تستثمر السلطات القطرية أموالاً قارونية في الميديا، صراحة وخفية، عبر مؤسسات ومن خلال أفراد، داخل دول بعيدة كل البعد عن صحراء وشواطئ قطر
الحكمة القديمة تقول: الشيء إذا زاد عن حدّه انقلب ضدّه، أو: ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع. ربما ينطبق هذا على الأخطبوط الإعلامي القطري العالمي الذي تخبط وتلبط أطرافه ذات اليمين وذات الشمال.
تستثمر السلطات القطرية أموالاً قارونية في الميديا، صراحة وخفية، عبر مؤسسات ومن خلال أفراد، داخل دول بعيدة كل البعد عن صحراء وشواطئ قطر، في المقلب الآخر من العالم، وتملأ الدنيا ضجيجاً وطبلاً وزمراً، بألسنة كثيرة.
خطر في نفسي القول إن قلة النشاط السعودي الإماراتي المصري البحريني، في الميديا العالمية الغربية، الذي كان موضع نقمة وانتقاد من قبل بعض نخب هذه الدول، وأنصار خطها السياسي عربياً وعالمياً، ربما كان «خيراً» وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم
لكن التمدد خارج المنطق الطبيعي لا بد أن تعاقبه الطبيعة نفسها، وهنا نتحدث عن الطبيعة السياسية.
الخبر يقول إن التحضير جار في الكونجرس الأمريكي لسنّ قانون يلاحق مؤسسات إعلام قطرية، وبحسب صحيفة «ديلي بيست» الأمريكية تأتي قناة «الجزيرة إنجلش» على رأس قائمة القنوات التلفزيونية، التي يستهدفها القانون الجديد، الذي قام بتبنيه مجموعة من أعضاء الكونجرس الجمهوريين المحافظين، بعدما وضعوا المواد التي تبثها القناة القطرية تحت المجهر لمدة عام تقريباً، بهدف التحقق من صحة الاتهامات بشأن استخدامها كبوق يروج لسياسة كيانات، تصنفها واشنطن جماعات إرهابية.
مساعد أحد أعضاء الكونجرس الجمهوريين المهتمين بإنفاذ القانون الجديد، كشف عن أنه سيتم التدقيق في الوسائل والمنصات الإعلامية القطرية الأخرى أيضاً.
كما أشار المصدر نفسه في تصريح لصحيفة «ديلي بيست» إلى أن «القطريين يقومون بإدارة منصات أخرى مثل (ميدل إيست آي)، ومنصات رقمية، يتخذ بعضها الولايات المتحدة مقراً لها، ويقوم البعض الآخر بالبث من خارج الأراضي الأمريكية ويتم نشر مقاطع منه، عبر منصات اجتماعية مثل (تويتر) و(فيسبوك)، بواسطة برامج الروبوت».
القانون يشمل أيضاً التمدد الروسي الإعلامي داخل أمريكا، والحديث عن «روسيا اليوم» ومنصة «سبوتنيك»، غير أن الحديث عن نفوذ إعلامي روسي -بصراحة- مفهوم، فروسيا دولة عظمى، ولها خلافات حادة مع أمريكا، ومع ذلك، ها هي تطارد من مشرعي أمريكا، لكن غير المفهوم ولا المستساغ أن تستميت دولة غنية قليلة السكان على ضفاف الخليج، بحشر نفسها في صراع الأفيال!
خطر في نفسي القول إن قلة النشاط السعودي الإماراتي المصري البحريني، في الميديا العالمية الغربية، الذي كان موضع نقمة وانتقاد من قبل بعض نخب هذه الدول، وأنصار خطها السياسي عربياً وعالمياً، ربما كان «خيراً» وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم!
طبعاً أقول هذا من باب التندر، ولكن ها هي قطر الحالية، تجني الحصاد المرّ من خطها السياسي العالمي الإعلامي المتهور واللاعاقل. وقديماً قال الشاعر:
يقضى على المرء في أيام محنته
حتى يرى حسناً ما ليس بالحسن!
نقلا عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة