هل هو ترف الحياة الذي توفر لعزمي بشارة لحد أنه أصبح يتمتع بحياة على الأراضي القطرية
كلامٌ يليه كلام، وخطابات سياسية لا تمتُّ للواقع بصلة، ويبقى الكلام موضع تصديق وتكذيب، ولا أحد يعرف حقيقة المجريات الفعلية الدائرة في قطر وما حولها، ولكن وباطلاع شفاف على الحقائق الواقعية نرى أن ليس كل ما تراه أعيننا يجب بالفعل أن يكون واقعياً، حتى وإن كان ملموساً، وفي زمن كثر فيه الكلام، وأخذ كل ذي منصب سياسي سابق موقعاً لا على التعيين، في دولة لا على التعيين أيضاً! يصبح خطيباً كلمته مسموعة ولها أصداء عدة، بغض النظر عن تاريخ هذا الشخص ومهما كان حافلاً بالأحداث والمجريات والوقائع التي لا يمكن إنكارها بعد أن رسم التاريخ خطوطها العريضة.
وهنا نصل إلى السؤال الذي لا مفر منه! ما الذي فعله ويفعله عزمي بشارة في قطر بعد أن قضى فيها عشر سنوات؟ وما سبب ادعائه اعتزال العمل السياسي والتفرغ للعمل الفكري سنة 2017 بالتحديد؟ مع العلم بكل التعقيدات التي حملتها أفكاره بعد رحلة الربيع العربي الذي طال معظم الدول العربية؟ وكيف تحول من أن يكون مؤيداً للشعوب ضد الأنظمة الديكتاتورية الحاكمة لها إلى ناصح ومستشار للفاعلين في الحكومة القطرية؟.
ما هي تبعات القرارات المتخذة من قبل نظام الحمدين والتي تستند محوريا وجوهريا على الإملاءات التي يمليها عليهم عزمي بشارة بعد أن فشل في تنفيذ ما كان يسعى لتحقيقه طوال أعوامه العشر التي قضاها في قطر؟.
ألم يكن المنفى وحده كافياً؟ أم أن التصريحات التي يطلقها عاملٌ في السلك السياسي يكون التدقيق عليها أكثر من تلك التي تصدر عن مفكر سياسي وحسب؟! على الرغم من أن الشرفاء يدركون أن لا ضغط في العالم يستطيع أن يغير مسيرة مفكر سياسي حر مؤمن بمبدأ حقيقي، لكن بالتأكيد كل شيء غير راسخ القواعد، وخاصة إذا كان فكرياً له ثمن وقابل أن يُشترى ما دام أن الكلام أصبح في هذه الأيام كثير ككثرة الرمال، فما هو الثمن الذي دفع بعزمي بشارة لأن يتجاهل الكثير من مبادئه التي نادى بها طوال السنين الماضية؟ وما الذي دفع بتميم لأن يتخذه المستشار الأول له؟
هل هو ترف الحياة الذي توفر لعزمي بشارة إلى حد أنه أصبح يتمتع بحياة على الأراضي القطرية يحلم بأن يعيشها كبار أسرة آل ثاني؟، وهل الأجندة التي وضعها بشارة ستكون لصالح مستقبل قطر وشعبها في الفترة السياسية القادمة؟، وما هي تبعات القرارات المتخذة من قبل نظام الحمدين، والتي تستند محورياً وجوهرياً على الإملاءات التي يمليها عليهم عزمي بشارة، بعد أن فشل في تنفيذ ما كان يسعى لتحقيقه طوال أعوامه العشر التي قضاها في قطر؟.
يؤلمني أن أقول إن القضية الفلسطينية أصبحت المحور الحساس الذي يطرق على سندانه كل من أراد الوصول لمآربه بسرعة، وبسبب تاريخ عزمي بشارة الحافل بين مؤيد وغير معارض للوجود اليهودي الصهيوني في القدس، ودعوته لاتخاذ قرارات بخطوات سياسية خطيرة على الصعيد الفلسطيني الداخلي، وفترات انتخابه في الكنيسيت الإسرائيلي إلى أن تم نفيه سنة 2007 ووجد في وجوده في قطر بصيص نور لتحقيق بعض أحلام الصبا مقابل التخلي عن مبادئه التي كان يحرض من خلالها الشعوب ضد أنظمتها الحاكمة، وأخيراً وجد أرضاً خصبة لرسم وضع جديد للمستقبل القطري بعد اعترافاته وتصريحاته الصريحة بأن إيران لا تشكل خطراً على المنطقة على الإطلاق، وأنها ضمن التشكيلة السياسية الدائمة لضمان التوازن في المنطقة، ولكن أي توازن؟ كما أطلق الترهات بأن لا تأثير لها على الحوثيين كما تؤثر في حزب الله الإرهابي.
وحين ننظر إلى الواقع عن كثب نجد بعض الأسئلة التي تحمل بين طياتها كل الأجوبة المطلوبة؛ من يصنع الصواريخ والأسلحة التي تستخدمها مليشيا الحوثي؟ أليست من صنع إيران؟؟.
كما أنه لا ينكر تورط قطر بدعمها للإرهاب وحسب، إنما ينكر تورط إيران بدعمها للإرهاب أيضاً، وماذا عن الأدلة التي أظهرها المؤتمر العالمي لمكافحة الإرهاب في مدينة ميونخ الألمانية المنعقد بتاريخ 15/ 2/ 2018؟ وماذا عن المبالغ الطائلة التي قدمتها قطر في ظل التظاهرات التي اشتعلت في إيران رغم كل المقاطعات الاقتصادية التي تتعرض لها قطر في الوقت الحالي.
إن التاريخ سيذكر من فكر وكتب وبحث كما يقول عزمي بشارة، لكنه نسي أيضاً أن يقول إن التاريخ سيذكر أيضاً من تسبب بشكل أو بآخر بزعزعة الأمن والأمان وإزهاق أرواح الأبرياء بفعل طرف ثالث أو رابع أو خامس أو شخص من الأشخاص!
إلى متى سيقود عزمي بشارة قطر؟ وإلى أي مستقبل يسوقها بأفكاره وإملاءاته؟
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة