آل مرة وانتهاك قطر لحقوق الإنسان في ندوة بالأمم المتحدة
الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان عقدت في نيويورك ندوة بعنوان "حقوق الإنسان في قطر، الشيخ طالب بن شريم مثال صارخ".
ضمن فعاليات الدورة السادسة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، نظمت الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان ندوة بعنوان ”حقوق الإنسان في قطر، الشيخ طالب بن شريم مثال صارخ“.
وخلال الندوة، عبّر المشاركون، وعلى رأسهم سرحان سعدي المنسق العام للفيدرالية العربية، عن أسفهم الشديد ومتابعتهم ببالغ القلق قيام حكومة دولة قطر بإسقاط الجنسية عن شيخ قبيلة آل مرة “طالب بن محمد بن لاهوم بن شريم” وعائلته المكونة من 54 شخصا -من بينهم أطفال ونساء- ومصادرة أموالهم دون وجود مسوغات قانوينة وبشكل تعسفي.
واتفق المشاركون بعد سماعهم شهادات حية من أبناء عشيرة الغفران، على أن هذا العقاب الجماعي بنزع جنسية 55 من أفراد العشيرة يُعَد تعسفا واضحا من قبل الحكومة القطرية ضد مواطنيها ويُعَد خروجا صارخا عن مبادئ حقوق الإنسان، وانتهاكا مباشرا لنصوص القوانين الدولية التي تنظم عمليات منح الجنسية وسحبها، وفق آليات وضوابط معينة، خاصة أن قرار الحكومة القطرية جاء بشكل مفاجئ ودون أي مبررات أو مسوغات قانونية، ولم يكن مبنيا على أي أحكام قضائية أو محاكمات عادلة. بل إن هذا القرار الجائر شمل أطفالا ونساء فقط لكونهم ينتمون إلى أسر طال بعض أفرادها الانتقام الممنهج لكونهم مارسوا حقوقهم الطبيعية في حرية التنقل وحرية الرأي والتعبير.
واعتبر المشاركون بالندوة أن العقوبة الجماعية في حق شيخ قبيلة آل مرة وعائلته المكونة من 54 شخصا عرضت هؤلاء الأشخاص، وعلى وجه الخصوص النساء والأطفال للتشريد والحرمان من حقوقهم وحرياتهم الأساسية والمتمثلة في الصحة والتعليم والسكن والعمل والتنقل والتعبير وغيرها من الحقوق والحريات المنصوص عليها في مختلف المواثيق والاتفاقيات الدولية التي صدقتها حكومة قطر وتعهدت بحمايتها وتعزيزها وتوفيرها لجميع مواطنيها والقاطنين على أراضيها.
وأكدوا، ومعهم الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان، أن القانون الدولي لحقوق الإنسان يقر بحق الدول في أن تقرر من هم رعاياها، بيد أنه شدّد على أن ذلك الحق ليس مطلقا، حيث يجب خضوع مثل تلك الإجرءات للاعتبارات القانونية، وينبغي على الحكومات كافة الامتثال لالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان فيما يتعلق بمنح الجنسية والتجريد منها، ويمنع الحرمان التعسفي من الجنسية؛ لأنه يزيد فعلا من حرمان الأشخاص المتضررين، ويرفع احتمال تعرضهم لانتهاكات حقوق الإنسان، ويهدد حياتهم ومستقبل أطفالهم. كما أن القوانين الدولية تشدد على منح من تعرضوا لسحب الجنسية حق التظلم أمام المحاكم، وتوفير الفرص كافة لهم لإبداء وجهات نظرهم، وفق محاكمات عادلة تنسجم مع القانون الدولي.
وأشار المشاركون في الندوة إلى أن قرار الحكومة القطرية الجائر ضد شيخ قبيلة آل مرة وعائلته يمثل انتهاكا للعديد من نصوص وقواعد القانون الدولي التي تؤكد حق الفرد في التمتع بجنسية ما وتحظر على الدول الأطراف فيها (كما هو الحال بالنسبة لدولة قطر) الحرمان التعسفي للأفراد من الجنسية، حيث نصت المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بأن “لكل فرد حقا التمتع بجنسية ما” ، و “لا يجوز، تعسُّفًا، حرمانُ أيِّ شخص من جنسيته ولا من حقِّه في تغيير جنسيته”.
كذلك نصت المادة (7) من اتفاقية حقوق الطفل بحق الطفل منذ ولادته باكتساب الجنسية وعلى الدول احترام حق الطفل في الحفاظ على هويته بما في ذلك جنسيته، كما أن المادة 8 من اتفاقية حقوق الطفل أيضا تحمي هوية الطفل، بما في ذلك جنسيته، من أي تدخل غير مشروع – وهو حكم يمكن، إذا قُرئ بالاقتران مع المادة 3 (مصالح الطفل الفضلى) والمادة 7 (الحق في جنسية) من الاتفاقية، أن يحول دون فقدان طفل ما لجنسيته في سياق إجراءات التبني أو الاعتراف بالنسب أو إثبات النسب أو أي إجراءات أخرى.
كما ينص القانون الدولي على أن جنسية المرأة ينبغي ألا تتأثر بصورة آلية كنتيجة للزواج أو الطلاق على نحو ما تنص عليه اتفاقية عام 1957 بشأن جنسية المرأة المتزوجة، وهذا ما تؤكده الفقرة 1 من المادة 9 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. بل إن اتفاقية خفض حالات انعدام الجنسية لعام 1961 تتضمن حكما صريحا ينص على أنه لا يجوز أبدا أن يؤدي ترتيب فقدان الجنسية في سياق تغير في الحالة المدنية للشخص إلى انعدام الجنسية.
وأكدت الفيدرالية العربية أن هذا القرار الجائر الذي اتخذته السلطات القطرية ضد شيخ قبيلة آل مرة وعائلته يُعَد انتهاكا لنصوص الدستور القطري الذي نص في المادة (18) على أن المجتمع يقوم على دعامات العدل والإحسان والحرية والمساواة ومكارم الأخلاق، وأكد في المادة (19) صيانة الدولة لدعامات المجتمع وكفالة الأمن والاستقرار وتكافؤ الفرص للمواطنين، كما نصت المادة (20) من الدستور على توطيد روح الوطنية والتضامن والإخاء بين المواطنين كافة. بل إن هذا القرار القطري الجائر يُعَد خروجا صريحا على نص المادة 29 (1) من الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي نص صراحة ”لكل شخص الحق في التمتع بجنسية ولا يجوز إسقاطها عن أي شخص بشكل تعسفي أو غير قانوني”. كما أن السلطات القطرية لم تكفل حق هؤلاء الأشخاص الذين تم إسقاط جنسيتهم من التظلم أو الطعن أمام القضاء لضمان ألا تكون قرارات إسقاط الجنسية قد تمت بشكل تعسفي إعمالا لأحكام المادتين 13 و29 من الميثاق، وتمكين الأشخاص الذين تتم إسقاط جنسيتهم من التظلم أو الطعن أمام القضاء على القرارات الصادرة بذلك، وضمان ألا تؤدي تلك القرارات لنشوء حالات انعدام الجنسية.
وطالبت الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان المجتمع الدولي بالتحقيق في الانتهاكات القطرية ضد شيخ قبيلة آل مرة وعائلته، كما ناشدت جميع المؤسسات والمنظمات الحقوقية والإنسانية داخل وخارج دولة قطر بالقيام بدورها ورصد تلك الانتهاكات والوقوف إلى جانب هؤلاء المتضررين، وتعزيز قيم الحماية والمناصرة لكل ذي حق محروم بشكل جلي وواضح ولا لبس فيه.
وأكدت الفيدرالية أن السكوت عن هذا التعسف الصارخ، والانتهاك الفاضح، والعقاب الجماعي لأبرياء لا ذنب لهم سوى أن السلطة في قطر رأت وجوب معاقبتهم هو بمثابة المشاركة فيه ويعد مساسا بمصداقية حقوق الإنسان وقيمها العالمية، بل إن تعرض تلك القبيلة وافرادها لأي خطر هو مسؤولية جميع الأطراف المعنية داخل قطر وخارجها، وعلى وجه الخصوص اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان التي لم تلتفت لهذا الانتهاك، وأصبحت مؤخرا تنفذ السياسة القطرية الجائرة وتخلت عن الدفاع عن مبادئ حقوق الإنسان.
وأخيرا، دعت الفيدرالية العربية الحكومة القطرية إلى سرعة إلغاء هذا القرار التعسفي، وإعادة الجنسية إلى الشيخ طالب بن محمد بن لاهوم بن شريم آل مرة وعائلته، إضافة إلى أموالهم التي تمت مصادرتها لما يمثله هذا القرار من اعتداء على حقوق الإنسان الأصيلة ولما يمثله من عقوبة غير مسوغة قانونيا. فهم لم يقوموا بأي أعمال إرهابية أو غير قانونية، ولم تصدر بحقهم أي احكام قضائية. كما تدعو السلطات القطرية إلى احترام حرية الرأي والتعبير التي كفلها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وجميع المواثيق والصكوك الدولية ذات الصلة.