مزايدةٌ تشير على الأرجح إلى محاولة التغطية على تأخر قطر في إعلان دعمها الرسمي، مخافة أن تضعها في مواجهة واشنطن
من بوابة مكافحة الإرهاب المزعومة التي تستنجد بها قطر كلما أرادت بسط سجّاد الشرعية لزعزعة الأمم، مرّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ليفجّر شلالات الدم في عفرين السورية، حيث يطارد حلمه الأزلي بتصفية الأكراد.
عمليةٌ عسكرية أطلقت عليها أنقرة اسم «غصن الزيتون»، وهي أقرب للأشواك منها لرمز السلام، جاهدت تركيا في سبيل أن تُبعد عنها جميع الشبهات، وتمنحها كل الضمانات الدعائية التي تجعل منها عملية لمكافحة الإرهاب في ظاهرها، قبل أن تباركها قطر، هذه العملية التي راح ضحيتها حتى كتابة هذه الأسطر 50 بريئاً من المدنيين، جلُّهم نساء وأطفال.
قطر التي احتاجت، رسمياً، 4 أيام فقط كي تختلق أعذاراً لشرعنة حملة حليفها أردوغان في عفرين، كانت قد جنّدت أبواقها الإعلامية منذ الساعات الأولى، للترويج للتدخل التركي، خاصة أن إمارة الحمدين تفتقد هذه الأيام لأي حليف سوى أنقرة، فما كان لها سوى التأييد الرسمي لمجازر أردوغان.
تدخلٌ أعلنته تركيا رسمياً، السبت الماضي، ضد تشكيلات الأكراد في عفرين بريف حلب، وهي منطقة تابعة لما يسمى بـمشروع "الإدارة الذاتية" الكردية المعلنة من طرف واحد شمالي سوريا، قبل أن تتبعه بإعلان انطلاق التدخل البري يوم الأحد.
وفي تصرف متوقع كرد للجميل لأنقرة في دعمها ضمنياً في أزمتها المنسيّة، سارعت قطر بدورها لدعم العملية العسكرية التركية في عفرين، عبر دعم يأتي في شكل توليفة تتقاطع جميع عناصرها عند حقيقة أن الدوحة لا تتوانى في الاصطفاف وراء حليفها؛ حتى حين يتعلق الأمر بقتل المدنيين المحظور في جميع المعاهدات الدولية والمواثيق الإنسانية.
موقفٌ قطري تقف وراءه العديد من العوامل، في مقدمتها العلاقات الوثيقة التي تربطها بأنقرة، بل إن البعض ذهب حد القول بأن تصريح المتحدثة باسم الخارجية القطرية لولوة الخاطر، المنمّق بعبارات تقطر تبريراً لقتل المدنيين الأبرياء، إنما جاءت بأمر من أنقرة.
أوامرُ يرجّح أنها جاءت في وقت بدأ فيه العالم بالحديث عن سقوط مدنيين جراء الضربات التركية على عفرين، ما جعل أنقرة تضغط على زر الدعم الإقليمي والدولي، والذي غالباً ما تؤمنه لها حليفتها قطر.
قطر التي احتاجت، رسمياً، 4 أيام فقط كي تختلق أعذاراً لشرعنة حملة حليفها أردوغان في عفرين، كانت قد جنّدت أبواقها الإعلامية منذ الساعات الأولى، للترويج للتدخل التركي، خاصة أن إمارة الحمدين تفتقد هذه الأيام لأي حليف سوى أنقرة، فما كان لها سوى التأييد الرسمي لمجازر أردوغان.
ولأن المزايدة السياسية كانت سيدة موقف الدوحة، أوردت المتحدثة باسم الخارجية القطرية سبباً لم تحاجج به تركيا نفسها، وهو "حماية وحدة الأراضي السورية من خطر الانفصال".
مزايدةٌ تشير على الأرجح إلى محاولة التغطية على تأخر قطر في إعلان دعمها الرسمي، مخافة أن تضعها في مواجهة واشنطن الممتعضة من حملة تستهدف حلفاءها الأكراد.
غير أن ما أغفلته الدوحة نفسها هو أن موقفها هذا يثبت عليها تهمة دعم قتل الأبرياء، وهو ما يعتبر إرهاباً طالما حاولت إنكار دعمها له، وتسبب في مقاطعتها من قبل السعودية والإمارات ومصر والبحرين منذ يونيو الماضي.
تخبطٌ دبلوماسي وارتباك عجزت الدوحة عن تداركهما حتى بعد انحسار الأضواء على أزمتها وحصولها على عتمة وعزلة، كان المفروض أن يقوداها نحو سبيل الخلاص، وإدراك أن حل أزمتها لا يكون في دعم الإرهاب ومباركة إزهاق أرواح المدنيين الأبرياء، وإنما في مكان قريب جداً منها لا يتجاوز العاصمة السعودية الرياض.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة