"قطر 2022".. عمالة "مستعبدة" وجوع من أجل المونديال
مؤسسات ومنظمات دولية تنتقد بشدة في تقاريرها انتهاك حقوق العمالة الأجنبية العاملة في بناء منشآت كأس العالم بقطر
سجل قطر الأسود بشأن حقوق العمال الأجانب مثار اهتمام وانتقادات منظمات حقوق الإنسان العالمية، فيما وصف الاتحاد الدولي لنقابات العمال في تقرير سابق ممارسات الدوحة في هذا الصدد بأنها "شكل من أشكال العبودية الحديثة".
وللعام العاشر على التوالي، تنتقد مؤسسات ومنظمات دولية منها "هيومن رايتس ووتش"، في تقاريرها الدورية، انتهاك حقوق العمالة الأجنبية في قطر العاملة في بناء وإعداد منشآت كأس العالم.
وأظهرت أحدث تلك التقارير فشل قطر في حماية العمالة الأجنبية لديها خاصة تلك العاملة بمنشآت كأس العالم، فقد بينت عمليات الاستقصاء للمنظمة أن جهود الحكومة وأرباب العمل في تلك المنشآت لم تكن كافية لتلبية الحد الأدنى من الحقوق العمالية.
وقالت "هيومن رايتس ووتش" إن جهود السلطات القطرية لحماية حق العمال الوافدين بأجور دقيقة ومنتظمة غير ناجحة، وأضافت: يستمر عدم دفع الأجور، بخلاف انتهاكات أخرى منتشرة ومستمرة لدى العديد من أصحاب الأعمال والشركات في قطر.
- ميرور البريطانية: عمال مونديال قطر يعيشون أوضاعا "مروعة"
- "ذا إيكونومي كلوب": مونديال قطر يحصد أرواح الآلاف من العمال المهاجرين
عمالة "مستعبدة"
التقرير المؤلف من 71 صفحة يفضح الحكومة القطرية وأرباب العمل الذين يستغلون العمالة الأجنبية للعمل لساعات طويلة، دون أجر، خاصة تلك العمالة في منشآت كأس العالم 2022، التي باتت أشبه بالعمالة المستعبدة.
ولم تنفذ قطر التزامها أمام "منظمة العمل الدولية" في 2017، بحماية العمال الوافدين من انتهاكات الأجور وإلغاء نظام الكفالة، الذي يربط تأشيرات العمال الأجانب بأصحاب العمل.
وفي حالة تلو الأخرى، وجدت هيومن رايتس ووتش انتهاكات أجور منتشرة في وظائف عدة كتلك التي يشغلها حراس الأمن، وعمال المطاعم والمقاهي، وحراس النوادي الليلية، وعمال التنظيف، وعمال البناء.
مونديال قطر 2022
وبعد مرور 10 سنوات على فوز قطر باستضافة كأس العالم 2022، لا يزال العمال الأجانب هناك يعانون من تأخير دفع الأجور بشكل كبير، أو سدادها بخصومات أو عدم السداد في أوقات أخرى.
وتضيف المؤسسة الحقوقية الدولية: "علمنا بعمال في المونديال يعانون من الجوع بسبب تأخير الأجور، وعمال مثقلين بالديون يكدون بالعمل للحصول على أجور ناقصة".
وأجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع أكثر من 93 عاملا وعاملة وافدين يعملون لدى أكثر من 60 شركة أو صاحب عمل، وراجعت وثائق وتقارير قانونية تأكيدا لهذا التقرير.
وبحسب بيانات رسمية، تعتمد قطر على 2 مليون عامل وافد يشكلون 95% من القوى العاملة في البلد؛ العديد منهم يعملون في بناء أو خدمة الملاعب، والنقل، والفنادق، والبنى التحتية لكأس العالم فيفا 2022.
وقال مئات العمال وفق التقرير الحقوقي ،إن أجورهم أُجلت، وحجبت في وقت آخر، بينما قال آخرون إنهم لم يتلقوا أجورهم لأن أصحاب العمل قالوا إن ليس لديهم ما يكفي من الزبائن؛ فيما قال آخرون إنهم لم يحصلوا على أجر الساعات الإضافية، علما بأنهم يعملون أكثر من عشر ساعات يوميا.
كما أكد عمال، وفق التقرير، أن أصحاب العمل استبدلوا عقود العمل الأساسية بعقود ترجح مصلحتهم قانونيا؛ فيما قال آخرون إنهم لم يحصلوا على المدفوعات، المعروفة بـ"المكافآت"، الإلزامية عند نهاية الخدمة؛ وقال 12 عاملا إن أصحاب العمل اقتطعوا من رواتبهم تعسفا.
كورونا
وما زاد سوء الأوضاع العمالية في قطر، تفشي فيروس كورونا، إذ تذرع بعض أصحاب العمل بالوباء لوقف الأجور، فيما قال بعض العمال للمنظمة الدولية إنهم لا يستطيعون حتى شراء الطعام.
وتبدأ رحلة الظلم بحق العمالة الأجنبية في قطر، قبيل استقدامهم من بلدانهم الأم، إذ يطلب منهم أرباب العمل تأمين بين 700 و2600 دولار للحصول على عمل في قطر ما يعني بدء رحلة الاستدانة قبل بدء اليوم الأول من العمل.
وقال مايكل بيج نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "سنت قطر بعض القوانين لحماية العمال الوافدين، لكن يبدو أن السلطات مهتمة بالترويج لهذه الإصلاحات الطفيفة في وسائل الإعلام أكثر من إنجاحها".
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2019، أعلنت الحكومة عن إصلاحات مهمة من شأنها أن تضع حدا أدنى غير تمييزي للأجور لجميع العمال الوافدين في قطر، وتسمح لهم بتغيير وظائفهم أو تركها دون موافقة صاحب العمل. إلا أن ذلك لم يحصل على أرض الواقع بشكل واضح.