العالم يمنع "الحمدين" من العبث بالتكنولوجيا العسكرية
شركات السلاح العالمية ترفض التعاون مع قطر لإنتاج أي تكنولوجيا عسكرية في ظل سياستها المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة.
رفض عالمي متنامٍ لمحاولات تنظيم "الحمدين" المستمرة لنقل التكنولوجيا العسكرية لقطر والحصول على الملكية الفكرية لبعض التقنيات العسكرية، وخصوصا في ظل سياساته المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة والداعمة للتنظيمات الإرهابية.
فقبل ٣ سنوات، رفضت عدة دول الدخول مع وزارة الدفاع القطرية في شراكة لإنتاج طيارة بدون طيار.
وقبل أيام تم الكشف عن تراجع شركة بريطانية عن المشاركة في تصنيع أول مقاتلةٍ حربيةٍ تركية محلية الصنع، بعد خلافاتٍ نشبت بينها وبين الجانب التركي، على خلفية محاولة أنقرة إدخال وزارة الدفاع القطرية شريكاً فيه، عبر شركةٍ تمتلك الوزارة حصةً كبيرةً من أسهمها.
وفي ظل الرفض العالمي المتتالي لمحاولات قطر الحصول على التكنولوجيا العسكرية، أثار تنظيم الحمدين غضب أمريكا حين أعلنت الدوحة الإثنين أنها ما زالت تدرس شراء نظام أس-400 الدفاعي الصاروخي الروسي، وهو ما يعني تهديدا لأكبر قاعدة لها في الشرق الأوسط الموجودة على الأراضي القطرية.
كما حذرت صحيفة أمريكية من إساءة استخدام تركيا اتفاقا عسكريا مع قطر يمنح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السيطرة الكاملة على الأراضي القطرية.
أول طيارة قطرية.. فشل ذريع
نما التوجه العام لقطر حول نقل التكنولوجيات الحديثة وصناعة الطائرات والتقنيات العسكرية مع بداية إدراكها أن ملف دعمها للإرهاب سيتكشف أمام العالم آجلا أو عاجلا.
بدأ طموحها في هذا الصدد يظهر للعلن قبل سنوات، وفي ٢٩ مارس/آذار ٢٠١٦، كشف خالد بن محمد العطية وزير الدولة لشؤون الدفاع في قطر أن بلاده تقيم مشروع إنتاج طائرة بدون طيار بالتعاون مع الجانب الألماني وقد وصل إلى مراحل متقدمة، وإنه ستكون هناك طائرة قطرية في سماء الدوحة عام ٢٠١٧.
وعقب تصريح العطية تم نشر تفاصيل حول المشروع والدول المشاركة به والبنية التحتية للمشروع الجاري إنشاؤها في قطر، بل ومضت وسائل إعلام الحمدين أبعد من ذلك، معلنة بأن هناك طلبات عالمية على الطائرة القطرية.
ونقلت وكالة الأنباء القطرية الرسمية عن مسؤول عسكري قطري آنذاك أنه سيتم تصنيع الطائرة بدون طيار، بالتعاون مع الجانب الألماني داخل قطر، وبين أنه جار الآن وضع البنية الأساسية الصناعية لها على أن يكون منتصف العام ٢٠١٧ هو بدء إنتاجها في الدولة.
وأوضح أنه عند إطلاق المشروع تم الاتفاق على أن تكون الحقوق الفكرية ملكا لدولة قطر.. مؤكدا أن حق الملكية الفكرية بداية أساسية لتطوير المشروع في جميع مراحله كيفما نريد وإلى أبعد مدى.
ونوه إلى أن المشروع تشارك في مراحله عدة دول مختلفة منها ألمانيا وأمريكا وبولندا وفرنسا بهدف الحصول على منظومة صناعية متكاملة تخدم القوات المسلحة القطرية.
ومرت أعوام ٢٠١٧ و٢٠١٨ ودخل عام ٢٠١٩ ولم ير القطريون لا الطائرة القطرية ولا البنية التحتية لتصنيعها، واختفى الحديث في وسائل الإعلام عنها تماما، وسط توقعات برفض الدول التي كانت تحاول قطر الشراكة معها إمداد تنظيم الحمدين بتلك التكنولوجيا أو التعاون معه في ملف التصنيع العسكري، ومني المشروع بفشل ذريع.
محاولات مستمرة وفشل متواصل
وأمام رفض العالم التعاون مع تنظيم الحمدين، كان الحليف الأردوغاني (الرئيس التركي رجب طيب أردوغان) جاهزا ومرحبا عبر عدة مشاريع شراكة عسكرية سرية وعلنية، في مقابل شيك قطري على بياض يصرف من ثروات الشعب القطري لتمويل تلك المشروعات، مع منح تنظيم "الحمدين" أردوغان السيطرة الكاملة على أراضي البلاد بموجب اتفاقية عسكرية وإتاحة الدولة كساحة تجارب لمعدات تركيا العسكرية.
وبحكم سوابق كل من الدوحة وأنقرة في دعم الإرهاب والجماعات المصنفة إرهابيا، بدا التعاون القطري التركي في ملف التصنيع العسكري مقلقا لدول العالم، وبدأت كثير من الدول مراجعة خطط التعاون معهما، كان آخرها إعلان مجموعة «رولز رويس بي إل سي» البريطانية، وهي ثالث أكبر شركةٍ منتجةٍ لمحركات الطائرات في العالم التراجع عن المشاركة في تصنيع أول مقاتلةٍ حربيةٍ تركية محلية الصنع، بحسب ما كشفت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية قبل يومين .
وأشارت الصحيفة إلى أن المجموعة تراجعت عن المشاركة في المشروع -الذي كان يستهدف تطوير محركٍ للجيل الخامس من مقاتلةٍ تركيةٍ من طراز «تي إف - إكس»- بعد خلافاتٍ نشبت بينها وبين الجانب التركي، على خلفية محاولة أنقرة إدخال وزارة الدفاع القطرية شريكاً فيه، عبر شركةٍ تمتلك الوزارة حصةً كبيرةً من أسهمها، في إشارة إلى «بي إم سي باور» -وهي شركةٌ تابعةٌ لـ«BMC» تشارك في جهود تطوير الجيل الخامس من المقاتلة التركية.
يذكر أن 25.1% من أسهم شركة BMC ملك لعائلة أوزترك، و25% من الأسهم ملك لرجل الأعمال المقرب من أردوغان وحزب العدالة والتنمية أدهم صانجاك، بينما تمتلك القوات المسلحة القطرية 49.9% من أسهم الشركة.
ويتردد في أنقرة أن أردوغان هو المالك الحقيقي لشركة "بي إم سي"، وأن "صانجاك" مجرد قائم على رعاية المصالح التجارية للرئيس التركي.
وكانت «رولز رويس» تسعى للتقدم بعطاءٍ لتطوير هذا المحرك بالتعاون مع مجموعة «كالي» التركية للصناعات، ولكن المجموعة البريطانية قررت التراجع عن المضي قدماً على هذا الطريق، بعد الفشل في التوصل إلى حلولٍ وسط القضايا العالقة مع الأتراك، والتي شملت كذلك «خلافاً حول مسألة المشاركة في حقوق الملكية الفكرية» المتعلقة بالمحرك المزمع تطويره.
وأفادت الصحيفة البريطانية بأن «رولز رويس» أوضحت «مراراً وتكراراً أنها غير راغبةٍ في مشاركة حقوق الملكية الفكرية الخاصة بها»، مع الشركة التركية التي تدخل قطر شريكاً فيها،في ظل مخاوف «رولز رويس» من تسرب التقنيات العسكرية الخاصة بها إلى قطر.
ويشكل هذا القرار انتكاسةً كبيرةً لمشروع المقاتلة «تي إف - إكس» من جانب ومن جانب آخر انتكاسة للشراكة القطرية التركية في مجال التصنيع العسكري، الذي كان مشروع المقاتلة أهم المشروعات بها.
غضب أمريكي.. وتحذير
ولم تمر ساعات على تلقيها الصفعة البريطانية، حتى أثارت قطر استياء واشنطن، بعد إعلانها الإثنين أنها ما زالت تدرس شراء نظام أس-400 الدفاعي الصاروخي الروسي، في خطوة من شأنها تهديد أكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط الموجودة على الأراضي القطرية وخصوصا في ظل إصرار قطر على دعم جماعات مصنفة كتنظيمات إرهابية سواء في واشنطن أو في عواصم حليفة لها في المنطقة.
وقال وزير الخارجية القطري، محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، في أعقاب لقائه بنظيره الروسي، سيرغي لافروف، إن قطر تسعى للحصول على صواريخ "إس-400" من روسيا.
وبين أن طلب بلاده الحصول على صواريخ "إس-400" من روسيا "قرار سيادي".
ويرى مراقبون أن الدوحة لا تستطيع أن تواجه الغضب الأمريكي المتوقع حال مضيها في تلك الصفقة، مشيرين إلى بدائل كثيرة محتملة منها فرض عقوبات على قطر أو نقل القاعدة العسكرية الأمريكية خارج قطر، محذرين الدوحة من أنها تلعب بالنار وأن تركيا لن تستطيع أن تقدم لها أي شيء.
ووسط العبث القطري المتواصل بأمن المنطقة؛ حذرت صحيفة أمريكية من إساءة استخدام تركيا الاتفاق العسكري التركي - القطري الذي تم توقيعه مؤخراً، ويعطي لأردوغان السيادة على الأراضي القطرية.
وقال موقع صحيفة «ذا ديلي كولر»، إن العواصم العالمية تراقب عن كثب كيف سيكون رد وزارة الخارجية الأمريكية، ومجلس الأمن القومي الأمريكي على حشد القوات التركية في قطر، التي تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط.
وأوضح الموقع الأمريكي أن الاتفاق بين قطر وتركيا المسمى «اتفاقية التنفيذ بين حكومة جمهورية تركيا ودولة قطر بشأن نشر القوات التركية في أراضي قطر»، الذي تم توقيعه في 28 أبريل/ نيسان عام 2016، يشير لأول مرة منذ 101 عام إلى أنه سيكون هناك وجود عسكري تركي في الخليج.
ويمنح الاتفاق، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الحرية في استباحة أراضي الدولة القطرية، ويسخر قوة حلف الناتو لتعزيز مصالحه الخاصة.
ويتخوف مراقبون من إساءة تركيا استخدام ما تمنحه قطر للرئيس والجيش التركي.
ونقلت الصحيفة عن رونالد ساندي، المؤسس المشارك لمركز «بلو ووتر انتيليجانس» للدراسات الأمنية، أن الاتفاق التركي القطري مجرد خدع، وألاعيب من الدولتين، ويجب أخذ الحذر.
وكان ساندي، وهو كبير محللين سابق في المخابرات العسكرية الهولندية، وناقد صريح لقطر، واحداً من ضمن أكثر من 1200 شخص تم اختراق ملفاتهم وحساباتهم الإلكترونية الشخصية كجزء من جريمة قرصنة متقنة، نفذتها الدوحة.
قطر ساحة تجريب لتركيا
وأعلنت أنقرة قبل شهر تسليم الدوحة 6 طائرات محلية بدون طيار من طراز "بيرقدار TB2"، تعد قطر أول مشترٍ لها خارج تركيا.
وليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها تجريب أسلحة تركية في قطر، ففي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أجرت شركة “أسيلسان” التركية المتخصصة في الصناعات العسكرية والإلكترونية، تجربة على الأراضي القطرية، لاختبار أحدث أسلحتها محلية الصنع، سلاح "صرب – ظفر".
واستغلت تركيا أزمة قطر، إثر مقاطعة الدوحة من الدول الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) منذ 5 يونيو/حزيران 2017، حيث باتت عقود التسليح والمشاريع الاستراتيجية تذهب لأنقرة، ففي مارس/آذار الماضي، وقّعت قطر اتفاقية مع تركيا لشراء 556 آلية مدرعة، واتفاقية مع شركة تركية لإنشاء قاعدة عسكرية بحرية شمالي البلاد.
أيضاً كشفت البنود السرية في الاتفاق العسكري بين قطر وتركيا الذي نشره الموقع السويدي "نورديك مونيتور" مؤخرا، عن أن الاتفاق يُلزم قطر بتقديم قائمة طويلة جداً من الخدمات المجانية للجنود الأتراك مما لم يسبق أن وافقت عليه أي دولة.
كما أن الأخطر في هذا المجال هو ما أوردته الفقرة الثانية من المادة السادسة من الاتفاقية، التي تفرض على الجانب القطري أن يتكفل بتكاليف العقود التي يبرمها الأتراك مع أي طرف أو شركة، من أجل الحصول على الخدمات التي لا تستطيع الحكومة القطرية أن تقدمها بشكل مباشر، وهو ما يعني أن الجيش التركي قد يبرم عقوداً بملايين الدولارات مع شركات محلية أو أجنبية أو ربما تركية، ومن ثم تقوم الحكومة القطرية بسداد هذه الأموال من خزينتها، بموجب هذه الاتفاقية.
ولا تتضمن الاتفاقية ما يشير إلى تاريخ انتهاء وجود القوات التركية، كما لا يوجد ما ينص على إطار زمني لخروجهم، وهو ما يعني أنه استغلال طويل الأمد.