المتتبع لتاريخ السياسة القطرية لأكثر من عشرين عاما لا يستغرب أسلوب التخبط والتذبذب فيها وردة الفعل التي تتبعها تجاه قرار المقاطعة، والمتمثلة في اتباع حكومة قطر لأسلوب "عليّ وعلى أعدائي" غير مبالية بتداعيات الأزمة عليها كدولة على الصعيدين الإقليمي والدولي
المتتبع لتاريخ السياسة القطرية لأكثر من عشرين عاما لا يستغرب أسلوب التخبط والتذبذب فيها وردة الفعل التي تتبعها تجاه قرار المقاطعة، والمتمثلة في اتباع حكومة قطر لأسلوب "عليّ وعلى أعدائي" غير مبالية بتداعيات الأزمة عليها كدولة على الصعيدين الإقليمي والدولي أو حتى على مستوى الشعب واستقرار دولة قطر.
ليس بغريب على دولة قطر أن يكون لديها وزير خارجية يتحدث طوال فترة المقاطعة بأسلوب يفتقر لأبجديات الحوار الدبلوماسي، وأن يكون متحدثها الإعلامي غير ملم بأبجديات المهنة الإعلامية ونزاهتها ليتطاول على حكومات الدول المقاطعة بقمة اللامبالاة واللامهنية؛ فدولة قطر انشغلت عن بناء مؤسساتها ببناء ودعم الاٍرهاب والجماعات المتطرفة والقيام بالدور التخريبي تجاه الدول الشقيقة والعربية.
إن ما دفع الدول المقاطعة نحو اتباع سياسة المقاطعة مع قطر هو سياسة الحكومة القطرية التخريبية تجاه الدول الأخرى ودعمها للإرهاب، ومطالبة تلك الدول قطر بالالتزام بأمن واستقرار منطقة الخليج والتوقف عن دعم الاٍرهاب فكريا ومعنويا وماديا، وَمِمَّا لا شك فيه أن تاريخ دول الخليج المتمثل في الحلم والصبر مع الحكومة القطرية يشهد بذلك، حيث إن قطع العلاقات مع قطر جاء حصيلة تراكمات عديدة من السياسات التخريبية التي تنتهجها قطر في دعم المنظمات والجماعات المتطرفة والإرهابية على مدى أكثر من عشرين عاما، حيث إن الدول المقاطعة سعت بشتى الطرق الأخوية مع دولة قطر كدولة خليجية شقيقة وجارة بحثها بالالتزام بقواعد أمن واستقرار الخليج، إلا أن الحكومة القطرية لم تتوقف عن سياستها التخريبية واستمرت في لعب دور المروج الرئيسي للتطرف والإرهاب في المنطقة، وهذا ما أدى إلى تفاقم الأزمة وبلوغها طريقًا مسدودًا، ومما زاد الأزمة سوءا احتضان الحكومة القطرية لجماعات وأفراد متطرفين تم إدراجهم في قوائم الإرهاب العالمية يستخدمون الإعلام القطري كمنبر من أجل الترويج لأجنداتهم المتطرفة، وعلى رأسهم جماعة "الإخوان المسلمين" الذين انتهزوا فرصة دعم دولة خليجية لهم ولفكرهم لينشروا التعصب في المنطقة للوصول إلى مطامعهم وأهدافهم السياسية المتطرفة.
الحكومة القطرية تسعى لإفهام المجتمع القطري والدولي أن الدول المقاطعة تسعى إلى التدخل في سيادتها وسياستها الداخلية والخارجية، إلا أن هذا الأمر عار من الصحة، وهذا ما أثبته رد المجتمع الدولي على المساعي الدبلوماسية القطرية في هذا الاتجاه.
مما لا شك فيه أن قرار المقاطعة قرار صعب على الدول المقاطعة.. ولكن البراهين والأدلة التي كشفت الدور الرئيسي لحكومة قطر في دعم الاٍرهاب والجماعات المتطرفة على مدى أكثر من عشرين عاما أدت إلى إدراك المجتمع الدولي للأزمة التي دعت الدول المقاطعة لاتخاذ هذا القرار، وهذا بدوره يجب أن يجعل قطر واعية للطريق المسدود الذي تسلكه في تجاهل مطالب الدول المقاطعة.
عندما اتخذت الدول المقاطعة قرارها أصدرت بياناً مفصلا يشرح أسباب قرارها داعمة قراراتها ببيانات وأدلة تثبت الدور القطري في دعم الإرهاب وتدخله في شؤون الدول الداخلية، متضمنا سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها الدول المقاطعة، وقدمت بيانا بينت فيه مطالبها بكل حزم وشفافية وحسب إجراءات القانون الدولي، إلا أن الحكومة القطرية تسعى لإفهام المجتمع القطري والدولي بأن الدول المقاطعة تسعى إلى التدخل في سيادتها وسياستها الداخلية والخارجية، وهذا الأمر عارٍ من الصحة، وهذا ما أثبته رد المجتمع الدولي على المساعي الدبلوماسية القطرية بهذا الاتجاه.
إن سياسة الحكومة القطرية المتناقضة تظهر تخبطا كبيرا في علاقاتها الدولية، حيث إن قطر تريد أن تبقي على كافة الخيارات الدبلوماسية مفتوحة مع كل الدول ماعدا الدول المقاطعة سواء مع إيران أو تركيا أو غيرها من الدول التي لديها مصالح مع قطر، وباتت الفجوة في السياسة القطرية في التعامل مع الأزمة واضحة وتزداد سوءا مع مرور الوقت تحت أنظار العالم أجمع وانتظاره للقرار القطري لمطالب الدول المقاطعة وبات على الحكومة القطرية الرجوع للصواب والاختيار بين إما أن تعود لاستقرارها ولأشقائها ووحدتها الخليجية أو تستمر في الذهاب إلى الهاوية تحت الاستعمارين الطوعيين التركي والإيراني لها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة