تتعامل دول الخليج مع المتغيرات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وانعكاساتها على هذه الدول بحكمة بالغة وبتأنٍ مدروس
تتعامل دول الخليج مع المتغيرات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وانعكاساتها على هذه الدول بحكمة بالغة وبتأنٍ مدروس، وقد كانت هذه الدول تتصدى للقضايا الرئيسية في المنطقة، وعلى رأسها التدخلات والتهديدات الإيرانية، والتعامل مع الجماعات المتطرفة، والإرهاب المنظم، وانهيار استقرار العديد من الدول بسبب ما عرف بـ"الربيع العربي"، وصولاً إلى صعود المليشيات وانهيار بنية الأنظمة في دول عربية، باستراتيجية هادئة وبإدراك لما وراء الأحداث.
لا يمكن مقارنة الخسائر في التحرك بما يمكن أن ينجم من خسائر إن لم تتخذ دول الخليج أي موقف في مواجهة الأخطار التي تحدق بالعالم العربي والإسلامي، فمن الحكمة أحياناً ألا نقف موقف المتفرج، وأن نكون أكثر جرأة في مقارعة الأعداء، من أجل السلام الذي ننشده، لأننا سنخسر أكثر إن لم نفعل
وقد شهدت السنوات الأخيرة مبادرات نقلت المشهد السياسي في الخليج إلى موقع الفاعلية ومركز الثقل، حيث استلمت دوله زمام المبادرة، لا سيما بعد الفراغ الكبير الذي شهدته المنطقة بعد عام ألفين وأحد عشر، هذه الفاعلية لم تعجب الكثيرين ممن تضاربت مصالحهم مع التوجهات الجديدة، دولاً وجماعات كالإخوان، والجماعات الجهادية والتنظيمات المرتبطة بإيران وتركيا، ما حدا بهم إلى محاولة النيل من تلك التوجهات الإيجابية، والتقليل من جدواها ومحاربتها ليل نهار على شتى وسائل الإعلام، وشراء الأقلام والذمم من أجل ذلك، واستخدام الكذب والتلفيق .
لقد بادرت هذه الدول إلى وضع استراتيجية وخطط شاملة في مواجهة الأخطار والتدخلات الخارجية، وتحصين الجبهة الداخلية، ومواجهة المشاريع التوسعية بقوة وحزم، فنجحت في تلك التحركات واستطاعت أن تخط لنفسها خطاً سياسياً ثابتاً واضحاً وصريحاً لا يناقش على الأمن والسيادة.
" لكن، ما الداعي إلى هكذا توجهات فيما نستطيع أن نهادن ونصالح وننأى بأنفسنا عن المشكلات؟" يقول قائل: وكأن المهادنة والسلام خيار في ظل الأطماع المحيطة، والأيديولوجيات الدوغمائية المتربصة بخيرات دول الخليج ومواردها ومقدساتها، في حين تقترب دائرة الأخطار يوماً بعد يوم، فهذا اليمن، وذاك العراق وسوريا وغيرها من الدول التي اصطلت بنار الجماعات الإرهابية والتدخلات الخارجية السافرة، وليست هذه الدول ببعيدة.
الدواء بطبيعة الحال مر لكنه ضروري، ولا يمكن مقارنة الخسائر في التحرك بما يمكن أن ينجم من خسائر إن لم تتخذ دول الخليج أي موقف في مواجهة الأخطار التي تحدق بالعالم العربي والإسلامي، فمن الحكمة أحياناً ألا نقف موقف المتفرج، وأن نكون أكثر جرأة في مقارعة الأعداء، من أجل السلام الذي ننشده، لأننا سنخسر أكثر إن لم نفعل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة