مشكلة قطر الأساسية منذ الانقلاب هي أنها استجابت لأكذوبة مفادها أنه بإمكانها أن تكون دولة مؤثرة في المنطقة وفي العالم، وصدقت من باع عليها تلك الأوهام من المستشارين الذين جلبتهم من الخارج ليرسموا لها سياستها الخارجية بعد الانقلاب
مشكلة قطر الأساسية منذ الانقلاب هي أنها استجابت لأكذوبة مفادها أنه بإمكانها أن تكون دولة مؤثرة في المنطقة وفي العالم، وصدقت من باع عليها تلك الأوهام من المستشارين الذين جلبتهم من الخارج ليرسموا لها سياستها الخارجية بعد الانقلاب، ويأتي على رأسهم المستشار المقرب من الأمير السابق والحالي السيد عزمي بشارة، الذي يحمل الجنسيتين الإسرائيلية والقطرية، وقد تناسى نظام الحكم القطري بعد الانقلاب الأبعاد الجغرافية والتاريخية التي يتعذر معها أن تقوم بأي دور محوري في المنطقة، حتى وإن كانت تمتلك الأموال والتي أصبحت تغدقها بكل سخاء على المعارضين لأنظمة عربية، وتشتري بها أقلاماً خليجية يسبحون بحمدها، ويشيدون بإنجازاتها التي لا يراها إلا هم ومن على شاكلتهم.
لن تتعافى دولة قطر مما هي فيه من هذه المراهقة السياسية إلا بعد أن تعرف حجمها السياسي وتتخلص من أحلام اليقظة الكاذبة التي زرعت في أذهان قادتها
بعد ما يسمى بالربيع العربي وجد النظام القطري الفرصة سانحة لأن يحقق حلمه التوسعي، فأخذ يدعم بكل قوة كل من يملك مثقال ذرة من ثورة، وفتحت شاشات قناتها الثورية (الجزيرة) لهم ولتغطية الأحداث في العالم العربي، والهدف هو إسقاط تلك الأنظمة ووصول جماعة الإخوان المسلمين للسلطة، التي من خلالها تسيطر على المنطقة، لاسيما أن الأب الروحي مقيم في قطر ويحمل الجنسية القطرية، وهي لم تكتفِ فقط بالدول التي اشتعلت فيها الثورات وإنما استهدفت تثوير دول آمنة مطمئنة من بينها البحرين والسعودية والكويت؛ لتكون الوريث الوحيد لعروش تلك الدول فور سقوطها تماماً كما كان يحلم الأمير السابق في التسجيل الشهير مع القذافي، إلا أن شيئاً من ذلك لم يحدث ووجدت أحلامها تصطدم بالواقع ورأت أموالها يبددها الريح فتراجعت بعد ضغط دول الخليج عليها وفي مقدمتهم السعودية لتذعن وتوقع على الاتفاقية، بعد أن سحبت دول الخليج سفراءها في الدوحة، إلا أن التراجع لم يكن سوى تراجع شكلي، فهي واصلت زرع الفتنة والتشغيب على دول الخليج بأذرع إعلامية صنعتها ومولتها، وأدارها عزمي بشارة في الخارج، وبعد النجاح الكبير للقمم التاريخية في الرياض لم تتحمل أن ترى مشروعها يتهاوى فخرج الأمير من الظل إلى النور، وصرح بتصريحاته العدائية تجاه دول الخليج والتي كان وكلاؤه يقولونها في السابق.
لن تتعافى دولة قطر مما هي فيه من هذه المراهقة السياسية إلا بعد أن تعرف حجمها السياسي وتتخلص من أحلام اليقظة الكاذبة التي زرعت في أذهان قادتها، وأن تعود إلى رشدها وصفها الخليجي والعربي، وتتوقف عن دعم من يستهدف أمن دول الخليج والدول العربية.
والكارثة أنك ترى وسط هذه الأجواء أشخاصاً ينتمون إلى هذا الوطن ويحملون جنسيته ودرجوا على دروبه ومع هذا يستبسلون في الدفاع عن تلك التصريحات أو يقاتلون في نفيها دون أن تتحرك مشاعرهم تجاه وطنهم ودون أن تستفز وطنيتهم عبارات الإساءة التي احتواها التصريح المشين، ولو قلت في وطنك معشار ما قالوا في قطر لرأيتهم يصمونك بأنك مطبل أو مسترزق كما قال بعض الإسلاميين مشنعاً عن من يدافع عن وطنه، وهذا غير مستغرب عليهم ونحن نتذكرهم أيام شبابهم عندما أصبحت قوات صدام على مشارف السعودية، فطعنوا وطنهم في خاصرته وأصبحوا طابوراً خامساً في زمن الحرب وهذا ما يؤكد أن جماعة الإخوان المسلمين ومن تعاطف معهم لا أوطان لهم، وأن وطنهم هو مقر جماعتهم، وولاءهم فقط لمرشدهم صاحب البيعة.
* نقلا عن صحيفة "عكاظ"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة