تلك النصائح نوعاً من التدخل السافر في السيادة القطرية، في حين أن هيمنة تركيا أو بالأخص أردوغان على القرار القطري الداخلي، وربما الخارجي إن تطلب الأمر، لم يعتبرها تدخلاً في سيادته.
يفترض أن استعراض بنود الاتفاقية أذهل من يشككون في التعنت القطري مع الدول العربية، وهم كثيرون، ويعتبرون أن موقف الحمدين في عدم تقبل الشروط الـ13 أنه على حق، مع أن موقف الدول المقاطعة لا يشكل تدخلاً بقدر ما هو تقليل لحجم الأضرار الناتجة من سياسات النظام، كما ينبغي أن يصدم التقرير مؤيدي هذا النظام من أبناء دولة قطر أولاً، لأن السؤال الطبيعي هنا كيف يدعي نظام الحمدين أن تصلُّب موقفه وعناده ناتج من رغبة هذه الدول في الانتقاص من سيادة بلاده، في حين "يبصم" على الاتفاقية العسكرية مع دولة لديها أطماعها، ويصدر تلك الاتفاقية ويعطي الصلاحية الكاملة للرئيس أردوغان لتنفيذها.
بلا شك أن نظام الحمدين يناقض نفسه وبالتالي يرتكب أخطاء "مركبة" في محاولة منه للاستئثار بمظاهر السلطة مع أنه بذلك يضعف نفسه بنفسه ويحطم قدراته على مواجهة أحد ألد أعداء المنطقة وحتى الاحتفاظ بالحد الأدنى من السيادة الوطنية.
يدرك أهل السياسة في دول الخليج العربي وغيرها من الدول العربية والغربية حقيقة سلوك النظام القطري، لأنهم يعتمدون في تقييم موقفهم من منطق أنه كلام "جرائد"، ويدرك أهل السياسة أيضاً أن هناك فرقا بين ما يظهره الحمدين منذ عام 1995 إلى اليوم وبين ما يكون على أرض الواقع الذي لا يظهر في اللحظة نفسها وإنما يحتاج إلى بعض الوقت، فهم لهم منطقهم السياسي الخاص القائم على التدليس والخدع الإعلامية للرأي العام، وبالتالي فالقاعدة تقول كلام الحمدين هو الكلام الحقيقي لحين الافتضاح وكشف الحقيقة!!
هناك تفسيرات عدة لحالة تناقض الحمدين في موضوع السيادة، ففي الوقت الذي يبدو فيه النظام معتداً بنفسه أمام دول يفترض أنها "شقيقة" له وأمنه واستقراره مرتبطان بها، نجده يسلم قراره السيادي لدولة لها أطماعها السياسية في المنطقة وتبحث عن موطئ قدم فيها لتقبل الخضوع السياسي له، وقد يصل به الأمر في النهاية إلى توريطه في خلافات ممتدة مع الجوار الجغرافي له، لأنه فقد عنصر الندية وحتى المساواة في قراره السياسي، وهو أمر يبدو غريباً ولافتاً.
الشيء الذي ينبغي أن يكون واضحاً للجميع أن هناك "أحلاما" مشتركة بين النظام القطري والتركي و"الإخوان المسلمون"، حيث كانت الفوضى الأمنية أو ما كان يسمى بـ"الربيع العربي" جزءاً منها، لذا فإن الاتفاقية العسكرية يبدو أنها أكبر مما هو متعارف عليه في العلاقات الدولية، وأن ما كشفه الموقع السويدي هو جزء بسيط من الحقيقة التي يحاول بعض الناس تجاهلها، وهي أن نظام الحمدين في قطر لا يسعى إلى خدمة الشعب القطري ولا الحفاظ على الأمن العربي بقدر أنه "يخدم" أجندات إقليمية وربما دولية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة